تصدر محكمة في اورغواي غدا قراراً نهائياً في شأن طلب قدمته الحكومة المصرية لتسلم اصولي اعتقل هناك في كانون الثاني يناير الماضي. واعتبرت زوجة سعيد حسن مخلص ان ترحيله يعرض حياته للخطر. واشارت الى ان هيئة الدفاع عن زوجها قدمت الى المحكمة وثائق ومذكرات لدعم موقفه في مواجهة موقف الحكومة المصرية التي تصر على تسلمه باعتباره قيادياً في تنظيم "الجماعة الاسلامية". رجّحت السيدة سحر محمد حسين زوجة الاصولي المصري المعتقل في اورغواي سعيد حسن مخلص ان تُصدر محكمة مونتيفيديو غداً قراراً باطلاق زوجها ورفض طلب قدمته مصر لتسلمه مع منحه اقامة دائمة في اوروغواي. وقالت الزوجة في اتصال هاتفي اجرته مع "الحياة" في القاهرة ان المحكمة كانت قررت مرتين رفض الطلب المصري واطلاق مخلص لكن ممثل السفارة المصرية في مونتيفيديو اعترض على القرارين وقدم طلبات الى المحكمة لاعادة النظر في قرارها. وقالت ان القاضي طلب منه تقديم ادلة جديدة تتضمن معلومات رسمية موثقة عن علاقة المتهم بتنظيم "الجماعة الاسلامية" وحادثة الاقصر التي وقعت في تشرين الثاني نوفمبر 1997 والقضية الرقم 502 التي تحقق فيها حالياً نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة وورد اسم مخلص فيها باعتباره متهما رئيسياً. وتحتجز السلطات في اوروغواي الاصولي المصري في سجن العاصمة مونتيفيديو منذ اعتقاله في 29 كانون الثاني يناير الماضي بتهمة استخدام جواز سفر ماليزي مزور عند عبوره النقطة الحدودية ما بين البرازيل واوروغواي. وكانت الحكومة المصرية قدمت الى المحكمة مذكرة اكدت فيها ان مخلص قيادي بارز في "الجماعة الاسلامية" التي وصفتها بأنها "جماعة ارهابية دولية اتخذت من مصر مقراً لها" وأن نشاطها "يمثل تهديداً مباشراً لأمن مصر"، مشيرة الى ان الهدف الرئيسي للجماعة هو "قلب نظام الحكم بالقوة وإقامة نظام جديد". وذكرت المذكرة ان "الجماعة" نفسها، في سبيل تحقيق ذلك الغرض، "اعلنت مسؤوليتها عن اعمال عنف عدة، وتعرّض حياة السياح الاجانب وبعض المسؤولين والقادة الامنيين للخطر من خلال عمليات ارهابية أودت بحياة اشخاص كثيرين". وسردت المذكرة أمثلة للعمليات التي نفذها تنظيم "الجماعة الاسلامية" داخل مصر وبينها: قتل ثمانية ضباط للشرطة وجرح 13 آخرين في جنوب مصر، خلال الفترة من 29 آب اغسطس وحتى 20 أيلول سبتمبر العام 1994، وقتل 18 سائحاً يونانياً وجرح 17 آخرين أمام أحد الفنادق في الجيزة يوم 18 نيسان ابريل العام 1996، وقتل 58 سائحاً وأربعة مصريين وجرح آخرين في البر الغربي لمدينة الأقصر يوم 17 تشرين الثاني نوفمبر 1997. كما أوردت المذكرة بعض العمليات التي نفذها التنظيم خارج مصر، وبينها: محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك يوم 26 حزيران يونيو 1995 عقب تحرك موكبه من مطار أديس أبابا في طريقه لحضور افتتاح مؤتمر منظمة الوحدة الافريقية، وتفجير سيارة مفخخة يوم 20 تشرين الأول اكتوبر العام 1995 خارج مخفر شرطة مدينة ريجالا في كرواتيا، ما تسبب في قتل قائدها وجرح 29، مشيرة الى أن الجماعة كانت أعلنت مسؤوليتها عن ذلك معللة الهجوم بأنه ضد المصالح الكرواتية نظراً لاعتقال السلطات هناك الناطق باسم "الجماعة" طلعت فؤاد قاسم. وأكدت المذكرة أن مخلص انضم الى تنظيم "الجماعة الإسلامية" في محافظة بورسعيد مسقط رأسه، وشارك عناصر التنظيم في المدينة في كل نشاطاتهم المتمثلة في تغيير المنكر باليد بالقوة والدعوة الى فكر التنظيم، وأنه غادر مصر في بداية التسعينات الى إحدى الدول العربية، ومنها الى افغانستان حيث مارس تدريبات على استخدام الأسلحة الآلية والمدافع وتصنيع المتفجرات ودراسة الطبوغرافيا العسكرية، وشارك في المعارك التي جرت بين المجاهدين الأفغان والاحتلال السوفياتي واصيب في إحدى المعارك وتم علاجه، وأن اسمه الحركي هو ابراهيم. وذكرت أن هدف التدريبات