السيد المحرر، اطلعت على ما نشرته "الحياة" للدكتور جمال الاتاسي عن وضع الناصرية في سورية وردود السيدين صفوان قدسي وبرهان الشامي على الاتاسي. وان ما يهمني في هذا الرد الموجز هو إبراز الحقيقة للظروف التي يعمل بها الناصريون وعلاقتهم مع السلطة القائمة في سورية. عندما حصل التغيير في 16/11/1970، لم يكن السيد صفوان قدسي معروفاً في أوساط الشعب السوري، ولم يكن له أي دور في الحركة الناصرية في سورية، وكانت الشخصية السياسية الناصرية المعروفة هي الدكتور جمال الاتاسي وبعض القيادات الناصرية الأخرى، وبعد 16/10/1971، تشكلت الجبهة الوطنية التقدمية آنذاك من الأحزاب الآتية: حزب البعث العربي الاشتراكي، الاتحاد الاشتراكي الاتاسي، الحزب الشيوعي خالد بكداش، حزب الوحديين الاشتراكيين فائز إسماعيل، الاشتراكيين العرب عبدالغني قنوت، بيد أن الدكتور الاتاسي قرر الانسحاب من الجبهة بعد عامين، وكان هذا القرار سليماً وحكيماً للأسباب الآتية: 1- وجد ان هذه الجبهة مجرد صورة وواجهة شكلية يقودها حزب البعث .... 2- عدم وجود مساواة أو تكافؤ بين أطراف هذه الجبهة على الاطلاق .... 3- إن السياسة الداخلية والخارجية للدولة يحددها حزب البعث .... 4- إن حزب البعث أعطى لنفسه حق التمتع بنصف أعضاء مجلس الشعب وزيادة واحد، أي 126 عضواً ...، ومع ذلك فإن دور مجلس الشعب في التشريع هامشي .... 5- إن حزب البعث باعتباره قائداً للجبهة الوطنية التقدمية يحتكر المناصب الأساسية في الدولة .... ومن أجل كل هذا طالب الدكتور الاتاسي بضرورة إقامة نظام سياسي متوازن يتحقق فيه تداول السلطة وليس احتكارها لحزب البعث وترك ذلك للشعب السوري الذي يقرر من هو الممثل الحقيقي، خصوصاً أن صيغة الجبهة القائمة تمثل تبعية أطراف الجبهة لحزب البعث وبالتالي عدم وجود تكافؤ أو مساواة بين أطرافها. وعندما أصبح صفوان قدسي لاحقاً أميناً عاماً للاتحاد الاشتراكي ومن أجل تثبيت مركزه وبقائه كأمين عام دائم، وصال المديح والاطراء بمناسبة وغير مناسبة، وأدى هذا التصرف إلى أن يتبعه الآخرون من أطراف الجبهة .... لذلك، فإن سلوك السيد قدسي أدى إلى وجود خلاف حقيقي في قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي وفي فروعه من المحافظات، مما أدى إلى وجود مطالبة حقيقية من قيادات الاتحاد الاشتراكي وفروعه في سورية بضرورة اخراجه من أمانة الاتحاد الاشتراكي، وعلى هذا الأساس دعا الأمين العام المساعد يوسف جعيداني إلى اجتماع اللجنة المركزية وإلى اعفاء السيد صفوان قدسي من أمانة الاتحاد الاشتراكي لخروجه عن الخط الناصري، بيد أن هذا القرار لم ينفذ .... إن هذا التدخل في شؤون الأحزاب يمثل تبعية أطراف الجبهة لحزب البعث الحاكم، ويمثل أيضاً كم ان السيد صفوان قدسي يتبع حزب البعث ونهجه السياسي، وان الدكتور الاتاسي بما لديه من ارادة سياسية مستقلة ونهج ناصري ثابت يمثل في الحقيقة نهج القوى الناصرية وتطلعاتها في رفض الهيمنة والتبعية أياً كان مصدرها، وأيضاً في تحقيق العمل السياسي المستقل الذي يقوم على إرادة الجماهير. لذلك، فإن القيادات الناصرية الموجودة في الجبهة الحالية لا تمثل بأي شكل من الاشكال الجماهير الناصرية الواسعة في سورية. لندن - ياسر عمار العبيد