اجتمع الرئيس بوريس يلتسن في خطوة لا سابق لها مع 24 جنرالاً يمثلون القيادات العليا للجيش والأمن والشرطة وسائر وزارات "القوة" وطالبهم بالتصدي ل"تطاولات" محتملة على الدستور والسلطة، فيما نفى وزير الأمن فلاديمير بوتين ان يكون الكرملين اعد خطة للقيام ب"انقلاب". اذاع الكرملين امس الخميس ان الرئيس بوريس يلتسن استقبل كبار قادة القوات المسلحة في اجتماع "للتعارف" حضره رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والأمن والداخلية. ولكن المراقبين لاحظوا ان "التعارف" كان تم منذ فترة طويلة. وأشاروا الى ان يلتسن الذي سيبدأ اجازته مطلع الاسبوع المقبل، ربما اراد الاطمئنان الى ان مواقعه "آمنة" كما اراد التأكد من تأييد القوات المسلحة له في حال قرر الاقدام على تنفيذ تهديداته بنقل جثمان مؤسس الدولة السوفياتية فلاديمير لينين من ضريحه في الساحة الحمراء او حظر الحزب الشيوعي أو حل البرلمان. وطلب يلتسن من الجنرالات "التصدي لأي تطاول على النظام الدستوري" وهو طلب مشروع الا انه وبّخ وزارة العدل لأنها "لا تعرف من يعمل ضد السلطة". وكان الرئيس عنّف أخيراً وزير العدل بافل كراشينينيكوف لأنه لم يتمكن من "برهنة حقائق" قدمها الكرملين في شأن تجاوز الحزب الشيوعي عدداً من القوانين. الا ان وزير الأمن فلاديمير بوتين اكد ان الهيئات التي يشرف عليها لا تقوم بأي نشاطات ل"تحييد المعارضة". ونفى وجود نية لحظر الحزب الشيوعي لا لأن هذه الخطوة غير دستورية، بل لأنها "ستعطي مردوداً عكسياً" وتزيد من شعبية الشيوعيين. ونفى ايضاً نية الكرملين تدبير انقلاب وتساءل: "لماذا ندبر انقلاباً ما دمنا في السلطة؟". وأشار مراقبون الى ان الكرملين قد يتبع تكتيك "شد الحبل" حول عنق القوى المعارضة من دون خنقها. واثار الانتباه في هذا السياق استحداث وزارة للاعلام اعتبرها زعيم كتلة "يابلوكو" الاصلاحية غريغوري يافلينسكي، خطراً يهدد ب"تركيز كل المنابر" في يد السلطة. وأعرب عدد من الصحف عن تخوفه من ان تصبح هذه الخطوة تمهيداً ل"تحرك" يقوم به الكرملين قريباً، وفي ضوء ذلك اكتسب لقاء يلتسن مع ابرز قادة القوات المسلحة اهمية خاصة. ووعد رئيس الدولة بتلبية احتياجات الجيش والشرطة والأمن وامتدح في صورة خاصة عملية السيطرة على مطار بريشتينا ووعد بمنح قائدها الجنرال فيكتور زافارزين وساماً. لكن ضابطاً في الجيش الروسي قال ل"الحياة" ان الكرملين في الواقع ليس راضياً عن العملية لأن اعدادها تم "في اطار حلقة ضيقة" من الجنرالات وأبرزهم ليونيد ايفاشوف مدير دائرة العلاقات الدولية في وزارة الدفاع والذي كان مساعداً لوزير الدفاع السوفياتي دميتري اوستينوف الذي كان احد ابرز "الصقور" ومن أهم المسؤولين عن قرار ادخال القوات السوفياتية الى افغانستان. وتابع المصدر نفسه ان يلتسن "يتهيب من تزايد استقلالية" الجنرالات لكنه لا يرغب في دخول معركة معهم لسبب ضعف مواقعه ولرغبته في ان تكون له في القوات المسلحة ركيزة يطمئن اليها اذا تزايد التوتر السياسي في الداخل عشية الانتخابات البرلمانية.