السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    المملكة تشارك في الدورة ال 29 لمؤتمر حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    مصير غزة بعد هدنة لبنان    في «الوسط والقاع».. جولة «روشن» ال12 تنطلق ب3 مواجهات مثيرة    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    أمانة القصيم تنجح في التعامل مع الحالة المطرية التي مرت المنطقة    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    «الكوري» ظلم الهلال    شخصنة المواقف    أمير تبوك يستقبل رئيس واعضاء اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم    النوم المبكر مواجهة للأمراض    وزير الرياضة: دعم القيادة نقل الرياضة إلى مصاف العالمية    نيمار يقترب ومالكوم يعود    الآسيوي يحقق في أداء حكام لقاء الهلال والسد    الملك يضيف لؤلؤة في عقد العاصمة    أنا ووسائل التواصل الاجتماعي    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    برعاية أمير مكة.. انعقاد اللقاء ال 17 للمؤسسين بمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة    الذكاء الاصطناعي والإسلام المعتدل    وفاة المعمر الأكبر في العالم عن 112 عامًا    الموارد البشرية توقّع مذكرة لتأهيل الكوادر الوطنية    قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشعر العربي    الشائعات ضد المملكة    الأسرة والأم الحنون    سعادة بطعم الرحمة    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    يوسف العجلاتي يزف إبنيه مصعب وأحمد على أنغام «المزمار»    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هؤلاء هم المرجفون    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتسوق العربي في لندن يتذمر من الأسعار لكنه يشتري كثيراً . الأسواق والمقاهي المقصد الرئيسي السياح العرب
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 1999

اهتمامات السياح العرب تتركز في شكل رئيسي على التسوق، ومفهومهم للسياحة يرتبط أساسا بالترفيه، ولا يتجاوز بضعة أماكن: مدينة الملاهي، حديقة الحيوان، المقهى، المطعم، السوق. غير ان التسوق قد يكون النشاط الذي يستأثر بجلّ وقت السياح العرب، وخصوصاً النساء منهم. وفيما تتجه النسوة الى محلات الألبسة والأحذية، يتوجه الرجال حسب الحاج يوسف عبدالعزيز صاحب محلات سفريات ومجلات وخدمات عقارية وسياحية الى "الكهربائيات وأجهزة التنصت، وأشياء من هذا القبيل"، ولا تتجاوز منطقة تسوق السياح العرب غالباً مثلث "كوينز واي"، "ادجوار رود"، "اكسفورد ستريت" إلا إلى منطقة نايتسبردج، حيث مخزن "هارودز" الشهير وغيره من المحلات الفخمة، وصعودا باتجاه "هاي ستريت كنسنغتون".
غير أن الحال لم يعد هو الحال، على رأي عبدالعزيز. فالتسوق في المحلات الفخمة كان أيام الطفرة، أما الآن، وبعد حرب الخليج، فالكثيرون يفتشون عن أسواق السبت الرخيصة. وترى السيدة رجاء عمران، الموظفة في محل خدمات سياحية ان الذين يذهبون لأماكن مثل "سلفردج" و"هارودز" أقلية، وهناك رأي عام لدى المتعاملين مع الزبائن العرب بأن انفاق السائح العربي قد تغيّر. لكن اذا كان السائح العربي قنّن وقلّل من مصاريفه في جوانب متعددة من سياحته كالرحلات، سواء كان ذلك لسبب اقتصادي او لأسباب أخرى، الا انه لم يقلّل من رغبته الهائلة بالتسوق.
الأسعار في السعودية أرخص!
