امتدح صندوق النقد الدولي الحكومة السودانية لنجاحها في تحقيق تقدم كبير في ظل ظروف بالغة الصعوبة على صعيد تعديل مسار الاقتصاد السوداني بعد عقدين من التدهور المستمر، ولفت إلى أن برامج الاصلاح الاقتصادي ساهمت في إرساء القواعد الكفيلة بضمان إدارة اقتصاد البلاد بشكل أفضل. وأكد مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي بعد استكمال مراجعة سنوية أجراها بموجب المادة الرابعة أن الاصلاحات الهيكلية التي طبقها السودان على مدى سنوات عدة مكنته من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة ستة في المئة سنوياً في عامي 1997 و1998 فضلاً عن خفض التضخم من 133 في المئة في سنة 1996 إلى 17 في المئة العام الماضي. واعتبر المجلس ما حققته الحكومة السودانية "خطوات أولية واعدة"، لكنه حذر من عقبات جدية تضعف من قدرة السودان على تحقيق معدلات أعلى من النمو الاقتصادي المطرد وضمان وضع مقبول على الصعيد الخارجي وتحسين المؤشرات الاجتماعية في الداخل. وتتمثل أهم هذه العقبات في بنية تحتية أضعفت بسبب عدم توافر استثمارات كافية على مدى سنوات عدة، وعبء لا يحتمل من المديونية الخارجية، وعلاقات سياسية متأزمة مع بعض الدول، ما قلل من الفرص المتاحة أمام السودان للحصول على المساعدات التنموية والاستثمارات الرأسمالية من المصادر الخارجية. وحض الحكومة السودانية على تطبيق اصلاحات اقتصادية أوسع وأعمق للتخفيف من الضغوط التضخمية وتحقيق نمو اقتصادي مطرد. وكانت الحكومة السودانية توصلت إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي في شهر آذار مارس الفائت حول برنامج اصلاحي متوسط المدى يغطي الفترة من سنة 1999 إلى سنة 2000. وجاء البرنامج الجديد بعد تطبيق برنامجين منفصلين للعامين 1997 و1998 تحت اشراف صندوق النقد. ووصف المديرون التنفيذيون البرنامجين المذكورين بأنهما "مشجعان" لا سيما أنهما دعما فرص السودان في تحويل برنامجه الجديد إلى برنامج لاكتساب الحقوق، ما يمكنه من الحصول على تخفيضات جدية في متأخراته الواجب تسديدها للصندوق. وأكد المجلس التنفيذي في بيان أن "أداء السودان في إطار برنامج الاصلاح الاقتصادي المنفذ تحت اشراف صندوق النقد كان مقبولاً على رغم حدوث بعض التأخير في تطبيق الاجراءات الهيكلية". وأوضح البيان ان المجلس وافق على أهداف البرنامج الاصلاحي الجديد على رغم تواضعها، إذ أنها لا ترمي إلى تسريع حركة النمو الاقتصادي، ويتوقع ان تحقق تحسناً بطيئاً في موقع السودان على الصعيد الخارجي. وقال المديرون التنفيذيون في بيانهم "وجدنا هذه الأهداف واقعية بعد أخذ الأوضاع الصعبة التي يواجهها السودان بعين الاعتبار". ويعترف صندوق النقد الدولي بأن تأثر السودان إلى حد كبير بالقيود التجارية والصدمات الخارجية الأخرى يعرض برنامجه الاقتصادي لمخاطر إضافية. وعلى صعيد مشكلة الديون الخارجية، أشار المجلس إلى ان الحكومة السودانية سددت دفعات منتظمة من متأخراتها على مدى العامين الفائتين ضمن سعيها لتحسين علاقاتها مع صندوق النقد. ولفت إلى أن السودان حقق تقدماً على صعيد "تطبيع" علاقاته مع المؤسسات المالية والدولية والاقليمية والدول المانحة، علاوة على صندوق النقد ومن بينها البنك الدولي والمصرف الافريقي للتنمية وبنك التنمية الإسلامي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وصندوق النقد العربي والصندوق السعودي وصندوق "أوبك". وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن موافقة الحكومة السودانية على تسديد متأخراتها للبنك الدولي ربما تمكنها من الحصول على مساعدات فنية من المؤسسة المذكورة، لكنه حض الدول المانحة على تقديم المساعدات للسودان للمساهمة في تخفيف آثار الفقر المدقع الذي لا زال متفشياً على نطاق واسع في البلاد.