بدأ فريق عمل مصري اخيراً عملية ترميم "باب زويلة" بتمويل من "مركز البحوث الاميركي" في القاهرة وتحت اشراف المجلس الاعلى للآثار في مصر. ويعتبر "باب زويلة"، الذي يعرفه المصريون ايضاً باسم "بوابة المتولي"، من اشهر ابواب القاهرة الفاطمية التي يجري حالياً الاستعداد لإخضاعها لمشاريع تطوير متكاملة بهدف الحفاظ على طابعها التاريخي. ويشير بعض المصادر التاريخية الى ان "باب زويلة" حمل هذا الاسم نسبة الى قبيلة "زويلة" التي سكنت بالقرب منه عند قدومها من القيروان ضمن جيوش الفاطميين لفتح مصر سنة 969م. اما تسمية "بوابة المتولي" فتعود الى ان متولي الحسبة وهو منصب مهم في العهد المملوكي كان يجلس عند هذا الباب، فنسب اليه. وبمرور الزمن نسي الناس ذلك، واعتقد بعضهم بأن "المتولي" هذا هو أحد أولياء الله الصالحين فظلوا حتى وقت قريب يتقربون الى الباب بربط بعض الخرق بمساميره. ومن اشهر الاحداث التاريخية التي ارتبطت ب"باب زويلة" شنق طومان باي، آخر سلاطين المماليك، امامه على يد العثمانيين بعد فتحهم لمصر في العام 1517م. و"باب زويلة" حالياً هو مركز أهم شوارع القاهرة التاريخية التي تشتمل على مجموعات من اعظم آثارها. فمنه يمتد الى الشمال شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي يقسم القاهرة الفاطمية الى قسمين شرقي وغربي. ويحف به من الجانبين الكثير من الآثار حتى يصل الى "باب الفتوح" و"باب النصر" في شمال المدينة التي بدأت حصناً لقادة الفاطميين وتحولت بمرور الزمن الى واحدة من اكثر مناطق العاصمة المصرية ازدحاماً بالسكان والأنشطة التجارية والحرفية المختلفة. ومن باب زويلة تخرج ثلاثة شوارع، احدها "الشارع الأعظم" الذي يبدأ بتجمع "الخيّامية" أي صانعي الخيام، ثم يسير الى ان يتقابل مع شارع "الصليبية" في الجنوب. وعلى اليسار يمتد شارع "الدرب الاحمر" الذي يسير الى منطقة قلعة صلاح الدين التي تعرف ايضاً بقلعة الجبل بمسميات مختلفة. وعلى يمين "باب زويلة" يمتد شارع "تحت الربع" حتى يصل الى ميدان "باب الخلق" حيث يوجد مبنى متحف الفن الاسلامي ودار الكتب القديمة وشارع "الخليج المصري" الذي يعرف الآن باسم شارع "بور سعيد". وتقول الخبيرة المعمارية نيري هامبيكيان رئيسة فريق العمل في مشروع ترميم "باب زويلة" إن المشروع الذي سيستغرق تنفيذه ثلاث سنوات يتضمن كشف الجناح الايمن للباب، وهو السور الذي شيده بدر الجمالي، وترميمه وإزالة مجموعة من المباني غير الاثرية التي تعوق رؤية هذا السور. وتضيف ان الترميم سيشمل كذلك الاحجار المزخرفة على جانبي الباب، ومئذنتي مسجد المؤيد شيخ اللتين ترتفعان اعلاه. ويذكر ان السلطان المملوكي المؤيد شيخ انشأ هذا المسجد ومئذنتيه في سنة 1420م على اطلال سجن "شمايل" الذي كان يعلو "باب زويلة" ليمحو آثار فترة قضاها في هذا السجن قبل ان يتولى الحكم. وتوضح نيري هامبيكيان ان من بين ما سيتم ترميمه القطع الاثرية المعلقة على جانبي "باب زويلة"، وتشمل دروعاً وتروساً حربية وكرات غرانيتية كانت تستخدم لرمي المنجنيق. وتؤكد ان عملية الترميم، التي تصل كلفتها الى نحو مليون دولار، ستعيد البابين الخشبيين اللذين كانا يغلقان "باب زويلة" ويفتحانه الى حالتهما الاصلية، علماً انهما معطلان حالياً نظراً الى عدم استخدامهما منذ سنوات طويلة. ويذكر ان هذه العملية تأتي في اطار مشروع ضخم يموله مركز البحوث الاميركي في القاهرة لترميم مجموعة من الآثار الاسلامية في العاصمة المصرية بكلفة تصل الى 150 مليون دولار. ومن هذه الآثار زاوية فرج بن برقوق وجامع الصالح طلائع وسبيل محمد علي لابنه طوسون.