السيدة منى 38 عاماً من اليمن، التي التقيتها تتسوق في "دبنهامز"، لم توافق على هذا الرأي. وهي لا تعتبر ان التسوق هدفها الاساسي من القدوم الى لندن. لكن، قلت للسيدة منى، ألا يتناقض هذا مع لقائي بك هنا تشترين؟ فردت: "لديّ عدة أهداف من القدوم، وجزء من وجودي هنا أخصصه للتسوق، وممكن أن آتي للعلاج او السياحة، ولا اشتري الا ما يناسبني وهذا ليس مرتبطاً بأنني لا أستطيع شراء الاشياء الغالية. ما دام انا جئت الى لندن فهذا يعني انني قادرة مادياً ولكنني اشتري بالمنطق. اشتري ما يناسبني ويعجبني حتى لو كان غالي الثمن، لكنني لا ألمّ المشتريات بطريقة تجميع لأنه حرام أن نشتري شيئاً لا يعجبنا. أنا آتي الى هنا لأستمتع بالبلد ولنشتري".
من "الأقلية" التي تشتري من "هارودز" التقيت بالآنسة موضي 18 عاماً، القادمة من دبي، فقالت انها تقصد لندن سنوياً للشراء من هارودز فقط ولا يعنيها اي شيء في لندن الا هارودز. ولماذا، سألت حمدة. "لأنه الأفضل في لندن، والأشياء التي أشتريها منه تختلف عن أي محل آخر"، أما الآنسة منال 27 عاماً، من جدة في العربية السعودية، فتعتبر ان اهتمام العرب الأول في لندن هو التسوق والمقاهي والكافتيريات، وترى ان الذين يذهبون منهم في رحلات يفعلون ذلك من اجل اطفالهم، وهي تعزو الرغبة في التسوق الى جانب اجتماعي يقوم على التباهي بالشراء من لندن!
أما السيدة أم بدر 35 عاماً وهي أيضاً من السعودية، فلا توافق على أن كل همّ السائح العربي هو التسوق، وهي تقول انها ذهبت الى اكواريوم لندن، ومتحف التاريخ الطبيعي، وذهبت الى برايتون، وكامبردج، ومع ذلك لا تنكر أنها تهتم بالتسوق، وان لم يكن همها الأول، أما أماكنها للتسوق فهي سانت جيمس وود، هاي ستريت كنسنغتون، ريجنتس ستريت، اوكسفورد ستريت، ويعجبها الشراء من "سلفردج" و"ماركس اند سبنسر"، ورغم أن سلفردج أعجبها بفخامته لكنها وجدت أسعاره غالية جداً، وتعلق على ذلك قائلة: "الاسعار في السعودية أرخص، حتى بعد التنزيلات في لندن الاسعار أغلى، وبالنسبة لملابس الاطفال فهي ارخص بكثير في السعودية"، أما اكبر مبلغ صرفته في يوم واحد فكان بحدود 500 جنيه.
السيدة زهرة، من الامارات العربية المتحدة، تقول إنها تعرف ماذا تريد من السوق فهي تبحث عن أشياء محددة في ذهنها قبل ان تشتريها، وبالنسبة للمحلات التي تشتري منها فهي المحلات الكبيرة مثل "هارودز" و"سلفردج" و"جون لويس"، وذلك للماكياج خصوصا. "استخدم عادة "ايف سان لوران" ولذلك اشتريه من المكان الذي يضع على شرائه ميزات مجانية كتقديم حقيبة او غير ذلك، واستعمل اكثر من نوع عطر تتراوح اسعارها بين 35 و60 جنيها، منها "ايستي لاودر"، "سيسيلي"، و"اورغانزا".
وتستطرد زهرة: "ثياب اطفالي أشتريها احياناً من "ماذر كير"، ولكنني لاحظت في فترة التنزيلات ان كل المحلات تخفض اسعارها اكثر من هذا المحل لذلك احياناً اشتري ثيابهم من محلات أخرى، أما الثياب لي ولزوجي فنشتريها من عدة محلات، مثل "ريفر ايلاند"، لأنني أحب بضاعته واسعاره معقولة، وسلعه جيدة".
