استمرت المملكة العربية السعودية في خفض انتاجها النفطي لتصل الى التزام كامل باتفاق الخفض بين الدول المنتجة من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك ومن خارجها، في الوقت الذي يتوقع فيه ان تشهد الاسعار استقراراً نسبياً بعد انخفاض متواصل في الايام الماضية. وقال محللون نفطيون ان سعر خام القياس البريطاني برنت سيستقر عند مستوى 14-15 دولاراً للبرميل السنة الجارية، بعدما وصل الى 14.63 دولار للعقود الآجلة تسليم تموز يوليو في التعاملات التي جرت في بورصة النفط الدولية في لندن امس وهو أدنى مستوى منذ ستة اسابيع. كما انخفض سعر متوسط سلة نفوط "اوبك" من 14.67 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي الى 14.07 دولار أول من أمس. واتفق محللون على ان هذا التراجع هو عملية تصحيحية للاسعار بعد الارتفاع الحاد الذي شهدته في اعقاب اتفاق خفض الانتاج، الذي توصلت اليه الدول المنتجة من داخل وخارج "اوبك" في اذار مارس الماضي ويقضي بخفض الانتاج بنحو 2.1 مليون برميل يومياً لازالة الفائض من السوق، إذ تجاوزت الاسعار 17 دولارا للبرميل مطلع الشهر الماضي لتصل الى اعلى مستوى لها منذ اكثر من 18 شهراً. وقال جون تولستر كبير المحللين النفطيين في دار الوساطة "سوستيه جنرال ستراوس تورنبل" ان الانخفاض الاخير هو "في الحقيقة تصحيح سعري وعملية صحية لأن الأسعار سابقت نفسها بعد اتفاق الخفض". واضاف ل"الحياة" ان ارتفاع الاسعار بسرعة كبيرة بعد الاتفاق "كان مثيراً للقلق لانه لا يعكس الوضع الحقيقي في السوق...واعتقد ان السوق ادركت الوضع الآن والاسعار بدات تصحح نفسها...وانا لا اقول انها ستنخفض الى 10 دولارات بل ستستقر عند المستوى الحالي أاي نحو 15 دولاراً للبرميل". وأشار تولستر الى ان "اوبك" ملتزمة اتفاق الخفض بشكل جزئي لأن بعض الاعضاء لم يخفضوا انتاجهم بالكامل، ولكنه شدد على ان الانتاج قد ينخفض اكثر في الاسابيع المقبلة بعد ان تلتزم دول اخرى بدرجة اكبر. وقال: "حتى بمستوى الالتزام الحالي، توقعاتنا هي ان الفائض في السوق سيزول كلياً نهاية ايلول سبتمبر أو بداية تشرين الاول اكتوبر". واتفق مدير مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن فاضل شلبي على ان الاسعار لن تستمر في الانخفاض وستستقر عند 14 دولاراً للبرميل السنة الجارية والذي وصفه بانه سعر واقعي ومفيد لمنظمة "اوبك". وقال: "لا اعتقد ان الاسعار ستنخفض كثيراً لأن ذلك غير ممكن في وضع سوق النفط الحالي... ولكن في الوقت نفسه، لا اظن ان رفع الاسعار الى 18 دولاراً هو أمر ممكن لان السوق لم تعد تتحمل مثل هذا السعر". وأشار الى ان هناك عوامل كثيرة ضغطت على الاسعار في الأيام الماضية منها وجود فائض في السوق وضعف الطلب الدولي، ما ادى الى تراجع مشتريات المصافي من النفط الخام، إضافة الى وجود معروض اضافي من خارج "اوبك"، وقدرة العراق على تصدير كميات من النفط اكبر مما كان متوقعاً. وقال: "فقد ارتفعت اسعار النفط بشكل غير واقعي في الاشهر الماضية وهذا في الحقيقة عكس موجة تفاؤل أكثر مما عكس حقيقة العرض والطلب... وكما ترى ما يحصل الآن، فالسوق استيقظت والأسعار بدأت تصحح نفسها بنفسها". واضاف: "هناك عوامل اخرى غاية في الاهمية وهي انه كانت هناك مضاربات على العقود في السوق الآجلة اضافة الى ان اوبك ودول منتجة اخرى لم تنفذ التزاماتها الكاملة في موضوع خفض الانتاج باستثناء السعودية والى حد ما فنزويلاوايرانوالكويت والامارات العربية المتحدة". واظهرت احصاءات غربية مستقلة ان السعودية وهي اكبر قوة نفطية في العالم خفضت انتاجها بنحو 500 الف برميل يومياً بنهاية نيسان ابريل الماضي، ويتوقع ان تكون واصلت الخفض لتصل الى حصتها الرسمية البالغة 7.348 مليون برميل يومياً بموجب اتفاق اذار. وتراجع انتاج ايران من نحو 3.66 مليون برميل يومياً الى 3.45 مليون برميل يومياً في حين تقلص انتاج الكويت من 2.1 الى 1.9 مليون برميل يومياً والامارات من 2.17 الى اقل من 2.1 مليون برميل يومياً وفنزويلا من 2.9 الى 2.78 مليون برميل يومياً. وتهدف "اوبك" الى الوصول الى مستوى انتاج مقداره 22.9 مليون برميل يومياً، باستثناء العراق، وذلك بعد الخفوضات المعلنة في اذار ليصل اجمالي الخفض المتفق عليه منذ العام الماضي الى أكثر من اربعة ملايين برميل يومياً. ويتوقع ان يزور وزير نفط المكسيك لويس تيليز كلاً من السعودية والكويت الاسبوع الجاري لاجراء محادثات تتعلق بالأسعار، إذ أن المكسيك، وهي ليست عضواً في "اوبك" لعبت دوراً رئيسياً في التوصل الى اتفاق الخفض. وقال خبير نفطي في لندن: "من الواضح ان هذه الزيارة تهدف الى اعطاء رسالة الى السوق وهي ان الدول المنتجة لا تزال مصممة على الدفاع عن الاسعار".