انتشار الهوس بالغربيات بين الشباب في بعض الدول العربية له أسباب عدة، في مقدمها تسهيل تحقيق حلم الهجرة الى الغرب. أجرى الباحث المصري سعيد صادق أخيراً دراسة شملت 30 حالة زواج بين مصريين وغربيات، أكدت أن الطبقة المتوسطة هي أكثر الطبقات في المجتمع المصري التي يتزوج شبابها من غربيات. وأشارت الدراسة إلى أنه في ظل سياسة الانفتاح، عانت الطبقة المتوسطة المصرية من مشاكل اقتصادية حادة أدت إلى لجوء الرجال المصريين الى الزواج من غربيات في حين لجأت الفتاة المصرية الفقيرة والمتوسطة الى الزواج من أثرياء عرب. ويسود نمط معين في المجتمع المصري هو هجرة أفراد الطبقة المتوسطة المتزوجين من غربيات الى "بلد المحبوب" حيث الاستقرار الاقتصادي، في حين أن الميسورين والمثقفين أو الناجحين مهنياً ترافقهم زوجاتهم الغربيات للإقامة في مصر. ولاحظ الباحث أن نصف الغربيات المتزوجات من مصريين سبق لهن الزواج، وانهن أكبر سناً من أزواجهن. ويتراوح فارق السن ما بين سنة واحدة و13 سنة. وأرجع هذا الفارق الى ثلاثة أسباب: الاختلاف العرقي بين العنصر السامي والعنصر القوقازي من ناحية الطول وتركيب العظام، وتأثير التعرض للشمس على سرعة ظهور الشيخوخة، واختلاف نوعية الغذاء وممارسة الرياضة من قبل المرأة الغربية مقارنة مع المرأة العربية. لذلك تبدو المرأة الغربية ذات ال 35 عاما في العالم العربي أصغر من عمرها الحقيقي بالنسبة الى الرجل الشرقي. وأكد الباحث أن مفهوم فارق السن بين الزوج والزوجة بدأ يتغير حتى في زيجات المصريين أنفسهم، ففي الماضي، كان ينظر باستهجان الى المرأة التي تتزوج من رجل أصغر منها، إلا أن الظروف الاقتصادية أدت الى إحداث تغييرات اجتماعية في هذا المجال. وأظهرت الدراسة أن أكثر من 90 في المئة من المصريين الذين يتزوجون من غربيات هم من سكان المدن، في حين أن أكثر من 50 في المئة من الغربيات هن من الريف، كما أن ثلث الرجال المصريين الذين يتزوجون من غربيات هم من الأقباط، الامر الذي يرده الباحث الى "رغبة الأقليات في الزواج المختلط مع جماعات أقوى"! وبينت ان أكثر من ثلثي المصريين والغربيات هم من الجامعيين، ومرد ذلك الى "أن الزواج المختلط يتطلب معرفة لغات وثقافات تتوافر بصورة رئيسية في الجامعيين". وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من ثلثي أزواج العينة لهم أقارب متزوجون من غربيات. في المقابل ثلث الغربيات لهن أقارب متزوجين من أجانب. وأكدت أن الزواج المختلط، مقارنة مع قيم المجتمع الشرقي، هو معيار "انحلال" اجتماعي، "فزيجات مختلطة عدة يمكن أن تستمر، على تعاستها، بسبب ارتباطها بمصالح مشتركة آخرها الحب والتفاهم المتبادل والمساواة". وبيّن الباحث أن ارتباط ظاهرة الزواج من غربيات بالعلاقات بين الدول العربية المعنية والقوى الأجنبية. فعندما حاربت مصر من أجل استقلالها عن بريطانيا، انتقد الوطنيون المصريون هذه الزيجات ولم يشجعوها، وعندما ارتبطت مصر بالكتلة الشرقية في الخمسينات والستينات، ارتفع عدد الزيجات بين المصريين ودول هذه الكتلة.