القاهرة - "الحياة" - أقام مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان في القاهرة أخيراً ندوة عن كتاب "الفن بين العمامة والدولة" الذي كتبه الناقد علي أبو شادي رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وكمال رمزي ومارلين تادرس، ويناقش موقف الدولة والدين من فن السينما، وشارك في الندوة حشد من الفنانين والنقاد والصحافيين. انتقدت المخرجة عطيات الابنودي منطق التعامل مع الدين من جانب السياسة لأنه منطق انتهازي، وانتقدت أيضاً الكتاب "لأنه لم يكشف أيضاً موقف رجال الدين المسيحي من الفن"، ووجهت اللوم الى القيادات القبطية لأنها لم تكشف ذلك. وقالت الدكتورة نهاد صليحة إن الكتاب لمس هماً من همومها الشخصية وهو موقف الدين الإسلامي من الفن. واعتبرت أن ما يحدث الآن هو إعادة للمعارك التي خاضها المثقف المصري منذ بدايات القرن. وقالت: "نحن أمام سينما مصرية مرجعيتها أبوية …، غير معقول بعد هذا الوقت من التنوير ان نعود من حيث بدأنا، ونسأل: المرأة تعمل أم لا؟ تلبس حجاباً أم لا؟ نحن أمام تنوير زائف ومسرح منهار وهناك أزمة ممثلات، ليست لدينا ممثلات بل فتيات إعلانات، نحن أمام نموذج أنثى لا تعرف كيف تتعامل مع جسدها". وقال الناقد سمير فريد: "الفن في مواجهة الدولة المعممة هو العنوان الأفضل للندوة، لأن الدولة هي التي ساهمت في تربية الإرهاب والتطرف ونحن لم نعش تنويراً زائفاً، لكن هناك تنويراً حقيقياً منذ أيام محمد علي، توقف في 1952، والكل يطالب المثقف المصري بما لا يستطيع، في 67 انهزم الجيش بسبب التسيب العسكري فيقول هيكل إن هناك أزمة مثقفين، هذا الشعب واعٍ وكان له وجود سياسي في 1919 و1936 و1946 وغيرها وكان هناك مجتمع ديموقراطي يتجه نحو الليبرالية بشكل جميل وخير دليل على ذلك قانون الجنسية المصرية الذي صدر في عام 1929، فالحل الآن هو الديموقراطية خصوصاً بعد تفشي الفاشية في الأحزاب المصرية دون استثناء والفصل داخل المجتمع هو الذي أدى الى مسلسل ديني إسلامي ومسلسل ديني مسيحي، كل هذا والدولة تتعامل مع المثقف باعتباره "مهنته الكلام فقط" لاپبد من تغيير ذلك". وعلى هامش الندوة تم تكريم المخرج المصري رضوان الكاشف، وبدأت مراسم التكريم بكلمة ألقاها الناقد سمير فريد قال فيها إن "هناك انهياراً في صناعة السينما المصرية، واصبحت السينما في حاجة إلى الجمهور المصري، الذي هو مصدر إيرادات الفيلم المصري الآن، ورضوان الكاشف من السينمائيين الذين يصنعون أفلاماً تعبر عن هموم خاصة جداً، لكنه صنع فيلمين فقط في مدة عشر سنوات، وهو واحد من جيل يضم مجدي أحمد علي واسامة فوزي ويسري نصرالله وسيد سعيد، جيل أحلامه السينمائية مؤجلة. وهذا الجيل يمثل تياراً مختلفاً عن تيار الثمانينات الذي ضم الطيب وخان وبشارة وداود عبد السيد، وغيرهم. ونحن للأسف نحتفل الآن برضوان، وأقول للأسف لأن فيلمه الأخير "عرق البلح" تم قتله واغتياله في دور العرض حيث تم سحبه بعد اسبوع واحد فقط، وهذا الفيلم حصل على عشر جوائز عالمية في العديد من المهرجانات الدولية، وللأسف أن الموزع هو الذي حكم عليه بالقتل لا لشيء الا لأنه فيلم مختلف وأصبح هناك آلية تجارية تسعى لقتل مثل تجارب الكاشف، وجيله، ولا اعتبر أن تكريم رضوان مواساة له عما حدث لفيلمه لكنه تشجيع على الاستمرار ولنقول إن هناك معركة يواجهها المبدعون في السينما المصرية". ومن جانبه قال الكاشف مخرج "عرق البلح": "تم حصار الفيلم وحصار ذوق معين. لقد قتلوا الفيلم لأنه ليس مع الموجة السائدة في الفيلم المصري من كوميديا، والفيلم واجه صعوبات عدة منذ البداية، طلبوا تغيير اللهجة ورفضت وتوقف العمل في الفيلم لمدة خمسة أشهر والموزع رفض الفيلم لاعتقاده أن الفيلم يحكي عن أناس غير موجودين، فهناك رفض للآخر في السينما، يريدون سينما معينة ذات رؤية واحدة، يريدون نوعاً من أنواع تنميط السينما وأحادية الرؤية". وأشار الكاشف الى أن هناك حصاراً لذوق الناس وحصاراً للسينما العالمية في مصر، "نحن لا نشاهد غير الفيلم الاميركي لذلك تعاملوا مع "عرق البلح" باعتباره فيلماً يابانياً أو صينياً، هناك إفراغ للبنية العاطفية للشعب المصري عن طريق منع الفن وهذا يفسر العنف الموجود كله".