انتهت "مؤسسة الآغا خان للعمارة الاسلامية" بالتعاون مع المجلس الأعلى المصري للآثار، قبل أيام، من عملية الكشف عن أجزاء من السور الذي شيَّده صلاح الدين الأيوبي حول القاهرة، على مراحل عدة، في أعقاب توليه حكم مصر والشام في سنة 1176. ويبلغ طول الأجزاء المكتشفة 270 متراً وارتفاعها 5 أمتار وعرضها 5،3 متر، وتشكل امتداداً لأجزاء أخرى كشفتها بعثة للمجلس الأعلى المصري للآثار في منطقة متصلة من "باب الوزير" وحتى برج "درب المحروقي" طولها 1600 متر، وذلك بين عامي 1995 و1997. ويرى الأثري خالد عزب، عضو بعثة المجلس الأعلى المصري للآثار، إن أهمية الكشف، الذي شاركت فيه "مؤسسة الآغا خان" تتمثل في أنه أدى إلى اكتشاف بوابة ذات أقبية لم تكن معروفة من قبل، يرجح بعض الأثريين أنها "باب القرَّاطين"، أي المشتغلين في حرفة قطع النحاس. ويقول عزب إنه شخصياً لا يتفق مع هذا الرأي، ويرجح ان ذلك الباب كان يؤدي الى بقايا قلعة صغيرة كانت تشكل كتلة معمارية مستقلة عن السور. ويضيف: "أن هذه الأجزاء تعتبر أفضل حالاً من حيث تماسكها المعماري ومدى حاجتها الى ترميم، مقارنة بالأجزاء الأخرى، وخصوصاً تلك الممتدة شرقاً من حديقة "الدرّاسة" وحتى "باب النصر"، والتي كشفها فريق أثري برئاسة طارق سلومي في الفترة من 1982 إلى 1994". وأشاد فاروق حسني، وزير الثقافة المصري، بهذا الكشف، وقال إنه يعد من أهم الاكتشافات الأثرية في مجال الآثار الإسلامية في النصف الثاني من القرن العشرين، خصوصاً أن الخرائط القديمة للقاهرة، وأهمها الخرائط الخاصة بالحملة الفرنسية، لم يرد فيها شيء عن موقع سور صلاح الدين. وستشارك "مؤسسة الآغا خان" في استكمال كشف سور صلاح الدين من "برج الظفر" في منطقة الدراسة شمالاً الى قلعة الجبل جنوباً، وكذلك ترميمه في إطار مشروع يهدف الى الحفاظ على الطابع العمراني للقاهرة القديمة، والارتقاء في الوقت نفسه بالأوضاع الاجتماعية لسكانها. وسيتطلب استكمال هذا الكشف، كما يقول الدكتور جاب الله علي جاب الله أمين عام المجلس الأعلى المصري للآثار، اغلاق شارع "برج الظفر" حتى يتسنى الكشف عن بقية السور والأبراج الممتدة أسفله. وكذلك إزالة الأشغال التي تقع على السور والمتاخمة له، بحيث يمتد حرم السور لمسافة 30 متراً على جانبيه. وأوصى الدكتور جاب الله كذلك بضرورة ربط السور المكتشف في اتجاه الشمال بالأجزاء الأخرى حتى نقطة التلاقي مع السور الشمالي للقاهرة الفاطمية. وسيتيح هذا الامر ل "مؤسسة "الآغا خان"، مباشرة تنفيذ مشروع "حديقة الأزهر"، الذي ترعاه السيدة سوزان مبارك، على مراحل من شباط فبراير المقبل وحتى منتصف العام 2000. وأكملت "مؤسسة الآغا خان" في تشرين الثاني نوفمبر الماضي مراحل تصميم هذه الحديقة التي ستشيد على الطراز المملوكي وستكون مزاراً عاماً لأهالي القاهرة وزائريها من مختلف المحافظات المصرية الأخرى، وللسياح العرب والأجانب على السواء. ويذكر أن الحديقة ستقام على مساحة 320 ألف متر مربع، ويحدها من الجهة الشرقية شارع صلاح سالم، ومن الجنوب مقابر "باب الوزير" ومن الغرب سور صلاح الدين، ومن الشمال شارع الأزهر الذي يحفر تحته حالياً نفق للسيارات للتخفيف من حدة ازدحامه في إطار مشروع تحويل القاهرة الفاطمية الى متحف مفتوح للآثار الاسلامية، والذي تعد الحكومة المصرية لتنفيذه بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الانمائي. ومعروف أن "مؤسسة الآغا خان" وقعت الاتفاق الخاص بهذا المشروع مع محافظة القاهرة في كانون الأول ديسمبر 1990، وتسلمت موقعه في آذار مارس 1997. وسيدخل ضمن مشروع "حديقة الأزهر"، الذي كان الآغا خان رصد له مبلغ 75 مليون جنيه مصري، ترميم سور صلاح الدين وعدد من الآثار الاسلامية الأخرى المحيطة به، مثل تكية محمود بك ابو الدهب التي ستتحول الى مركز صحي واجتماعي يخدم أهالي المنطقة، وهي تعود الى العصر العثماني