شبكة متاجر "تاتي" الشعبية الكبرى التي كست أجيالا عدّة من المهاجرين محدودي الدخل في فرنسا، معروضة للبيع بسبب المتاعب المالية التي تواجهها. اذ راكمت شبكة المتاجر التي يقدّر رقم أعمالها السنوي بنحو 2،1 بليون فرنك، على مدى السنوات الثلاث الماضية خسائر بقيمة 80 مليون فرنك. والسبب ليس إحجام الزبائن عن "تاتي" التي تعرض الأرخص في العالم من الملابس والادوات المنزلية وحتى الذهب وإنما ظهور متاجر جديدة تنافس هذه الشبكة الدائرة في مجال سحق الأسعار. قبل نصف قرن تقريباً أسس جول اواكي، وهو تونسي الأصل، هذه الشبكة مبتدئاً بمتجر صغير عند جادة باريس الواقعة في أحد أحياء باريس الأكثر فقراً. وسرعان ما تحوّل المتجر الى ما يشبه الامبراطورية اذ أنه امتد على مسافة مئة متر على طول هذه الجادة، وانبثقت منه فروع عدّة توزعّت على الأحياء الباريسية المختلفة، وأيضاً على العواصم الأجنبية ومنها مدن الكاب وابيدجان وبيروت واسطنبول والقدس. وبرلين وصولا الى الجادة الخامسة في نيويورك. وكان فابيان اواكي نجل المؤسس، الذي يتولّى ادارة الشبكة حالياً، قال في حديث لمجلة "ايل" الفرنسية النسائية إن والده أنشأ متجره نتيجة إحساسه بحرج الأشخاص المعدمين الذين كانوا يتحرجون من دخول المتاجر العادية خشية التعرّض للإذلال. وأضاف: "اليوم عندما يقول لي أحد سائقي سيارات الاجرة شكراً، لأني بفضلكم أتمكن من شراء ملابس لجميع أفراد أسرتي أشعر بالفخر وأفكّر بوالدي" الذي توفي عام 1983. وللحفاظ على متاجره التي يتردّد اليها حوالى 5،2 مليون زبون سنوياً، فإن أواكي بحاجة اليوم الى ضخّ أموال جديدة في موازنتها، ولذا، فإنه كلّف مصرف الأعمال "لازارد" مهمة إيجاد هذا المشتري. وأشار المصرف الى أنه تلقّى حتى الآن أكثر من عشرين عرضاً للشراء، من جانب مجموعات تجارية كبرى فرنسية وأجنبية، منها مجموعة "سيليو" للملابس الرجالية، ومجموعة "كازينو". لكن أواكي الذي يملك 58 في المئة من رأسمال الشبكة، فيما يملك شقيقاه وشقيقته الباقي لا يرغب في التخلّي عن أكثر من 67 في المئة من رأسماله. فهو يريد الاحتفاظ لنفسه بالحد الأدنى من رأس المال الذي يسمح له بتعطيل قرارات المالك الجديد اذا لم يرَ أنها مؤاتية للشبكة. ويسعى أواكي، عبر عملية البيع هذه الى الحصول على مبلغ يعادل قيمة رقم الأعمال السنوي لشبكته أي 2،1 بليون فرنك، يخصّص جزء منها لتمويل 20 متجرا إضافيا يطمح الى إنشائها في الضواحي الباريسية، وتقدّر كلفتها بحوالي مئة مليون فرنك. وأمهل أواكي نفسه حتى الخريف المقبل لدرس عروض الشراء المختلفة، قبل اتخاذ قراره بشأنها، اذ انه يحرص على عدم ادخال اي تعديل على نشاط المتاجر، بحيث تستمر في تزويد زبائنها بما يلزمهم بأرخص الاسعار. لكنه في الوقت نفسه يرى ان شبكة المتاجر اذا تسنى له زيادة عددها، ستتحول الى مجموعة لها مكانها في البورصة على غرار سواها من المتاجر الكبرى مثل "كوبرانتان و"غاليري لافاييت" في غضون السنوات الثلاث المقبلة.