لئن كان هدف المهرجانات التبادل والتواصل عن طريق الاحتفال، فهي تحولت الى نهج وخروج عن المألوف يعقبهما انتظار طويل، إلى ان تأتي الدورة الجديدة. بعض المساهمات، خصوصاً في العروض الفنية الحية، لا يجد فرصة الا في المجال الذي يتيحه هذا المهرجان او ذاك. وبعض الفرق لا تسمع عنه او تراه الا اثناء تلك التجمعات، ليس من الفرص المتاحة ولكن مما هو اقرب الى الشحنة والطاقة ويمكن تسميتهما "كهرباء المهرجانات"... وهذه تنقطع طبعاً فاذا بالكسل يحل محل الحماسة، والتخلي عن الصراع لاجتياز حاجز اللاإهتمام. هناك فرق متخصصة في المهرجانات، وهذه من فصيلة الاعادة والتكرار وكأنها افلام تسافر في علب التصدير الى شاشات العالم. مهرجان لندن الدولي للمسرح LIFT 99، الذي يبدأ في 14 الجاري وينتهي في 4 من الشهر المقبل، يوظف طريقة أخرى، اذ لا يشارك فيه غير الجديد، وتحديداً الفرق التي اثبتت وجوداً في اسلوب خاص وخط معين… ثم انه يقوم كل سنتين بتكليف مجموعات مسرحية لاعداد اعمال للمهرجان. الى جانب مهمته في اجتذاب المسرح الدولي الى انكلترا، وهي التي تظل مسارحها بعيدة قليلاً، في مواسمها الحامية، عما يجري في المسرح العالمي. وبالاضافة الى ورشات التدريب لمسرحيين من الشباب، يعقد المهرجان ندوات، وللمرة الاولى يفتتح نادياً على ضفة نهر التيمز يلتقي فيه اعضاء الفرق المشاركة مع الجمهور والمهتمين. ركز المهرجان في سنواته العشر على الانتاج المسرحي من العالم النامي… ويمكن القول ان الفرق الزائرة هذه السنة من آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية ستوقظ شعلة في خيال المتفرجين. وهناك تجربة فرقة "الرصيف" من سورية بقيادة الثنائي رولا فتال المخرجة وحكيم مرزوقي المؤلف، والتي ستقدم من 21 حزيران يونيو الى 23 منه "ذاكرة الرماد"، ومن 24 الى 26 "اسماعيل هاملت" في قاعة آي.سي.ايه. اللندنية. والفرقة تهتم بالهامشية في الأعماق كما في الخارج. فرقة تربط بين الاحساس بالحرية وما هو معاد ومكرر في الحياة، بهدف كسر الصمت عن الاشياء التي لا يجوز الحديث عنها... وما اكثرها في زمننا ومجتمعنا. والمسرحيتان علامتا ضوء في الرصيف الطويل لهذه الفرقة العربية. وتتجه فرق أخرى مشاركة الى محاولة تطوير الصيغة المسرحية أو التخلي عنها حسب الامكان مع البقاء ضمن مهرجان مثل هذا. ولا شك في ان فرق اميركا اللاتينية اكثر جرأة في هذا الاتجاه. الا ان النتائج تظل في نطاق المتعة والترفيه. والنتيجة التي أدت اليها تجربة الفرقة المكسيكية "لاغاردا" في المهرجان الماضي لا تزال ترن في آذان الجمهور المهتم في مشاهد جمعت بين السيرك والمسرح، بين الفرجة ومشاركة الجمهور. وأدت هذه الجرأة الفنية الى تشجيع فرق عدة لتقديم اعمال ذات مفهوم مختلف ضمن نطاق المسرح التجريبي. الفرقة الفينزويلية تقدم "كونشيرتو باروكو"، وهو عرض يجمع بين الأوبرا والمسرح واستعراض الموضة، في محاولة تقديم وجبة ثقافية متعددة الألوان. وتحاول فرق ان تجعل من المسرح تجربة محتدة ومختلفة عن المعتاد. وهكذا يتناول الايطالي روميو كاستيلوتشي "يوليوس قيصر" في موضوع الحرب والخيانة والقوة في مشاهد صاخبة تجسد العنف وراء الحدث. الفرنسيون يجيدون اللعبة العاطفية، ومسرحية "لعبة الحب والحظ" جزء من بث نفس جديد في عمل كلاسيكي من القرن الثامن عشر. ومن الهند تأتي مسرحية "الذهاب" تستلهم الأداء في المسرح الآسيوي لتقدم لوحات معبرة عن الوصول والذهاب. وكذلك فرقة جنوب افريقيا التي تتخذ جلسات لجنة الحقيقة موضوعاً لمسرحية "القصة التي سأروي...". واذا كان عندك مزاج ومقدرة على متابعة ممثلين يعيشون حياتهم لمدة 24 ساعة في واجهة متجر، فما عليك الا ان تشاهد مجاناً الفرقة الاسترالية في قاعة سيعلن عنها قريباً اذا استطعت ان تظل مستيقظاً! LONDON INTERNATIONAL FESTIVAL OF THEATRE TEL: 0207 638 8891