وحول ما اذا كانت من القلة التي تشتري من "هارودز" قالت زهرة: "لا أشتري من هارودز الا في فترة التنزيلات حيث الأسعار تكون أقرب الى المعقول فأسعاره في غير التنزيلات غير معقولة، ماذا يعني ان تلبس سيدة فستاناً او طقما ب1500 - 3000 جنيه. هل هذا معقول؟ ما لاحظته خلال جولاتي في الاسواق ان بضاعة "هارودز" تختلف من حيث الموديلات، اذ تجد عنده ما لا تجده عند غيره، لجهة التصاميم، ولكن نوعية البضاعة وقماشها مثلها مثل غيرها، فلماذا أدفع عشرة أضعاف السعر لأشتري قطعة فريدة لم يلبسها احد غيري. هذا لا يعنيني كثيراً".
اكبر مبلغ دفعته زهرة في يوم تسوق واحد كان 1500 جنيه، "ولكن هذا لا يحدث كثيراً"، تضيف: "والأيام العادية التي تسوقت فيها لم يتجاوز المبلغ 500 جنيه او أقل، وليس اكثر. أما عن زوجي فهو يعرف ما يلزمه، من بدلات وملابس واحذية وعطور، وبعض الهدايا للأقارب ولبعض زملائه في العمل، وهو على كل حال لا يحب التسوق كثيراً، ولذلك لا يصرف كثيراً".
واذا اتفقت السيدات السابقات على أن التسوق ليس همهن الحياتي الأول، فإن إحدى اللاتي التقيتهن كانت ذات موقف مختلف تماماً، فسؤالي لها عما تتسوقه في "هارودز" حيث التقيتها، فجّر خزّاناً من الشكوى لديها، فاندفعت تقول: "أنا أكره التسوق! والسبب ان طموحاتي محبوسة وليس لدي امل بتحقيقها. كان ودي ان ادرس دراسات عليا في لندن مثل الكمبيوتر او اي اختصاص علمي يحقق ذاتي ولكن ظروفنا الاجتماعية تجعل منا نساء ليس لديهن من هدف سوى التسوق. اكره التسوق ولكني مجبرة ان اقوم به فليس هناك شيء آخر استطيع فعله في لندن. ليس مسموحاً لي ان اذهب الى الحدائق والاشياء التي أود ان أراها ويفرض علي ان أبقى في مكان محدد مع مجموعة من النساء ونعود مع بعض الى نفس الفندق".
وحول المبلغ الذي تدفعه في هذا التسوق الاجباري قالت: "المبالغ التي اشتري بها مفتوحة. اليوم دفعت 250 جنيهاً في اللحظة الاولى ويمكن ان اصرف 10 آلاف جنيه وليس هناك شيء يمنعني فالنقود كثيرة والحمد لله. أنا أحب الرياضة والموسيقى والرسم وطموحاتي اكثر مما تتصورين ولكنه بالوقت نفسه انا واقعية وهذه ظروفنا وهذا مجتمعنا ولا نستطيع تغييره".
لكن الفتاة الأخيرة هذه لم تكن الوحيدة التي لديها شكاوى او تذمر بين النساء العربيات السائحات في لندن، فمنى، تشاركها في فهم الطابع "الاجباري" أحياناً للتسوق، ويزعجها ان الرجال يخرجون ليلاً والنساء يعوضن بأن يصبح اهتمامهن الوحيد هو التسوق.
أم بدر ترى ان غلاء الاسعار ملفت للانتباه، فذهابها الى متحف "مدام توسو" كلفها هي وطفليها 25 جنيها، وتتساءل ان كان المواطن البريطاني يستطيع ان يشتري هذه السلع المعروضة بهذه الأسعار الغالية، كما أنها ترى ان سياسة التسعير في بريطانيا غريبة وتختلف من مكان الى آخر فنفس القطعة يمكن ان تكون بسعر في هارودز وسعر آخر في سلفردج. وعلى سبيل المثال تقول ام بدر: "اخذت لإبني شنطة من هاي ستريت كنسنغتون ب40 جنيهاً، ووجدت الحقيبة نفسها ب68 جنيهاً بعد الخفوضات 50 في المئة في مكان آخر. وعلى ما يظهر ان الاسعار توضع حسب مزاج البائع وليس عليها رقابة، واظن ان البضاعة الغالية لا يشتريها الا العرب والسياح"، وتردف أم بدر: "أنا لا يهمني التسوق في لندن لأنني قادمة من جدة، وفيها ماركات وتسوق ليس اقل من لندن، ولدينا أسواق جميلة جداً، وجميع الماركات الفرنسية والايطالية، واسعار افضل بكثير".
