أشار الرئيس بيل كلينتون أمس الى تطور في الموقف الأميركي من قضية اللاجئين الفلسطينيين عندما قال ان من حقهم السكن "حيثما يريدون" بعد ان يتوصل الفلسطينيون والاسرائيليون الى تسوية نهائية، وطالب الحكومة الاسرائيلية باحياء عملية السلام. وأثار هذا التصريح انتقادات من رئيس الحكومة المنتخب ايهود باراك الذي اعلن رفضه حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، في حين رحبت السلطة الفلسطينية بتصريحات كلينتون واعتبرتها "مشجعة". في غضون ذلك، وصل الرئيس حسني مبارك امس الى باريس من واشنطن حيث اكد مسؤول في البيت الابيض ان محادثات الرئيس المصري ونظيره الاميركي ركزت على العمل سوياً لانعاش عملية السلام. في حين اعتبر وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى ان تنفيذ اتفاق واي ريفر يعتبر اساسياً في إعادة بناء الثقة بين اطراف عملية السلام. أثارت تصريحات الرئيس بيل كلينتون عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ردود فعل مستنكرة من الاسرائيليين ومؤيدة من الفلسطينيين. وكان كلينتون يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده في البيت الأبيض مع الرئيس حسني مبارك اول من امس عندما سئل هل تلتزم الولاياتالمتحدة ازاء الفلسطينيين المقاييس نفسها التي تشارك في تطبيقها حاليا في كوسوفو، خصوصاً في قضية عودة اللاجئين، فأجاب: "اذا نظرنا اليها كقضية عملية فان الاتفاق الذي سيتم التوصل اليه في النهاية على عودة اللاجئين الى وطنهم سيعتمد على ما اذا كانوا يرغبون في العودة". وأضاف: "كما انه سيعتمد على طبيعة التسوية. كم هي الأراضي التي سيحصل عليها الفلسطينيون؟ أين ستكون؟ الى اي مدى تتطابق مع المناطق التي سكنها الفلسطينيون سابقا؟ وسأرتاح الى وضع يشعر فيه الفلسطينيون انهم احرار وان لهم ان يسكنوا حيثما أرادوا". لكنه أضاف ان من بين وسائل التخفيف من هذه المشكلة تقديم المساعدات الاقتصادية الى دول تستضيف أعدادا كبيرة من الفلسطينيين. والتزم الرئيس الأميركي مساعدة الأردن على توطين سكانه الفلسطينيين وحض الدول الأخرى على القيام بالمثل، في اعتراف ضمني بأن الكثيرين من الفلسطينيين لن يحصلوا على حق العودة الى وطنهم. وختم تصريحاته عن هذا الموضوع بالقول: "ان ذلك سيعتمد على اللاجئين انفسهم وكذلك على طبيعة الاتفاق النهائي". من جهته حض الرئيس مبارك رئيس وزراء اسرائيل المنتخب ايهود باراك على بناء ثقة مع الجانب العربي عن طريق "التنفيذ الكامل والمخلص للاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين" و"الوقف التام للاعمال الاستفزازية، خصوصاً النشاط الاستيطاني". وقال انه ضمن مساعيه لتنشيط عملية السلام سيلتقي باراك قريباً وكذلك الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وطالب ب"العودة الى المسار السوري"، وعبر عن "القلق من قصف اسرائيل لاهداف مدنية في لبنان"، معتبراً ان من شأن "خطوات كهذه تسميم اجواء المنطقة"، ودعا اسرائيل الى "أقصى ما يمكن من ضبط النفس خلال الشهور الحاسمة المقبلة". وقال كلينتون ان انتخاب باراك رئيساً للوزراء ونجاحه اخيراً في تشكيل ائتلاف واسع مؤيد للسلام يوفر فرصاً اكثر للتقدم مما كان سابقاً. الا انه رفض اعلان أفكاره لحل عدد من المشاكل المعلقة، مفضلاً طرحها أولاً على رئيس الوزراء الجديد في اللقاء المزمع بينهما. وخص الرئيس الأميركي نظيره المصري بثناء بالغ على دوره في دعم عملية السلام وكذلك في الازدهار الحالي الذي يشهده الاقتصاد المصري. وشكر لمصر قرارها ارسال عدد من ضباط الشرطة للمساعدة على اقرار الأمن في اقليم كوسوفو. وقال كلينتون: "آمل بأن نستطيع نقل بعض الزخم من انجازاتنا في كوسوفو الى الشرق الأوسط، حيث نحاول هناك دعم التسامح والتوصل الى سلام دائم". وفي القدسالمحتلة