عاد الهدوء الى شوارع طهران، بعد خمسة ايام من المصادمات بين الشرطة والحرس الثوري و"الباسيج" من جهة، والطلاب من جهة اخرى. وبدأت قوات الامن ملاحقة "المشاغبين والمحرضين" على التظاهر، فيما اعلن اتحاد الطلاب ان المفاوضات مع السلطة مستمرة، وهدد بالعودة الى الاعتصام السلمي اذا لم تتحقق مطالبهم. اتهمت منظمة سياسية موالية للرئيس محمد خاتمي خصومه بتهيئة الاجواء لانقلاب عسكري لاطاحته. وعلى رغم الهدوء الذي يخيم على العاصمة الايرانية امس الا ان الحرس الثوري والميليشياتباسيج وقوى الامن التي تأتمر بامرة مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي وضعت في حال استنفار دائم "تحسباً لأي طارئ". وأصدرت "حركة نهضة الحرية" بزعامة ابراهيم يزدي بياناً حضت فيه الطلاب على استئناف اعتصامهم، محذرة من اللجوء الى اعمال العنف. وكان المجمع السكني لطلاب جامعة طهران الذي كان مسرحاً على مدى خمسة ايام للاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية شبه خال امس بعدما استعادت قوات الامن السيطرة على الامور وتوعدت بملاحقة الذين يحرضون على اعمال عنف. وتخلف حوالى 150 طالباً معظمهم من خارج المدينة وسط الزجاج المحطم والغرف المتفحمة نتيجة هجوم الشرطة الاسبوع الماضي على حرم الجامعة في اسوأ اضطرابات منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979. وعلى رغم ان الطلاب انهوا احتجاجاتهم فانهم اعلنوا انهم لن يتراجعوا عن مطالبهم الاساسية التي تشمل عزل قائد الشرطة واجراء محاكمة علنية لضابطين فصلا لانهما اصدرا الامر بالهجوم على اجتماع طلابي وتسليم جثث الذين قتلوا في الاضطرابات. ويقول الطلاب ان العشرات جرحوا وقتل خمسة على الاقل عندما شنت الشرطة والمتشددون هجوماً على اجتماع حاشد سلمي. واضاف طالب رفض عدم الكشف عن اسمه "لن يحدث شيء على الاطلاق لاننا ما زلنا نتحدث الى وزارة الداخلية بشأن مطالبنا". "الباسيج" ولا توجد مؤشرات تذكر الى تشديد الامن عند المجمع السكني للطلاب، فيما تدفقت حركة المرور بالقرب منه. لكن امكن مشاهدة وحدات شرطة خاصة ورجال شرطة بالملابس المدنية في الشوارع الجانبية. وذكرت تقارير صحافية ان الحرس الثوري والميليشيات الاسلامية وضعت على اهبة الاستعداد في انحاء طهران. وقال احد قادة الحرس لصحيفة "ابرار" المحافظة "الهدف ليس التدخل في شؤون الحكومة، بل المحافظة على الامن". ووفقاً للنظام الاسلامي في ايران فان الزعيم الروحي وليس الرئيس المنتخب هو الذي يرأس القوات المسلحة. وقال قائد الحرس انه تم نشر وحدات الميليشيات الاسلامية "الباسيج" التي تعمل تحت قيادة الحرس الثوري عند المنشآت الحساسة. انقلاب من جهة اخرى اتهمت منظمة سياسية اصلاحية امس الخميس خصوم خاتمي بالتخطيط "لانقلاب" ضد الاصلاحات الديموقراطية. وأكدت منظمة "مجاهدي الثورة الاسلامية" التي تنتمي الى التيار اليساري في بيان انه "منذ ادخلت اصلاحات على حكومة الرئيس خاتمي جعلت بعض الجماعات والقوى نسف برنامجه هدفها الاساسي". واضاف البيان الذي نشرت نصه صحف اصلاحية عدة انهم "يريدون عبر الازمات المخططة جعل الرأي العام يتراجع عن طريق الديموقراطية والتقدم السياسي". واضاف انهم "يسعون من وراء ذلك الى خلق الظروف الملائمة للقيام بانقلاب عسكري". وتنتمي منظمة "مجاهدي الثورة الاسلامية" التي يرأسها وزير الصناعة الثقيلة السابق بهزاد نبوي الى ائتلاف خاتمي السياسي الذي يضم معتدلين وراديكاليين من التيار اليساري. وتابع البيان "كلما اقتربنا من الانتخابات التشريعية في شباط/ فبراير 2000 كثفت هذه المجموعات نشاطاتها محاولة دفع الاصلاحات الى طريق مسدود وربما ارجاء الانتخابات او الغائها". وأكدت المنظمة في اشارة الى المصادمات العنيفة التي وقعت خلال الايام القليلة الماضية "من المؤكد ان احراق الممتلكات العامة والخاصة ومهاجمة الاشخاص ليس من فعل الشعب او الطلاب". وتساءلت المنظمة ايضاً عن العلاقات المحتملة بين المسؤولين الحقيقيين عن الاضطرابات وسلسلة الاغتيالات الاخيرة التي استهدفت معارضين ومثقفين السنة الماضية وتبين بعد ذلك تورط اجهزة الاستخبارات فيها. وتساءلت المنظمة "ألا تدل الاحداث الاخيرة على اننا نشاهد صامتين ضرباً من الانقلاب على النظام خصوصاً على حكومة الرئيس خاتمي ودفع الحركة المنبثقة بعد الثالث والعشرين من ايار مايو الى طريق مسدود؟". على الصعيد نفسه حض الاتحاد الاوروبي امس الخميس ايران على تجنب العنف في التعامل مع تظاهرات الطلاب. واعلن الاتحاد في بيان نشرته فنلندا التي تتولى حالياً رئاسته "يناشد الاتحاد الاوروبي جميع القوى السياسية والاجتماعية في الجمهورية الاسلامية الايرانية اتباع سياسة التسامح واحترام حقوق الانسان". وأشاد الاتحاد بادانة الحكومة الايرانية مهاجمة قوات الامن ومتشددين اسلاميين الاسبوع الماضي اجتماعاً سلمياً حاشداً للطلاب مما ادى الى اندلاع تظاهرات عنيفة مناهضة للمؤسسة الدينية المحافظة.