سلبيات وايجابيات
منال ايضا تحمل العديد من الانتقادات أولها يقع على العرب أنفسهم الذين "يأتون الى هنا ويشترون بكميات هائلة وكأنه لا يوجد في بلادهم اي ملابس"، وتعزو منال ذلك الى "ان لدينا عقدة الخواجة، وكذلك لكوننا يسيطر علينا حب التملك والشراء"، وكمثال للعقد الغريبة التي نعاني منها تذكر منال صديقة لها تأتي الى لندن كل سنة وتشتري بكميات كبيرة وبمبالغ طائلة وكل الناس تقول عنها انها تشتري بأسعار خيالية واشياء جميلة، وتعقب منال: "اكتشفنا ان هذه السيدة تقوم بترجيع جميع الاشياء التي تشتريها، وحدث ذلك انها استعملت يوماً بطاقة التخفيض خاصتي من سلفردج وبعد فترة اكتشفت من البيان التفصيلي انها قامت بترجيع كل ما اشترته على بطاقتي وعندما سألتها قالت انها اكتشفت انها لا تحتاج هذه الأشياء، فهي تشتري هذه البضائع للتباهي ثم تعيدها في اليوم الثاني"!
انكليز وعرب
الجهة الثانية التي تنتقدها منال هي معاملة الانكليز للعرب فقد شاهدت البائعات الانكليزيات في اكثر من محل يشتمن ويلعن العرب ويصفنهم بالغباء في حين انهن لطيفات مع الزبائن الآخرين، ولاحظت اكثر من مرة ان العربيات يفتحن المحفظة ويقدمن للبائعة لتختار من النقود ما تشاء، وترى منال ان العرب يلقون معاملة خاصة من العامل او البائع الانكليزي "كأن أكون في مطعم فيرمي الغرسون الصحن امامي رمياً بينما يضعه بهدوء امام الانكليزي، ولا أعرف سبب ذلك، هل هو لأننا لا نعرف ان نتكلم الانكليزية بشكل جيد، فنترجم الكلام الى الانكليزي كما هو بالعربي فيطلع شكله غريباً، ام ان سبب المعاملة غير اللطيفة هو ان الانكليزي او الاجانب يعرفون ان العرب يأتون الى هنا ويصرفون نقودهم في البارات والكازينوهات والملاهي فيشعرون انه غبي ولا يستأهل الا هذه المعاملة، لا أعرف السبب. وهذا لا يحصل الا في فترة الصيف. يدفع العربي الفاتورة ويدفع بخشيشاً، بينما هم يسبّونه ويقولون انه غبي".
أما أم بدر فتحكي حادثة أخرى تولد عنها احترام البائعة البريطانية لها فقد فوجئت بعد عودتها الى البيت بمحفظة مع اغراضها دون ان تدفع ثمنها فعادت الى المحل وارجعت المحفظة قائلة انها اخذتها بالخطأ، فسرّت البائعة وباعتها محفظة أخرى كان سعرها 130 جنيهاً ب65 جنيهاً.
