يشهد الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا انتعاشاً على صعيد مشاريع مراكز التسوق، على رغم الازمات التي تعصف بالعالم. وتراهن الشركات المطورة على مؤشرات متفائلة في دول الخليج والبلدان التي شهدت تغييرات جيوسياسية. وأفاد الرئيس التنفيذي ل «ماجد الفطيم العقارية» الاماراتية، بيتر واليكنوسكي، بأن شركته المختصة في تطوير مراكز تسوّق وترفيه وامتلاكها وإدارتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حققت العام الماضي 19 في المئة نمواً في الإيرادات، وارتفعت أرباحها قبل احتساب الفائدة والضرائب والاستهلاك بنسبة 20 في المئة إلى 1.7 بليون درهم إماراتي (463 مليون دولار)، بفضل الأداء القوي لمراكز التسوّق في دبي. وتملك الشركة 11 مركزاً تجارياً في الإمارات ومصر وعُمان والبحرين، استقطبت 140 مليون زائر عام 2011، بمساحتها الإجمالية المتاحة للتأجير البالغة 973 ألف متر مربع. وأوضح واليكنوسكي ل «الحياة» عبر الهاتف أن «فجيرة سيتي سنتر» الذي افتتح أخيراً هو أول مركز تسوُّق متكامل في الفجيرة، ويتضمّن أكبر متجر ل «كارفور» الفرنسية. وتوقع أن يستقبل 6.5 مليون زائر في سنته الأولى. التمويل وأوضح أن الشركة تعتمد في شكل أساس على رأس مالها وعلى الدين التجاري أو التمويل المشترك. وأطلقت «ماجد الفطيم القابضة»، الشركة الأم ل «ماجد الفطيم العقارية»، برنامج سندات متوسطة الأجل بقيمة بليوني دولار العام الماضي، وبرنامج صكوك إسلامية بقيمة إجمالية بليون دولار، أصدرت منها 400 مليون دولار في (شباط) فبراير. وحول انعكاس الاضطرابات الاجتماعية في دول عربية حيث للشركة مشاريع قائمة أو قيد الإنشاء، أوضح واليكنوسكي أن الوضع في مصر، حيث للشركة مركزا تسوّق في القاهرة (30 ألف متر مربع) والإسكندرية (61 ألف متر مربع) افتتحتهما عام 2003، يستدعي فصل الحراك السياسي عن السوق لأن الناس في حاجة إلى التسوّق دائماً. ولفت إلى أن الشركة تراهن في استثماراتها دائماً على المدى الطويل، وتشترط تقويم تكلفة المشروع قبل أن تبدأ بإنشائه، وتستفيد من علاقاتها مع مجموعات التجزئة التي تشغّل مساحات في مراكزها القائمة، لدراسة حجم الإقبال على المركز التجاري المزمع إنشاؤه. وحول مسار تطوير «مول مصر»، الذي سيمتد على 160 ألف متر مربع في القاهرة، أوضح واليكنوسكي أن الشركة اشترت الأرض بسعر السوق من مصرف مصري حكومي، وأضاف أن الشركة تنتظر موافقة السلطات المصرية على بعض الأمور، مثل تصميم مركز التسوّق ومخطط الطرق التابعة له، علماً أن بعض التباطؤ حصل في المعاملات الرسمية بعد الثورة. وتوقع أن تأخذ الشركة الضوء الأخضر قريباً وتبدأ بتطوير المشروع خلال ثلاثة أشهر على أن يفتتح عام 2014. وحول تطوير مركز «خمس شامات» في سورية، أشار إلى أن الشركة تملّكت الأرض وهي في مرحلة تصميم المشروع، الذي سيكون على مراحل، بتكلفة تبلغ بليون دولار، ويمتد على مساحة 1.5 مليون متر مربع في الصبّورة (17 كيلومتراً غرب دمشق). وتابع أن الشركة قيد تقديم عروض لإنشائه، وقد تأخذ بعض الوقت بسبب الاضطرابات. وحول مشاريع الشركة في بيروت، أوضح أن مركز «بيروت سيتي سنتر» في الحازمية الذي يتألف من 60 ألف متر مربع مساحات تجارية، منها متجر ل «كارفور» الفرنسية الذي سيكون الأول لها في البلاد، يتوقع أن يفتتح في الفصل الأول من العام المقبل، لافتاً إلى تأجير 90 في المئة من المساحة. وتابع أن 25 في المئة من المتاجر ستكون حقوق امتياز لعلامات تجارية عالمية تدخل السوق اللبنانية للمرة الأولى. وللشركة مشروع آخر في الضبية (ضاحية بيروتالشرقية) هو «ووتر فرونت سيتي» بالتعاون مناصفة من شركة «جوزيف خوري وأبناءه» القابضة، أطلقت المرحلة الأولى منه التي تتألف من سبعة مبانٍ سكنية في حزيران (يونيو) 2011، وبيع 70 في المئة من الشقق السكنية فيه. وحول تكلفة المساكن في هذا المشروع، أوضح أنها تختلف مع اختلاف الخيارات، لكنها بمعدل 4 آلاف دولار للمتر المربع، وأشار إلى أنها أسعار تنافسية في ضوء مواصفات المشروع، كالموقع المطل على البحر. وحول آفاق التوسّع في المنطقة، أوضح واليكنوسكي أن الشركة افتتحت مكتباً في السعودية، وهي سوق تجزئة ضخمة. وتجري مفاوضات مع جهات لشراء أرض لإقامة مركز تسوّق، عبر