استحدث العاهل المغربي منصباً جديداً، هو الناطق باسم القصر الملكي، في اول قرار له منذ توليه العرش يطاول منصباً رفيعاً. واعتبرت الخطوة تحولاً في اسلوب عمل القصر ومنهجيته. حرص الملك محمد السادس على ان يكون التعيين الاول في منصب رفيع ، منذ اعتلائه العرش يطاول تقاليد القصر الملكي، باختياره الباحث المغربي حسن اوريد ناطقاً رسمياً باسم القصر الملكي، مما يعني تحولاً في اسلوب متابعة نشاطات القصر. جرت العادة ان تصدر وزارة القصور الملكية والتشريفات بيانات عن نشاطات القصر، وتتولى وزارة الاعلام اصدار بيانات عندما يتعلق الامر بالمجالس الوزارية التي يرأسها الملك. والارجح ان تعيين ناطق رسمي باسم القصر للمرة الاولى، يهدف الى سدّ ثغرات اعلامية. اذ ان بعض وكالات الانباء الاجنبية في الفترة الاخيرة نقل اخباراً عن "مصادر مقربة من القصر" وهذه صيغة غير موجودة في المغرب. الى ذلك لا يشرف القصر على صحف او منابر اعلامية تابعة له، وسبق للملك الراحل الحسن الثاني ان قال مرة، ان ليست لديه منابر اعلامية. وقد يكون بين الأسباب التي عجلت باستحداث المنصب، حديث الناطق باسم الحكومة وزير التنمية السيد خالد عليوة، قبل ايام عن اشياء تدخل في صميم اختصاصات القصر. وخلّف كلامه ردوداً سلبية، على رغم انه كان يجيب عن استفسارات الصحافيين عن الانباء التي ترددت عن زواج الملك محمد السادس. كذلك حرص رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي على الادلاء بتصريحات صحافية اثر انعقاد اول مجلس وزاري رأسه الملك محمد السادس. وفي مقدار ما أظهرت تصريحات اليوسفي التزام الحكومة الواضح الاختصاصات المخولة لها دستورياً، في مقدار ما اصبحت الحاجة ماسة الى احداث منصب جديد، يعكس انفتاح القصر على الفضاء الاعلامي، خصوصاً ان الملك محمد السادس معروف عنه انه اكثر اهتماماً بالتطور الاعلامي، اضافة الى تكسيره الحواجز للالتقاء مباشرة بالرعايا والاستماع الى نبض الشارع. بيد ان هذا التعيين، وان كان يضع حدودا فاصلة بين اختصاصات وصلاحيات المؤسسات، فانه يفيد بنزوع القصر نحو ممارسة مقدار اكبر من الشفافية، ولن ينظر اليه بعد اليوم بمثابة اسرار تحدث داخل الاسوار التي تطوقها تقاليد راسخة حافظت على هوية المؤسسة. وانما سيقود عملية انفتاح كبرى، تترتب عليها معطيات جديدة، اقلها وضع الرأي العام المغربي والدولي امام صورة التحولات التي تعرفها البلاد، وتذهب اوساط عدة الى اعتبار القرار خطوة ستليها اجراءات اخرى على طريق تطوير الفضاء الاعلامي وفي دلالات التعيين ان اختيار الباحث حسن اوريد الذي يختزل تجربة الجيل الجديد من الكفاءات التي تمرست في المسؤولية يعني النزوع نحو التجديد المرتبط بالحفاظ على مرتكزات الدولة الاساسية، وهو بمثابة رسالة الى الفاعليات السياسية والشركاء المختلفين لحضهم على الانفتاح ومواكبة التطور. والارجح ان وسائط الاعلام ستجد في اوريد الذي يملك تجربة اعلامية متميزة محاوراً ينشغل بالهاجس الاعلامي اكثر من انشغالات بعضهم بالالقاب والمناصب ذلك ان ميزته باحثاً وكاتباً واعلامياً وروائياً ستجعله اقرب الى هواجس الاعلاميين المغاربة والاجانب. وحين ناقش اخيراً رسالة دكتوراه في موضوع "الخطاب الثقافي عند الحركات اليسارية والامازيغية" والتي حازت التنويه، بدا انه اكثر اهتماماً برصد الأبعاد الثقافية لما يحدث في البلاد. ولعله لم يكن يدري ان موعده مع المسؤولية الجديدة سيضيف اعباء جديدة امامه كمثقف، واليوم كمسؤول في اول منصب من هذا النوع.