اتخذت دبي خطوة متقدمة لحفز الاقتصاد ودعم القطاعين التجاري والصناعي، وأعلنت الحكومة خفض الرسوم على المنشآت الصناعية والتجارية الى النصف لتلغي بذلك قرارات اتخذتها دوائر اقتصادية منذ أكثر من عام زادت فيها رسوم التسجيل التجاري والصناعي والخدمي. وأعلن ديوان حاكم دبي ان الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم حاكم الإمارة أمر باتخاذ اجراءات جديدة تساند القطاعات الاقتصادية وتدفع عجلة الانتاج الى مزيد من التقدم، بينما أمر ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإعفاء جميع المنشآت الصناعية المسجلة في دبي من رسوم التسجيل كافة التي كانت تتقاضاها الدوائر الحكومية المحلية وغرفة التجارة، وخفض رسوم الاسواق التي تتقاضاها بلدية دبي بنسبة 50 في المئة من عشرة في المئة الى خمسة في المئة، وخفض رسوم غرفة دبي التي كانت زادت بنسبة تراوح بين 100 و200 في المئة الى مستواها السابق. وكان ولي عهد دبي أكد في وقت سابق ان دبي ستعمل على اعادة النظر في قوانينها الخاصة بالرسوم المفروضة على بعض القطاعات "إذا وجدت ان تلك القوانين ستحد من نموها الاقتصادي والاجتماعي". وقال: "إن أي قرارات تؤثر سلباً في الأداء الاقتصادي سيُعاد النظر فيها ويجري تغييرها بما يتماشى مع التطلعات المستقبلية" مشيراً الى ان الحكومة تعمل جاهدة على تحقيق الاستقرار بما يعزز النمو الاقتصادي في الإمارة على الصعيدين الاقليمي والدولي ومؤكداً انه لن تكون هناك أي اجراءات تعرقل هذه المسيرة. ولقيت خطوة حكومة دبي اشادة كبيرة من الأوساط التجارية والصناعية التي اعتبرت انها ستساعد على خفض تكاليف عمليات التشغيل والانتاج في المرافق المختلفة، وتقليص الأعباء المالية على المستثمرين، ما ينعكس ايجاباً على اسعار بيع السلع والخدمات ويقلص معدل التضخم. ورأى مراقبون ان قرار دبي، الذي جاء "متأخراً" نسبياً، يتسم بالجرأة، ويأتي استجابة لمطالب عدد كبير من رجال الاعمال رأى ان زيادة الرسوم قبل نحو عام لم يكن في محله، خصوصاً انه جاء في الوقت الذي دخلت فيه اقتصادات المنطقة، ومن بينها الإمارات، في حال من التباطؤ بسبب الانخفاض الحاد في اسعار النفط وتراجع المبيعات في الاسواق المحلية نتيجة التأثيرات السلبية للأزمات المالية في أسواق دول جنوب شرقي آسيا على حركة التجارة، إضافة الى الأزمة الاقتصادية التي لحقت بدول الاتحاد السوفياتي السابق وأدت الى تراجع حجم وارداتها من دبي والمنطقة بشكل عام. وقال مصرفي اجنبي في دبي ل"الحياة" ان الرسوم التي تتقاضاها الدوائر الحكومية في دبي "تعتبر مرتفعة نسبياً، الا انها متواضعة في الوقت ذاته في ظل عدم فرض الحكومة ضرائب على أرباح الشركات العاملة في دبي". وأشار الى انها أثرت سلباً على أعمال قطاع التجزئة في الإمارة الذي شهد فترات تباطؤ العام الماضي والنصف الأول من السنة الجارية وتزامن مع حالة الركود الاقتصادي في الخليج. وأضاف المصرفي: "ان خطوة دبي الجديدة ستساعدها على تعزيز موقعها التنافسي بين مراكز المال والتجارة في الشرق الأوسط، اذ ان تكاليف التشغيل في دبي ستنخفض حتماً وستتزامن مع انخفاض ايجارات المكاتب والمساكن في دبي خلال السنة الجارية بنسبة تراوح بين 10 و15 في المئة عن المستويات المسجلة العام الماضي". ولاحظ مراقبون ان الزيادات في الرسوم لم تقتصر على دولة الإمارات بل شملت عدداً كبيراً من الدول الخليجية التي رفعت رسوم خدماتها لزيادة ايراداتها في الموازنات السنوية لضبط العجز بعد الانخفاض الكبير في العائدات النفطية اثر تراجع اسعار النفط. وتعتبر دبي، التي يشكل النفط أقل من 20 في المئة من ناتجها المحلي، أكبر مركز لتجارة اعادة التصدير في الشرق الأوسط، وسعت الإمارة في الاعوام الماضية الى ايجاد بدائل لتعويض انخفاض انتاجها النفطي الذي يدور حالياً حول 250 ألف برميل يومياً، من خلال تعزيز القطاعات غير النفطية، وانصب تركيزها على القطاع السياحي الذي باتت عائداته تسيطر على أكثر من 15 في المئة من الناتج المحلي، وتمكنت الإمارة العام الماضي من استقطاب أكثر من 2.5 مليون سائح وزائر أقاموا في فنادقها.