شراكة معها، واستطرد أن هناك مفاوضات متقدمة مع أحدهم. ولدى الشركة مساعٍ لمشاريع في تونس والمغرب، مع العلم أنها لا تملك حقوق «كارفور» هناك. كما تسعى إلى شراء مركز تسوّق قائم في باكو (عاصمة أذربيجان)، حيث تملك حقوق افتتاح «كارفور». وحول مَن في رأيه ينافس «ماجد الفطيم العقارية»، جزم أن معظم الشركات العاملة في هذا القطاع في المنطقة لديه طابع محلي، مثل مجموعة «الحكير» السعودية أو «مركز سلطان» الكويتية أو «الغرير» الإماراتية، في حين أن «ماجد الفطيم» هي الوحيدة الناشطة إقليمياً، علماً أن شركة «إعمار» الإماراتية تنافسها في الإمارات وفي مصر، لكنها وفق واليكنوسكي «تركز أكثر على تطوير المجمّعات السكنية في شكل أساس». بين دبيوبيروت أما الرئيس التنفيذي لمجموعة «أدميك» اللبنانية، ميشال أبشي، فقال ل «الحياة» في مقابلة في بيروت إن «دبي قطفت ثمار جهودها، إذ كانت لديها رؤية شاملة وفاعلة في التركيز على قطاعي التجزئة والسياحة»، ولفت إلى أن التحديات كبيرة في لبنان، لأن البلد دائماً في حال لااستقرار، نتيجة تأثره بالتفاعلات السياسية في المنطقة. وكانت «أدميك» انطلقت في السوق اللبنانية عام 1998، بعلامتين تجاريتين فرنسيتين هما «بي إتش في» للأدوات المنزلية والأزياء و «مونوبري» للسوبرماركت. وحول خطوة بيع المحال التجارية «مونوبري» و «جِيان» في لبنان إلى «مركز سلطان» الكويتية عام 2008، أوضح أبشي أن «أدميك» وجدت بعد حرب تموز (يوليو) 2006، أن عليها التنويع في نشاطها خارج البلاد عبر بيع جزء من نشاطها المحلي، فافتتحت في «دبي مول» عام 2009 فرع «غاليري لافاييت» الفرنسية (18 ألف متر مربع). وزاد: «صحيح أن دبي كانت تمر بأزمة مالية، لكننا نجحنا في ترسيخ أقدامنا هناك»، وحققت «غاليري لافاييت» العام الماضي والفصل الأول من 2012 نمواً في الإيرادات فاق 20 في المئة، بفضل جهود سلطات دبي في تفعيل مهرجانات التسوّق ونشاطات ترفيه في غير وقتها الاعتيادي لاستقطاب السياح، إضافة إلى تحوّل سياح من دول «الربيع العربي» إليها. وافتتحت المجموعة محال «مونوبري» في دمشق العام الماضي، وكان الإقبال عليها جيّداً، لكنها تأثرت بالأحداث في البلاد. وحول غياب المتاجر الأميركية الكبرى من أسواق المنطقة، أوضح أبشي أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات كثافة سكانية متدنية، ولديها خصوصيات استهلاكية محلية متشعّبة ومختلفة، على المستثمر فهمها جيداً، كما أن المستهلك في المنطقة معتاد أكثر على المنتجات الفرنسية. ولفت إلى أن «ماجد الفطيم» كان لها فضل كبير في تطوير أسواق ماركة «كارفور» الفرنسية في المنطقة. وتتألف «أدميك» من الشركة العقارية المشغّلة لمجمّع «سيتي مول» (80 ألف متر مربع)، المؤلف من سوبرماركت «تي إس سي» (11 ألف متر مربع) و130 متجراً ومطاعم وصالات سينما، ومتجر «بي إتش في» (18 ألف متر مربع)، ومن شركة حقوق امتياز لماركات تجارية فرنسية ل «غاليري لافاييت» «بي إتش في» و «مونوبري». ولفت إلى أن سلسلة «كارفور» الفرنسية التي ستفتتح فرعها الأول في «بيروت سيتي سنتر» تعتمد على سوبرماركت ذات مساحة كبيرة (8 إلى 10 آلاف متر مربع)، في حين أن تلك التابعة «مونوبري» حجمها أصغر (2 إلى 3 آلاف متر مربع)، وبالتالي فإن أهدافهما وزبائنهما مختلفون. وأضاف أن «سيتي مول» حقق أرقاماً جيدة العام الماضي، بنمو 10 في المئة عن العام السابق، لكن الفصل الأول من العام الحالي شهد جموداً، متوقعاً تراجع الأرباح في القطاع ككل نهاية العام، الذي وصفه بأنه سيكون «صعباً» على لبنان. ولفت إلى أن لبنان كان يستقطب شريحة كبيرة من السياح الذين كانوا يقصدونه برّاً، وخسرهم بسبب التطورات في الدول المجاورة. وحضّ السلطات اللبنانية على بذل الجهود للتعويض عن هذه الخسارة عبر تنشيط السياحة واستحداث نشاطات ترويجية للبلاد. وأفاد أبشي بأن الشركة أعادت افتتاح متجر «مونوبري» في الجناح في بيروت العام الحالي، بعد انتهاء شروط عقد منع المنافسة الموقّع مع «مركز سلطان» عام 2008، الصالح لثلاث سنوات. وأوضح أنها في صدد افتتاح مجمّع تجاري (يتألف من 50 محلاً) في جعيتا، من ضمنه محال «مونوبري» نهاية 2012، وآخر مماثل له في بعبدا يحمل اسم «آوتليت مول» في بعبدا العام المقبل.