عادت اجهزة ماكنتوش الحديثة الى واجهة المنافسة في سوق المغرب بعد طرح جيلها الجديد "جي 3" الذي تسعى من خلاله الى انتزاع الريادة من اجهزة "بي سي بنتيوم" الثالث من انتل الذي خصص مبالغ ضخمة للانفاق على الدعاية والتعريف بخصائص المعالج السريع من فئة 500 ميغاهيرتز، تدعمه في ذلك شركات التصنيع الكبرى مثل "سايمنس نيكسدورف" و"كومباك" و"هيولت باكارد". وعلى عكس ما كان منتظراً لقي ماكنتوش "جي 3" استحساناً من جمهور المستعملين خصوصاً بعد النجاح الذي لقيه اي ماك I MAC الذي تشارك في تصنيع معالجه آي بي ام وموتورولا وهو سبق ان تفوق من قبل على معالجات انتيل بي اكس 440 رغم عدم توافره على قارئ الاقراص المرنة من فئة 44.1 ميغابايت. وارتفعت حصة ماكنتوش الى 17 في المئة من حجم السوق بعدما تراجعت في الاعوام القليلة الماضية الى ما دون ستة في المئة. وبدا ماكنتوش "جي 3" للجيل الجديد من هواة الكومبيوتر كجهاز يكتشف للمرة الاولى، وبعضهم لم يسمع من قبل بالتفاحة الخضراء، او كانت له نظرة نمطية حول جهاز ارتبط بمعالجة النصوص وكتابة التقارير وانتاج الصحف. ولم يصدق البعض ان الماك باستطاعته التفوق على بنتيوم 3 فالرأي السائد ان الكومبيوتر يعني بي سي ولا شيء غيره. وكان الاكتشاف الاول عندما قدمت شركة تسويق محلية مبارزة بين الجهازين باستخدام برامج مكتبية معقدة. وتم تجهيز النوعين ببطاقة غرافيزم اي تي ريدج 128 وبقرص صلب بسرعة 7200 دورة في الدقيقة، وعلى اساس قدرة رقمية ضوئية 1024x768 والصور الثلاثية الابعاد. وتفوق ماكنتوش على بنتيوم في اغلب البرامج المكتبية مثل فايل "ميكربرو" و"وورد" و"فوتوشوب" والالعاب ثلاثية الابعاد دي 3، وظهر ان بانتيوم يحتاج الى ما بين 6 الى 135 في المئة من الوقت اكثر مما احتاجه جي 3 لانجاز العمليات نفسها خصوصاً عندما يتعلق الامر بصور مضغوطة بحجم 100 ميغابايت. فقد كان الفرق مذهلاً اذا احتاج ماكنتوش الى 52 ثانية وبنتيوم 42.1 دقيقة. حتى في حال "وورد" الذي ارتبط دوماً بمايكروسوفت المنافسة لم يكن اداء ماكنتوش سيئاً اذ انجز تغيير 15 الف كلمة في 17 ثانية ومنافسه في سبع ثواني فقط. النتيجة التي خرج بها الشباب الذي تابع المبارزة بين الجهازين في احد المختبرات داخل العاصمة غيّرت كثيراً من الآراء النمطية التي كانت تلصق بماكنتوش واستعمالاته لكنها لم تغير من حقيقة منافسة الاسعار. ذلك ان فارق السعر بين الجهازين كبير الى حد لا تتحمله موازنة شباب اغلبهم طالب او باحث عن عمل او يعتمد على دعم الاسرة. والبعض اكتفى بالاستمتاع وانصرف. فيما انصرف البعض الآخر مهرولاً عندما نطق البائع بالاسعار او كاد. ويطرح بنتيوم 3 من هيولت باكارد بي 450 باكس بسعر 18210 دراهم لا تشمل الضرائب وهو يشمل قرصاً صلباً سعة 13 جيغا و128 من بطاقة الرام وقارئ اقراص فيديو دي في دي. بينما يطرح ماكنتوش جي 3 بالخصائص نفسها تقريباً بسعر 26 الف درهم من دون الضرائب. ولتفسير تركيبة الاسعار تقول مسؤولة المبيعات ان ثمن الوحدة المركزية 20 الف درهم وثمن الشاشة ستة آلاف والمبلغ قد يرتفع في حال طلبيات اضافية في مجال حجم ونوع البطاقات او سعة القرص الصلب او سرعة قارئ الاقراص المدمجة وغيرها. وعندما استوعبت الاسعار في ذهني انصرفت بهدوء مثلما فعل الشباب، فالسرعة