مطار الرباط - سلا الذي كان آخر محطة توقف فيها المعارض ابراهام السرفاتي لدى ترحيله من المغرب سنة 1990، بدعوى انه يحمل الجنسية البرازيلية، كان أول من أمس نقطة عودته أيضاً، بعدما قضى نحو عشر سنوات في المنفى في باريس. تكررت الصورة نفسها تقريباً. في الطريق الى المنفى، رافقه طبيب مختص ووزير سابق في حقوق الانسان، اضافة الى زوجته السيدة كاترين. وفي طريق العودة ايضاً، رافقه الطبيب والزوجة، واستقبله السيد عمر عزيمان، وزير حقوق الانسان، والمستشار اندري ازولاي، والناطق الرسمي باسم القصر الملكي السيد حسن اوريد، اضافة الى ناشطين في منظمات يسارية وأخرى تعني بالدفاع عن حقوق الانسان. ملامح الارتياح التي كانت بادية على السرفاتي، اختلطت بمظاهر الإعياء من جراء مرض المفاصل الذي يعاني منه زعيم حركة "الى الامام" السابقة وتسبب في اقعاده في كرسي متنقل. وشكر السرفاتي، لدى وصوله، العاهل المغربي الملك محمد السادس على مبادرته بالسماح له بالعودة استجابة لطلب قدمه بهذا المعنى. كذلك اعرب عن سروره الكبير بوجوده مع زوجته في المغرب. وقال انه يضع نفسه رهن اشارة رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي. لكنه اوضح انه لا يعتزم ممارسة العمل السياسي في شكل مباشر ذلك أن "الاهم هو ان اساعد المجتمع المدني"، في اشارة الى اعتزاله السياسة، كون تيار "الى الامام" الذي كان ينتسب اليه قبل اعتقاله في 1972 اندمج في حركات سياسية مشروعة. وامام فندق هيلتون حيث سيقضي السرفاتي بعض الوقت قبل انتقاله الى مقر اقامته الجديد، تجمع عشرات من المتعاطفين معه والمعتقلين السياسيين السابقين. وتسببت محاولة كثيرين منهم في الدخول في وقت واحد الى قاعة السرفاتي في اشتباك محدود مع أمن الفندق. وردد المتعاطفون شعارات تؤيد قرار عودة السرفاتي، مطالبة بالمضي في دعم الخيار الديموقراطي. اللقاء السياسي الأول عقده السرفاتي ليل الخميس - الجمعة مع رئيس الوزراء السيد اليوسفي. لكن مركز اقامته، في احد فنادق العاصمة، عرف كذلك زيارات كثيفة شارك فيها منتسبون سابقون الى حركة "الى الامام". و صرح السيد محمد اوجار، وزير حقوق الانسان، امس بان عودة السرفاتي التي تتم بمبادرة من الملك محمد السادس تعكس التزام المغرب الدفاع عن حقوق الانسان، وتكريس الانفتاح وطي صفحة الماضي، ودعم دولة الحق والقانون. ووصف عودة السرفاتي بانها "لحظة مؤثرة تحمل اشارات سياسية وحقوقية قوية" في هذا المجال. أما السرفاتي فأكد من جهته، في تصريحات صحافية، انه تلقى خبر موافقة الملك محمد السادس على عودته قبل ثلاثة ايام "دون اي شروط او مفاوضات". وأضاف: "قبل طلوع الشمس اعدت اكتشاف البلاد، واهم ما اكتشفته هو الحرارة الانسانية التي عبر عنها المشاركون في استقبالي". ويُنظر الى عودة السرفاتي باهتمام خصوصاً انها تعيد الى الواجهة ملف زعيم جماعة "العدل والإحسان" المحظورة الداعية الشيخ عبدالسلام ياسين الموجود تحت الاقامة الجبرية، وملف زعيم جماعة "الشبيبة الإسلامية" المحظورة عبدالكريم مطيع الذي يعيش في المنفى. كذلك فانها تأتي قبل اسبوع من افتتاح العاهل المغربي الدورة الجديدة للبرلمان. ويُتوقع، في هذا الإطار، ان يوجه خطاباً مهماً يعرض فيه أولويات المرحلة المقبلة. وكان السيد حسن اوريد، الناطق باسم القصر، ادلى مساء الخميس بتصريح قال فيه ان السرفاتي "اعلن في رسالة موجهة الى العاهل المغربي الملك محمد السادس في الحادي والعشرين من الشهر الجاري ايلول/سبتمبر الماضي انه "يشاطر الامل الذي تعقده الامة المغربية باتمها على ملك البلاد"، وانه "يلتمس من العاهل المغربي" السماح له بالعودة الى بلده ليتسنى له "استعادة مكانه في العملية الجارية من اجل بناء مغرب عصري وديموقراطي". وقال ان الملك محمد السادس قرر بعد الاطلاع على الرسالة الاستجابة لهذا الالتماس والسماح للسرفاتي بالعودة. وفي باريس، وصفت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن غازو سوكريه عودة السرفاتي الى المغرب بأنها "نبأ جيّد، ونحن مسرورون به".