وصل الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد احمد الطايع الى ذروة شعبيته خلال الحملة الاجنبية على حكمه واتهامه بالمسؤولية عن مقتل مئات الأفارقة السود في بلاده خلال اضطرابات 1990. اذ اجمع الموريتانيون على اعتبار هذه الحملات "استفزازية وتثير الحقد". كما رأى الموريتانيون العرب في الموضوع استهدافاً لهم كعرب لا استهدافاً لنظام حاكم. واستطاع ولد الطايع لاحقاً حل الخلافات مع معظم السود بأساليب مختلفة. وتوقفت أحزاب سياسية كانت تطرح الموضوع عن طرحه لأنها، شعرت بأنه يفقدها الشعبية، ولأنه من جهة اخرى، لم يعد يضمن ولاء الأقلية الإفريقية بعد تمكن الحزب الحاكم من اجتذاب الكثير من أعضائها. وتوقفت منظمات حقوق الانسان بالتالي عن جعل الأمر ضمن أولوياتها بعدما لم يعد في الداخل من يحركه. وسكتت الولاياتالمتحدة "بالتقادم" ونتيجة - ربما - لإبرام الحكومة الموريتانية علاقات مع إسرائيل. وفاجأت انتكاسة العلاقات الموريتانية - الفرنسية الموريتانيين في وقت كانت مرشحة فيه للمزيد من الإزدهار بعد قرار السلطات إعادة الفرنسية إلى النظام التربوي بقوة، اذ ستُفرض الفرنسية مع بداية السنة الدراسية بعد ثلاثة شهور في المرحلة الابتدائية اعتباراً من السنة الثانية الابتدائية، وستُدرّس بها كل المواد العلمية في مراحل التعليم كافة. وأثار القرار استياء واسعاً في الأوساط الموريتانية ورفضته كل الأحزاب المنضوية تحت لواء جبهة أحزاب المعارضة. 1ولا يخفي موريتانيون موالون ومعارضون الإستياء مما يصفونه بتنامي النفوذ الفرنسي. وتشكو المعارضة من ما تصفه ب"تدخل الفرنسيين في الشؤون الداخلية من خلال تزكية المسار السياسي في البلد وكيل المديح لنظام الحكم على ألسنة المسؤولين الزائرين". غير أن الاجراءات التي اتخذها ولد الطايع الآن ضد الفرنسيين ستثبت للموريتانيين أن ما يصفونه بالتبعية، "له حدود، وأن العلاقات القائمة مع فرنسا لا تعني التخلي عن ما يحرص عليه الموريتاني من عزة نفس". ويتوقع مراقبون أن تفيد الأحداث ولد الطايع وترفع شعبيته التي يقول البعض إنها "تضررت بسبب بعض السياسات الاقتصادية والثقافية". وفي الواقع يلمس المراقب في نواكشوط الآن قدراً كبيراً من الإستهجان لسلوك السلطات الفرنسية، والاستحسان الكبير للرد السريع على الاجراء الفرنسي الذي اعتبره الموريتانيون مهيناً. وقالت شخصية موريتانية ل "الحياة". إن موقف الرئيس الطايع كان "شريفاً ذكّرنا بأننا ما نزال موجودين". يذكر أن ولد الطايع عاد قبل أربعة أيام من زيارة خاصة لفرنسا، وكان الضابط خلال وجود ولد الطايع في فرنسا قد اعتقل. ولم يعرف هل تحدث الرئيس الموريتاني مع المسؤولين الفرنسيين في الموضوع. اشارت وكالة "اسوشيتد برس" الى معلومات عن انه أثار الموضوع بالفعل. وتعود آخر الأزمات الموريتانية - الفرنسية إلى نهاية الثمانينات حين أظهر الرئيس السابق فرنسوا ميتران قدراً من عدم الاحترام للقيادة الموريتانية خلال الأزمة مع السنيغال المجاورة. ورد ولد الطايع آنذاك باتخاذ مواقف صلبة ضد الفرنسيين، وتوجه إلى بغداد حيث وجد الاستعداد للدعم العسكري والمالي والسياسي. وكانت فترة الخصام مع فرنسا الفترة التي نال فيها الطايع أهم دعم شعبي في الداخل.