هو "دفع عناصر التنظيم الى البلاد لارتكاب الأعمال الإرهابية التي من شأنها المساعدة على تحقيق هدف التنظيم في الاستيلاء على السلطة الشرعية في البلاد بالقوة". واشارت الى أن تمويل التنظيم يتم عن طريق جمع التبرعات من العناصر الفارة في الخارج وتلقي مبالغ مالية على حسابات خاصة بالشيخ عمر عبدالرحمن، وكذلك أن من بين نشاطات التنظيم تزوير جوازات السفر والمستندات التي تساعد عناصره على العودة للبلاد. وأوضحت أن القضية الرقم 502 تضم 59 متهماً بينهم مخلص باعتباره أحد القادة الرئيسيين في تنظيم "الجماعة الإسلامية". ويسمح القانون في اوروغواي للمدعي بالاعتراض مرتين فقط على قرارات المحكمة واستئنافها. وأوضحت الزوجة ان القاضي اعلن في الجلسة السابقة ان القرار النهائي سيصدر في جلسة الاثنين المقبل ومن غير الجائز استئنافه. وذكرت ان هيئة الدفاع سلّمت المحكمة مذكرة اعدها محامي زوجها منتصر الزيات تضمنت تفنيداً للتهم الموجهة الى مخلص، ورداً على المذكرة المصرية. وأوضحت ان مذكرة الزيات اكدت ان زوجها متهم بالمشاركة في بعض الجرائم التي حوكم المسؤولون عنها امام محاكم عسكرية ومدنية وصدرت في شأنها احكام، وأن اسمه لم يرد في أي من قضايا العنف الديني التي نظر فيها القضاء المصري من قبل. وتناولت وقائع القضية الرقم 502 التي ورد اسم مخلص فيها باعتباره "متهماً رئيسياً". وأشارت الى "ان جميع المتهمين في القضية فارون ولم يتم القبض على أي منهم وأن الوقائع تقتصر على ما جاء في مذكرة تحريات مقدمة من اجهزة مباحث أمن الدولة تتضمن معلومات عن ممارسة بعض الاشخاص المقيمين في الخارج نشاطاً ضاراً بأمن البلاد". ولفتت المذكرة الى أن الامر لم يطرح بعد على القضاء. وردت المذكرة على المعالجة القانونية للتهم التي اسندتها السلطات المصرية في طلبها تسلم مخلص. وقالت: "رغم إن النصوص الدستورية التي تتعلق بنظام التقاضي وضمانات الدفاع وحقوق المتهم في مصر جاءت ايجابية وتحقق مصالح المجتمع والمتهمين وخصوصاً النص على حظر توقيع عقوبة الاعدام إلا بحكم قضائي، وأن المتهم برئ حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وكذلك النص على ان لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي، الا أن النصوص التي وردت في قانون العقوبات في التهم التي تتعلق بأمن الدولة جاءت مغلظة في العقوبة بحيث تصل الى الاعدام والسجن المؤبد. وما يزيد الامر تعقيداً في مثل تلك القضايا ان الحكومة لجأت العام 1992 الى اجراء تعديل تشريعي عرف باسم "قانون الارهاب" شدد العقوبات وخلط بين "الفكر والنشاط المادي". وأشارت الى ان المادة 86 من القانون المذكور عرّفت الارهاب بأنه "كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ اليه الجاني تنفيذا لمشروع فردي أو جماعي بهدف الاخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك ايذاء الاشخاص أو القاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو الحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو الاموال أو المباني أو الاملاك العامة أو الخاصة باحتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لاعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو اللوائح". واعتبرت ان التعريف "خلط ما بين الجريمة السياسية والجريمة الارهابية". وأضافت المذكرة: "فضلاً عن كون العقوبات الواردة في القانون مشددة وتتراوح ما بين الاعدام والسجن المؤبد، فإن المشكلة زادت تعقيداً منذ العام 1992 عندما لجأت الحكومة المصرية الى اجراء استثنائي استندت فيه الى قانون الطوارئ تمثل في احالة المتهمين المدنيين في قضايا الجماعات الدينية على القضاء العسكري وهو قضاء استثنائي يحرم المتهمين من حق الطعن في الاحكام الصادرة عنه". واشارت الى ان تلك الاحكام "غير قابلة للطعن أو الاستئناف امام أي هيئة قضائية أخرى".