تتسلّم وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية اللبنانية من مؤسسة "ديلويت اند توش" الدولية مشروع القانون الخاص بإعادة تنظيم الوزارة في نهاية آب اغسطس الجاري لصوغه نهائياً واحالته على مجلس الوزراء لإجازته، وعلى المجلس النيابي لإقراره. من جهة أخرى، قال وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية اللبناني، عصام نعمان، ان منح أي رخصة جديدة في قطاع الهاتف الخليوي سيقترن هذه المرة باستيفاء مبلغ "مقدم"، من دون أن يكشف قيمته. وتدخل مسألة وضع هذا القانون في اطار التخصيص الجزئي لقطاع الهاتف الثابت في لبنان. وقال وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية في حديث أجرته معه "الحياة": ان "مجلس الوزراء اتخذ في شباط فبراير الماضي قراراً بإعادة تنظيم الوزارة على نحو يؤدي الى قيام مؤسسة استثمارية كبرى تعنى بكل قضايا الإنشاء والتجهيز والاستثمار والصيانة في قطاع الاتصالات من جهة والبريد من جهة أخرى. ولتنفيذ هذا القرار في شكل علمي، دعوت الى ورشة عمل عُقدت في نيسان ابريل الماضي وشارك فيها خبراء لبنانيون ومن البنك الدولي. وأضاف الوزير "ان التوصيات التي انتهت اليها الورشة تطابقت مع الدراسات التي كنت أعددتها بالاشتراك مع مستشاري الفنيين والاقتصاديين، والتي تؤدي الى قيام مؤسسة للرقابة على أعمال الشركتين العامتين المزمع انشاؤهما في قطاعي الهاتف الثابت والبريد. على أن تكون هذه المؤسسة مستقلة كلياً عن الوزير الذي يصبح، وفقاً للتنظيم الجديد، مسؤولاً عن رسم السياسات ولا يتدخل في أعمال الانشاء والتجهيز والاستثمار والصيانة ولا في أعمال الرقابة الدائمة على الشركتين". وأشار نعمان الى أن "ورشة العمل أوصت باعتماد التخصيص الجزئي لقطاع الهاتف الثابت"، موضحاً "ان المقصود بذلك أن تبيع الدولة مالكة أسهم الشركة العامة للاتصالات Liban Telecom جزءاً من أسهمها الى شريك رئيسي في القطاع الخاص". وقدّر ان يؤدي "بيع هذا الجزء، الذي يمثل 25 في المئة من مجموع الأسهم، الى رفع قيمة الأسهم الأخرى، بحيث تكون الدولة مخيَّرة لاحقاً بين بيع المزيد من الأسهم بأسعار أعلى أو الاحتفاظ بها إذا كان مردودها عالياً". وقال الوزير انه في "نتيجة التوصيات، ستضع مؤسسة ديلويت اند توش الدولية إطاراً تشريعياً قانون لإعادة تنظيم الوزارة، على أن يسلّم اليها في نهاية آب أغسطس الجاري، لتضعه في صيغته النهائية وتحيله على مجلس الوزراء لإجازته، ثم على المجلس النيابي لإقراره نهائياً". وعن قطاع الهاتف الخليوي، أشار نعمان الى ان مجلس الوزراء "قرر بناء على اقتراحي التعاقد مع مؤسسة استشارية دولية بطريقة استدراج العروض يُطلب منها وضع دراسة متكاملة قانونية واقتصادية وفنية وتسويقية لواقع قطاع الاتصالات الخليوية في لبنان، حاضراً وفي المستقبل المنظور، مع اقتراح خيارات للدولة لما يتعين عليها عمله حيال شركتي الهاتف الخليوي اللتين تستثمران هذا القطاع في لبنان. وقال ان "عملية استدراج العروض آلت الى التعاقد مع مؤسسة Booz Allen and Hamilton الدولية لوضع هذه الدراسة التي ستنجز في مهلة أقصاها منتصف أيلول سبتمبر المقبل". وأوضح أن "من شأن هذه الدراسة الإحاطة بكل أبعاد صناعة الهاتف الخليوي واستثماره، وبالتالي توفير قاعدة معلوماتية واسعة للمفاوض اللبناني ليتمكّن من التفاوض مع الشركتين من موقع علمي وقوي للحصول على أفضل النتائج". ورداً على سؤال عما إذا كانت العودة الى المفاوضات رهن بهذه الدراسة، قال نعمان: "لم نكن منخرطين في مفاوضات رسمية مع الشركتين، بل كنّا نجري محادثات تمهيدية من وقت الى آخر بقصد تحسين المردود العائد الى الدولة من عمل الشركتين. إلا أن هذه المحادثات لم تتوصل الى نتيجة". وعن رأي الشركتين في أن زيادة السنتات الأربعة على دقيقة التخابر لن تزيد من حجم المردود لأنها ستؤدي الى تراجع حجم التخابر، قال انه "ليس صحيحاً ان هذه الزيادة ستؤدي الى خفض حجم التخابر وبالتالي خفض المردود لأسباب عدة: أولاً أن مقتني أجهزة الهاتف الخليوي هم غالباً من الميسورين الذين لا يتأثرون بقيمة الرسم المفروض. ثانياً، لأن الاتجاه العام بالنسبة الى صناعة الخليوي وخدماته هو توسيع قاعدة المشتركين في الهاتف، ما سيزيد المردود. ويبدو من الإحصاءات الأولية في هذا المجال أن عدد المشتركين أصبح في حدود 630 ألفاًًَ بسبب اعتماد الشركتين البطاقات المدفوعة القيمة سلفاً. وثالثاً، لأنَّ اتساع قاعدة المشتركين يؤدي أيضاً الى تزايد المردود من الخدمات الإضافية، ما ينعكس إيجاباً على حصة الدولة من هذا المردود، إذا قررت لاحقاً أن تفرض عليه رسماً، كونه غير خاضع لأحكام تمنع ذلك في العقد الساري المفعول مع الشركتين". وعن رأيه في الاقتراحات من الشركتين التي تزيد المردود، ومنها زيادة عدد المشتركين وتحويل العقد امتيازاً وتقديم الخدمات الشاملة، أشار نعمان الى ان "هذه الأمور وغيرها يمكن البحث فيها في المفاوضات المقبلة. وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الوعد والتوقع فقط لتقرير المردود الذي تستهدفه الدولة من الرسوم والضرائب". وعن ادخال مشغل ثالث في قطاع الهاتف الخليوي، قال ان "الأمور مرهونة بأوقاتها وبما ستنتهي اليه المفاوضات، علماً أن هناك خياراً محدداً هو امكان منح رخصة مع استمرار الشركتين، فضلاً عن خيار آخر هو منح رخصة بعد الغاء العقد الجاري مع الشركتين إذا تبيّن أنهما قد خرقتاه على نحو كبير". وعن الخرق الحاصل، قال انه "في عدد الخطوط، إذ ان الشركتين تخطتا ال500 ألف خط الى 630 ألفاً". وعما إذا كان الطلب يقضي بهذه الزيادة، علماً أن ذلك يزيد المردود للدولة، قال: "هذا بحث آخر، فهناك عقد. وفي ظل وجود هذا الطلب يجب أن تزيد حصة الدولة عندئذ من 20 الى 30 أو 40 في المئة"، مشيراً الى أن "منح رخصة جديدة سيقترن هذه المرة باستيفاء مبلغ مقدم". ولم يكشف الوزير قيمة هذا المبلغ".