لكن أم بدر تحكي تجربة أليمة لها مع مكتب سفريات يقدم الخدمات للسياح في "ادجوار رود" فقد اتفقت مع المكتب على الذهاب مع اطفالها الى "التون تاور" فاستيقظت باكراً وكانت في الثامنة الا ربعاً في مكان الموعد، الا ان الباص تأخر حتى التاسعة ليمشي في التاسعة والربع، ويصل الى المكان في الساعة الواحدة، وقالت المرشدة ان التجمع يكون في الساعة 30،5 لكن السائق رفض وطلب من الناس التجمع في الساعة الخامسة. كانت كل الألعاب مزدحمة بالطوابير وتحتاج نصف ساعة الى ساعة، ولذلك لم يتمكن الأطفال إلا من ثلاثة ألعاب، وانتهت اللعبة الثالثة في الخامسة، فاندفعت العائلة لمكان التجمع متأخرة. تقول ام بدر: "تجمعنا الساعة خمسة وعشر دقائق وهذا شيء خارج عن ارادتنا ولم نأكل أي شيء بسبب ضيق الوقت والطوابير وعندما وصلنا الى المكان لم يعطونا اي فكرة عما يوجد في التون تاور والمفروض للمشاركين في الرحلة ان يكون عندهم فكرة كاملة عن الموضوع وكانت لديهم 3 ساعات وعشر دقائق سياقة في الطريق. لم أجد الباص، وكانت مأساة حقيقية لأن معي ثلاثة اطفال كانوا جائعين واغراضنا بقيت في الباص الذي تركنا وذهب، وحاولت جاهدة ان اجد اي باص وسألت بكل الباصات هل تأخذون الى لندن، سألت اكثر من 20 حافلة وكان الجو شديد البرودة وممطراً، واخيراً وافق احد الباصات على نقلنا الى لندن ووصلنا الى لندن قبيل منتصف الليل".
انفاق المرأة اكبر
القادمون العرب، حسب رأي احمد الأسدي، بائع في محل الكترونيات، هم بشكل رئيسي من السعودية والامارات والكويت وقطر، وهؤلاء يشكلون 90 في المئة من السياح، والتسوق قبل أي شيء آخر، هو الاهتمام الأساسي للسائح العربي في بريطانيا، وليس العمل او الرحلات السياحية، والرجال منهم لديهم اهتمام خاص بالأجهزة الالكترونية والهواتف النقالة الموبايلات، وبعض الزبائن هم على الهاتف دائما لمعرفة كل شيء جديد، وأحد الزبائن دفع 3500 جنيه ثمن هاتف نقال جديد، وترتفع المبيعات عندما يكون هناك جهاز جديد، رغم ان سعره قد ينخفض خلال أسبوعين من 1500 الى 1000 او 500، غير أن التسوق اذا كان بهذه الأهمية بالنسبة للرجل، حسب الأسدي، فإنه العمل رقم واحد لدى المرأة، وانفاقها اكبر من انفاق الرجل.
وحول المبالغة في شراء التلفونات المحمولة "الموبايل" يلاحظ صلاح علي احمد صرّاف وبائع في محل خدمات سياحية ان بعض السياح العرب يبحثون دائما عن آخر تكنولوجيا موجودة، والمشكلة ان لا أحد يستطيع متابعة احدث ما يصدر في السوق، لأن التغير سريع جدا. "يأتينا زبون مثلا يعتبر نفسه عارفا كل شيء ويسألك ثم يجيب عنك جوابا خاطئا، ولكن بالمقابل يأتينا أناس مثقفون يعرفون ما يريدون، وهم متشبعون بالجانب العلمي والمعرفي"، ويلاحظ احمد ان النزعة التبذيرية لم تعد منتشرة كثيرا و وأكبر مبلغ قام بصرافته لزبون عربي هو بحدود 200 ألف دولار، ونسبة من يصرفون مثل هذا المبلغ ليست قليلة، "ولكن الانسان العادي يصرف بين 10 - 15 الف دولار"، وعن التغيرات الايجابية في سلوكيات السائح العربي يقول احمد "أجمل شيء لاحظته ان الإخوة الكويتيين صاروا يعرفون قوة عملتهم، وصاروا يصرفونها من هنا مباشرة، وهذا شيء ايجابي. اما الإخوة السعوديون، فإنهم يحضرون شيكات سياحية، وهم يظلمون أنفسهم بذلك. فالذي يحضر أمواله بشيكات سياحية يدفع عليها 4 5 في المئة، وعادة ما يكون قد اشتراها من شركة بريطانية كتوماس كوك وبنك باركليز، ورغم أنه يستطيع صرفه بسعره كاملا، ولكنه يذهب الى مكان غير مكانه الذي صرف منه فيخسر بذلك قيمة خدمة الصرافة "السرفيس تشارج".
