تبلورت امس معالم ازمة بين طهرانوانقرة بشأن السيطرة على منطقة المثلث الحدودي الايراني -التركي - العراقي حيث نفذت القوات البرية الايرانية مناورات امس، ارفقتها بتهديدات للاتراك الذين ردوا باتهام ايران بضم اراض عراقية في المنطقة. ورغم التكتم الاعلامي في تركيا على المناورات التي جاءت عشية اجتماع اللجنة الامنية المشتركة للبلدين للبحث في الاتهامات المتبادلة بينهما، وجه الرئيس التركي سليمان ديميريل تحذيراً شديد اللهجة الى طهران من مغبة "تفسير صبر انقرة بأنه ضعف". واضاف ان "الدول التي تختلف معنا تعلم مقدار قوتنا جيداً وليس في مصلحتها ان تخطىء في حساباتها لأن الماضي شاهد على نتائج ذلك". وشكل ذلك رداً مباشراً على تصريح ادلى به قائد القوات البرية الايرانية الجنرال عبدالعلي بور شايب لدى بدء المناورات امس ، مشيراً الى انها تأتي في إطار الاستعدادات القتالية "لصدّ من يحاول التعرض لاجواء إيران وحدودها الدولية". ومعلوم ان ايران اتهمت تركيا اخيراً بالاغارة على احدى قراها والقيام بعملية تسلل في الاراضي الايرانية المحاذية للحدود بين البلدين. وردت تركيا باتهام ايران بايواء مقاتلي حزب العمال الكردستاني. ورد قائد الاركان التركي الفريق اول حسين كفرك اوغلو على اتهامات ايران امس بقوله ان الغارات التركية الاخيرة استهدفت مواقع لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق وليس ايران ، مؤكداً ان من المستحيل ان تخطىء قواته هدفها. ثم استدرك قائلا أن "ايران ربما تكون استغلت الوضع بعد حرب الخليج لتضم بعض اراضي شمال العراق اليها". وأكد كفرك اوغلو مقتل بعض الضباط الايرانيين في الغارات. ولكنه اتهمهم بالوجود في المنطقة التي تعتبر جزءاً من الاراضي العراقية لتدريب عناصر حزب العمال الكردستاني. واكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" في انقرة أن موضوع الحدود مطروح الآن من خلال البحث في مستقبل شمال العراق، الذي تبدو لتركيا اليد العليا فيه من خلال وجودها عسكرياً هناك. وقالت المصادر ان ايران قلقة من وجود تفاهم سري بين انقرة وواشنطن حول مستقبل تلك المنطقة. وجاء هذا الكلام في وقت كانت قطاعات من القوات البرية والجوية الإيرانية تُنفذ مناورات ضخمة في منطقة كرمنشاه الغربية قرب المثلث الايراني - العراقي - التركي. وحلّقت عشرات المقاتلات التابعة لسلاح الجو الإيراني في اجواء المنطقة اضافة الى هليكوبترات نفذت مناورات تكتيكية وإسنادية، فيما جرت عمليات انزال وهمية قامت بها وحدات من المظليين تابعة للواء الخاص الخامس والستين. وفي الوقت نفسه، جدد الناطق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي تفنيد الاتهامات التركية لبلاده بدعم حزب العمال الكردستاني، بأنها عارية عن الصحة. وأكد ان اللجان الأمنية المشتركة بين البلدين تبحث منذ سنين في هذه الاتهامات من دون أن يتمكن الجانب التركي من اثباتها، معتبراً أنها محاولات من أنقرة لترحيل مشاكلها الداخلية بشكل يسيء الى مبادئ حسن الجوار. ويعقد اليوم في مدينة ارومية الايرانية اجتماع اللجنة المشتركة التركية - الايرانية للبحث في التهم المتبادلة ومشكلة الحدود بين البلدين. وذكرت مصادر الخارجية التركية أن اللجنة لن تتطرق الى موضوع جنديين اسرتهما طهران خلال عملية تسلل الى اراضيها الاسبوع الماضي. والتقى وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم القائم بالاعمال الايراني في انقرة حسين لوساني وشرح له ضرورة فصل موضوع الجنديين عن الخلافات الحاصلة بين البلدين حالياً. واشار لوساني الى حصوله على اشارات ايجابية من طهران بشأن اطلاق سراحهما خلال ايام تعبيراً عن حسن النية، فيما لم تستبعد مصادر الخارجية التركية أن يسلم الجنديان الى الوفد التركي الذي يشارك في اجتماع اللجنة الامنية المشتركة.