والتفوق التكنولوجي لا تبرر احياناً جهازاً بثمن سيارة مستعملة. وقال محدثي وهو من انصار بي سي مثل كل الفرانكوفونيين الذين لا يعبأون ببرامج التشغيل العربية - الانكليزية من ويندوز. ان ماكنتوش رغم كل الصعوبات التي واجهها في العقد الحالي لم يستوعب الدرس جيداً ومُصِرٌ على ان يكون متفوقاً في السعر كذلك رغم تفوقه في التصميم والقوة. فاقترح عليّ زيارة صديق له محل يجمع فيه اجهزة بي سي لقيطة يعرضها بأقل من ثلث الاسعار المعلنة. واقترح علينا الصديق الذي بدا لا يعرف شيئاً عن جي 3، انواعاً من بنتيوم 2 بنحو الف دولار تشمل معالج انتل بي اكس 440. وذاكرة سدرام 64 وذاكرة عشوائية 512 كيلوبايت، وبطاقة غرافيز م ا جي بي. وبطاقة صوت بلاوستير مطابقة، وموديم سرعة 56 - ثانية وقرص صلب سعة ستة جيغا وانظمة ميلتي ميديا اضافة الى طابعة وبرامج مقرصنة حسب الطلب، همسها في اذني وكأنه يعتقدنا ممثلين لمايكروسوفت او مؤسسات حماية الملكية الفكرية. هذا النوع من الاجهزة يطلق عليه محلياً اسم المنسوخات او المجمعات فهو لا يحمل اسم ماركة معروفة ولا يستطيع المقتني التعرف على نوعية البطاقات او الرقائق التي تكونه وهي في الغالب مستوردة من جنوب شرق آسيا وبأسعار تنافسية. انتشرت هذه الاجهزة بقوة في السوق المغربية وهي مسخرة في الغالب للاستخدام على انترنت، وغالباً ما يقتنيها المبتدئون لرخص اسعارها او لجهلهم بالمواصفات الضرورية للاجهزة المعتمدة، وتقدر مبيعاتها بنحو ثلاث من اصل اربع وهو ما يفسر اتساع مبيعات الاجهزة الرخيصة مستفيدة من تقلص الرسوم الجمركية وتشجيع السلطات على تعميم استخدام التكنولوجيا رغم التشدد الرسمي في مقاومة البرامج المقرصنة. وتقدر مبيعات هذا النوع من الاجهزة وهي من نوع بي سي بعضها بمعالجات انتل وبعضها بمعالجات ساريكس الرخيصة، بنحو سبعين الف جهاز سنوياً من اصل مئة الف مجموع مبيعات اجهزة الكومبيوتر المكتبية. فبعدما كانت مقتصرة في السابق على الافراد الذاتيين او الشركات الصغرى التي تدخل عالم الكومبيوتر للمرة الاولى انتشرت مبيعات المنسوخات حتى داخل قطاع الادارات الحكومية وبات الجهاز يحمل اسم كومبيوتر وكفى من دون اي تصنيف آخر، فالاستعمال لا يتجاوز كتابة التقارير واعداد الجداول والرسوم البيانية. وهذا برأي قسم المشتريات الادارية لا يحتاج الى ماركات مشهورة شريطة التوفر على الاقراص الاصلية لبرامج التشغيل في حال الاعطاب. وكما هي الحال عادة، فالناس باتت تفكر بجيوبها وليس بعقولها. وتساءل محدثي عن موقفي من عرض المنسوخات الذي وصفه بالجيد، فسعره برأيه يقل ثلاث مرات عن الاجهزة تلك التي عايناها في المختبر وتابعنا فيها المبارزة التكنولوجية بين بنتيوم 3 من انتل وجي 3 من ماكنتوش وقدرتهما على انجاز الاعمال وسرعتهما. وقلت لمحدثي بعد تردد ان العرضين احلاهما مر: فالمنسوخات تشبه حالة من يتزوج امرأة عانساً مهرها هزيل لكن العيش معها بعد فترة قد يصبح مستحيلاً لانها تتجاوز بسرعة مثل الاجهزة المكتبية، فيما يشبه شراء ماكنتوش جي 3 بالاسعار المعروضة حالة من يقتني سيارة فارهة يركنها بجوار البيت ولا يستخدمها الا في نهاية الاسبوع والعطل لانه لا يملك مصروفاً كافياً للبنزين. فهل يستفيد ماكنتوش من حرب الاسعار مع بي سي ليستعيد امجاد الايام الخوالي؟