في أوروبا يتعاون أمناء المكتبات العامة من أجل تطوير طرق قياسية لحفظ المجلات العلمية التي تصدر ألكترونياً. وفي فرنسا يتم العمل في مشروع رقمنة أعمال أدبية عدة بما في ذلك المؤلفات الكاملة لبلزاك ووثائق الثورة الفرنسية، التي يتم حفظها في اسطوانات مدمجة. وفي السويد يحاولون تجميع الصفحات السويدية الموجودة في الشبكة العالمية WWW. وتنفذ ثماني دول أوروبية مشروع إنشاء مركز للمطبوعات الرقمية التي تحتوي على المجلات الألكترونية والاسطوانات المدمجة. وناقش مؤتمر خاص بالمكتبات عقد الشهر الماضي في نيويورك المشاكل التي تواجهها المكتبات في العصر الألكتروني. لكن على رغم التوجه العالمي الكبير نحو رقمنة كل شيء ما يزال الاعتقاد سائداً في تقدير صحيفة "نيويورك تايمس" بأن المنشورات الألكترونية لا يمكن أن تحل محل الورقية. مسح "الويب" طرح المتحدثون في المؤتمر الذي ساهمت في تنظيمه مكتبة نيويورك العامة والمكتبة الوطنية في فرنسا أسئلة عدة تتعلق بمشكلة الكم الكبير من المعلومات التي يجري انتاجها. كيف يمكن للباحثين تقرير ما يجدر بهم حفظه وطرحه. وهل سيدين خياراتهم هذه الباحثون بعد 100 عام من الآن. "واضح أنك لا يمكن أن تحفظ كل شئ" حسب اعتقاد ماري تيريزا فارلاموف مديرة برنامج الحفظ الذي يتولاه "الاتحاد الدولي للمكتبات والمعاهد" ومقره مدينة هالي في هولنده. وتذكر فارلاموف "أن ما يتم اختياره الآن سيوجه باحثي المستقبل". وتعمل المكتبة الوطنية في السويد في برنامج لحفظ أكثر ما يمكن مما يخص السويد في شبكة "الويب" WWW المكتبيون حول العالم جهودهم من أجل حفظ التراث الثقافي في العصر الألكتروني. يحمل البرنامج عنوان Kulturaw3، ويعني وفق تلاعب لفظي باللغة السويدية "التراث الثقافي". يتم في ذلك استخدام برنامج انسان آلي روبوت يمسح "الويب" بشكل دوري ويستنسخ المواقع التي تهم السويديين، بما في ذلك الصفحات الأجنبية التي تضم ترجمات لمواد سويدية. وفي فرنسا حيث يتم تنفيذ مشروع لبناء مكتبة رقمية digital library بالغة الحجم يعمل المكتبيون في رقمنة الأعمال الفرنسية المهمة ووضعها في خطوط المعلومات الفورية. ويحفظ المكتبيون الفرنسيون المواد المرقمنة في اسطوانات مدمجة CD-ROM مزججة يتوقعون أن تدوم كالمطبوعات الورقية فترة تزيد عن 100 عام. وذكر دانييل رينو مساعد مدير المكتبة الوطنية الفرنسية أن في المكتبة الرقمية نحو 86 ألف عنوان بينها ليس فقط عيون الأدب الفرنسي بل أيضاً خرائط وصور فوتوغرافية نادرة قديمة. معظم هذه المواد متوفر لزوار محطات الكومبيوتر في المكتبة، لكن يزداد عدد محتويات المكتبة الرقمية التي تجد طريقها الى موقع المكتبة على شبكة "الويب". المحفوظات الأوروبية ويقوم المكتبيون في ثماني دول أوروبية بتجميع المواد التي لم تنشر إلاّ بشكل ألكتروني. ويبني المكتبيون "شبكة مكتبة المحفوظات الأوروبية" وتُدعى باختصار NEDLib. الهدف الحالي للمشروع البحث عن أفضل التكنولوجيات والتطبيقات التي يمكن استخدامها لحفظ ما يطلقون عليه اسم "المواد المولودة رقمياَ" digital-born. وتشمل هذه المواد كل شيء، من المجلات العلمية الألكترونية الى المنشورات على "الويب" والاسطوانات المدمجة CD-ROM. الغرض من المشروع إيجاد قاعدة عامة للحلول التكنولوجية لتصنيف وحفظ المعلومات الرقمية. وأشار المكتبيون الى التغيرات المتواصلة في المعدات والبرامج المستخدمة في حفظ الوثائق، وما إذا كان على المكتبيين حفظ الوثائق الألكترونية؟ واقترح بعضهم الحفاظ على المعدات والبرامج القديمة ليتسنى قراءتها دائماً، فيما دعا آخرون الى تطوير برامج قادرة على جعل الوثائق القديمة مقروءة بالآلات الجديدة. وشكوا من السرعة البالغة للتغيرات التي تجعل المكتبات عاجزة عن قراءة المطبوعات الرقمية المحفوظة لديها. وقد أظهر مسح نحو 54 من أعضاء "مجموعة المكتبات البحثية"، وهي اتحاد دولي للجامعات والمكتبات وغيرها من معاهد البحوث أن لدى 36 منها مواد رقمية وقال 15 منها أنها لا تملك القدرة لقراءة بعض هذه المواد بما في ذلك اسطوانات الكومبيوتر. ويشكو المكتبيون من أن ناشري المجلات الألكترونية وغير ذلك من المنشورات غير المطبوعة على الورق يقومون بتأجير موادهم وليس بيعها. هذا يعني أن المكتبة التي اعتادت على شراء المجلات وحفظها للاستخدام الدائم تُحرم من المجلة عند انتهاء فترة التأجير. واستمع المؤتمر الى وجهات نظر تدعو الى عدم طغيان الحماس للمطبوعات الألكترونية على الورق. وقال الباحث والمؤلف الأميركي روبرت دارنتن أن أي نسخة من العمل لا يمكن أن تحل محل الشيء الحقيقي. فمن أجل الشعور بالوثيقة لا يحتاج الشخص في تقديره الى قراءة الأصل فحسب، بل الامساك به أيضاً. "والباحثون المهتمون بتبادل الرسائل يتعاملون مع رسائل تحمل رائحة عطر، ورسائل مكتوبة بالدم، ورسائل ملطخة بالدموع - بل حتى بقطرات دموع كاذبة مصنوعة عن طريق سفح قطرات ماء على الصفحات"!