أ ف ب قال ديفيد زيسو الناطق باسم باراك ان "اسرائيل لا يمكن ان تقبل موقفاً مؤيداً لحق للاجئين الفلسطينيين في العودة" الى اسرائيل. واضاف في بيان كان يتلوه باسم باراك "انه على ما يبدو سوء تفاهم يستحق ان يتم توضيحه". وفي المقابل، قال نبيل ابو ردينة مستشار عرفات "اننا نرحب بما قاله الرئيس كلينتون ... هذا الكلام مشجع، خصوصاً الكلام الذي يعتبر المستوطنات استفزازاً وكذلك ما يتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين في ان يعيشوا بحرية في اى مكان يريدون". وفي القاهرة نقلت "وكالة انباء الشرق الاوسط" المصرية عن مسؤول في البيت الابيض ان الرئيسين مبارك وكلينتون خصصا قسماً كبيراً من اجتماعهما الثنائي، الذي استمر نحو ساعة للبحث في سبل العمل سوياً من اجل إنعاش عملية السلام. وقال بي جي تراولي الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي للوكالة نفسها، إن الطرفين اتفقا على اهمية ان يلتقي كل منهما باراك خلال الاسبوعين المقبلين، لأن ذلك سيضع قاعدة لمصر والولاياتالمتحدة من اجل توفير الدعم الملائم للفلسطينيين والاسرائيليين وللمسارات الاخرى من اجل دفع عملية السلام. ونسبت الوكالة الى مسؤول آخر في البيت الابيض، طلب عدم ذكر اسمه، ان الافتراض البديهي لدى الادارة الاميركية هو ان باراك لن يكون قادراً على العمل سوى على مسار واحد من المفاوضات مع الاطراف العربية، سواء كان ذلك مع السلطة الفلسطينية من ناحية او مع سورية ولبنان من ناحية اخرى. واضاف "إننا نفضل الانتظار لنسمع من باراك اولاً كيف سيتعامل مع مفاوضات السلام؟. كما نسبت الى مصادر اميركية القول إن إدارة الرئيس كلينتون تقدر كثيراً صبر الرئيس ياسر عرفات طوال ثلاث سنوات تعثرت فيها عملية السلام في ظل حكومة بنيامين نتانياهو. واضافت المصادر نفسها انه يصعب مع كل هذا الانتظار الفلسطيني ان يحول باراك كل جهوده للتوصل الى حل سريع على المسارين السوري واللبناني مع إغفال المسار الفلسطيني. وفي باريس ، دعا وزير الخارجية المصري عمرو موسى أمس عقب محادثات أجراها مع نظيره الفرنسي هوبير فيدرين، الحكومة الاسرائيلية الجديدة، الى اعادة بناء اجراءات الثقة التي تدهورت في عهد الحكومة السابقة وتأكيد التزامها بإتفاق واي ريفر، ليكون ذلك رسالة موجّهة لجميع الاطراف المعنية بمسيرة السلام في شأن احترامها للتعهدات الرسمية. وأشار الى أنه يتعيّن على الحكومة الجديدة أن تعيد بناء اجراءات الثقة وبالذات بالنسبة الى مدى احترامها لتوقيعها وتنفيذها للإتفاقات التي تم التوصّل اليها. ورأى أن موضوع تنفيذ اتفاق واي ريفر، يعد موضوعاً رئيسياً في اعادة بناء الثقة وتوجيه رسالة للجميع على كل المسارات بأن الحكومة الاسرائيلية الجديدة تحترم التعهدات الرسمية. وأشار موسى الى أن الموقف من هذا الاتفاق يُعدّ مؤشراً أساسياً، إيجابياً أو سلبياً بالنسبة الى مستقبل السلام، وكذلك موضوع المستوطنات والإستمرار في سياسة الاستيطان ليس في الضفة الغربية وغزّة فحسب وإنما أيضاً في الجولان، الى جانب طريقة التعامل مع كافة المسارات سواء اللبناني أو السوري أو الفلسطيني. وصرّح فيدرين أن ما ستفعله فرنسا للمساهمة في إعادة إحياء عملية السلام متوقّف على الوضع، وأن الأيام المقبلة ستكشف نوعية الحكومة التي سيشكّلها باراك ونياته وبرنامجه وجدول أعماله. وقال استناداً الى كل هذا سنحلّل الأوضاع لمعرفة ما إذا كانت هناك فائدة من عرض مبادرة ما، "فعلى مدى السنة الماضية تابعنا الأوضاع وتقدّمنا باقتراحات"، وأن العلاقة المصرية - الفرنسية كانت مثمرة وخصبة وأن كل الأطراف في الشرق الأوسط يعرفون ان مصر وفرنسا على استعداد دائم للمساهمة في دفع الأمور الى الأمام، مما أثّر إيجابياً على ديبلوماسية البعض ومنها الديبلوماسية الاميركية.