ايزيز جميل، صاحبة محل لبيع الأقمشة في "ادجوار رود"، تقول ان أغلب زبائنها العرب هم سيدات "والعرب يحبون الأشياء القطنية، وخصوصا قماش اللبردي. وأغلب الأقمشة المانية وسويسرية". وزبائن ايزيز منوعون منهم الغني ومنهم المتوسط الغنى، ويزورها احيانا بعض المشهورين مثل الفنان العراقي كاظم الساهر الذي اشترى اقمشة ب2000 جنيه، وكذلك الفنان الخليجي نبيل شعيل، غير ان زبائنها ليسوا من العرب الخليجيين فقط، فهناك زبائن سودانيون، وكذلك زبائن نيجيريون. وترى ايزيز ان زبائنها الأفارقة "يدفعون أكثر من العرب، واحداهن اشترت ب4000 جنيه"، ولا تتفق سميرة موظفة في صالون تجميل في الشارع مع ايزيز فزبائنها لا يناقشون بالأسعار وذلك، "لأن السعر معروف". وفي المفاضلة بين سخاء الرجل او المرأة قالت سميرة ان المرأة العربية اكثر سخاء من الرجل، ورغم تذمرها من عدم التزام العربيات بالمواعيد فإن سميرة تفضل الزبونات العربيات على الأجنبيات "لأن هناك ودا ومحبة، وكلامهن جميل، فهن عندما أنتهي من العمل يقلن مثلا: يسلموا دياتك او يعطيك العافية وغير ذلك مما يريحني معنوياً".
تكلفة الحنة، لدى سميرة، لليدين 25 جنيها، ووشم المنظر كالنجمة او القمر الخ... بالحنّة يكلف 5 جنيهات. سألتها: "هل تقوم العربيات بوشم أجزاء من أجسامهن، كما تفعل الاوروبيات؟"
- لا. العربية ما تزال خجلة في ما يتعلق بجسدها، فاذا تطرفت يمكن أن تقوم بوشم رجلها من الأسفل، ولكنها تتجنب وشم الجسد.
- ألا تقلد العربيات الانكليزيات؟
- يقلدن الانكليزيات في أشياء، لكن بعض الأشياء لا يفعلنها.
وترى سميرة ان العائلة العربية تقضي نهارها بالتسوق والتجول "وفي الليل يذهبون الى النوادي الليلية".
- تقصدين الرجال؟ سألتها. فردّت: لا. هناك ملاه ليلية للرجال والنساء معاً. يذهبون الى نواد ليلية مثل "وايت الفنت"".
ضمن مجالات السياحة والتسوق يدخل مجال السياحة الاستشفائية، وتسوق الأدوية، وعندما سألنا علي شريف موظف صيدلية في "ادجوار رود" عن هذا الجانب قال ان عمل الصيدليات في ادجوار رود يمكن أن يقسم لقسم شتوي وآخر صيفي، والفرق بينهما "أننا في الشتاء نخدم الزبائن "الأجانب" يقصد الانكليز ومعظم مشترياتهم هي من الأدوية، أما في الصيف فزبائننا عرب، ونبيعهم العطور ومساحيق تجميل الوجه، والماكياجات، واكسسوارات التجميل عموماً.
وهناك الكثيرون من الزبائن العرب الذين يطلبون أدوية، وهم القادمون الى بريطانيا للعلاج، وهناك الزبائن الذين يطلبون أدوية التقوية الجنسية، وأغلبهم ذكور، ولكن يوجد بعض النساء"، وهو ما تتفق معه شيماء عبدالعظيم وزميلاتها، حيث لاحظن أن اهتمام الرجال العرب الرئيسي الذين يدخلون الصيدلية هو "الفياغرا"، أما النساء ف"يطلبن أدوية جنسية ولكن بنسبة أقل ويسألن كثيراً عن الأدوية المساعدة على النوم"، ونتيجة صعوبة صرف دواء "الفياغرا" فإن بعض الصيدليات تبيع دواء آخر يدعى "تياغرا" ثمنه 35 جنيهاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.