السعودية تخطف نقطة من اليابان في عقر دارها    سلمان بن سلطان يدشن صالة "التنفيذي" في مطار المدينة الدولي    أمير القصيم يوجه باستمرار العمل في اجازة عيد الفطر    "بسطة خير السعودية" تستقطب أكثر من 25 ألف زائر منذ انطلاقتها في بريدة    "دارك للإسكان التنموي" تختتم ورشة البناء الاستراتيجي لرسم ملامح المرحلة القادمة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الهيلينية بذكرى يوم استقلال بلاده    إطلاق أول مهمة بحثية سعودية لدراسة ميكروبيوم العين في الفضاء    استطلاع بي دبليو سي السنوي ال28 لانطباعات الرؤساء التنفيذيين - نتائج المملكة: الرؤساء التنفيذيون في المملكة واثقون من تحقيق النمو في 2025 مع تسارع عجلة الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي وتنويع القطاعات    الدولار يسجل أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    رياح نشطة وأمطار رعدية متوقعة على عدة مناطق في المملكة    نزاهة توقف 82 متهما بقضايا فساد في 6 جهات حكومية    لكبح قدرات الميليشيا المتمردة على استهداف الملاحة البحرية.. الطيران الأمريكي يواصل ضرباته لمراكز الحوثيين الإستراتيجية    اطلع على تقرير أعمال فرع "التجارة".. أمير تبوك يشدد: القيادة تدعم كل ما يحقق للمواطن رغد العيش    نمو اقتصاد الهيدروجين وخفض الكربون.. أرامكو تستحوذ على 50 % في شركة الهيدروجين الأزرق    اليابان طريق الأخضر للمونديال    أمير الرياض يوجّه باستمرار العمل خلال إجازة العيد    مقترح مصري جديد لاستعادة التهدئة وإيقاف حرب الإبادة.. «حماس» وإسرائيل على مفترق طرق «وقف النار»    استعداد روسي للتسوية في أوكرانيا.. الرياض.. اجتماعات مثمرة تمّهد للسلام    إحباط تهريب 108 كلجم من "القات " والإطاحة ب4 مخالفين    مرصد «المجمعة» يوضح ظروف رصد هلال شوال    بادرة الوفاء في العيد لذوي القربى    النظرة السوداوية    «جرائم القتل» بطلة 5 مسلسلات في رمضان    الجود والكرم وبركة الحرم    التوقف الطبيعي للطمث    دراسة صادمة.. آلات القهوة الحديثة تدمر الصحة    وزير الصحة يتفقد جاهزية المنشآت الصحية في العاصمة المقدسة    محافظ ⁧‫خميس مشيط يرعى بطولة وادينا2 ضمن مبادرات ⁧‫أجاويد3‬⁩    صبيا تحتفي بنجاح بطولة كرة الطائرة الثانية الرمضانية بحارة الباصهي    الرئيس التنفيذي لتجمع عسير الصحي يدشن قسم الأشعة المقطعية بمستشفى تنومة    الهيئة العالمية لتبادل المعرفة تمنح العضوية الشرفية للدكتور الحمد    128 بطولة رمضانية في رابطة الهواة لكرة القدم    197 مليون ريال لإنتاج الخضار واستزراع الأسماك    الغيرة المحمودة    على سبيل الحقيقة    أردوغان يصف المحتجين ب "إرهابيي الشوارع"    رابطة العالم الإسلامي تستنكر إعلانَ الاحتلال الإسرائيلي إنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزّة    حلم وبُعد نظر الملك عبدالعزيز    مركاز الفريد    قصة الذات في عوالم الأدوار المتشابكة    جيمس وإيزي يقودان إنجلترا للفوز على لاتفيا بتصفيات كأس العالم    المحافظ الرابع    مصير خريجات رياض الأطفال    صانع المجد ومحقق الأحلام    ربي ارحمهما    مصر تدين إعلان إسرائيل إنشاء وكالة خاصة لتهجير الفلسطينيين من غزة    رينارد: قادرون على التأهل.. سنلعب بقتالية    «شارع الأعشى» كتلة مشاعر    أمل علاج السرطان ما بين الحقيقة والشائعات    مخاوف متزايدة من التجسس وسط إقالات جماعية في واشنطن    «الدفاع المدني» يشارك في معرض الداخلية لتعريف ضيوف الرحمن بالخدمات بجدة    الخدمات الطبية تشارك في معرض وزارة الداخلية    نجاح أول علاج بيولوجي لثلاثيني في جازان    أمير تبوك يوجه باستمرار العمل خلال اجازة عيد الفطر    ذكرى مباركة    مشروع ولي العهد يجمع البناء القديم والحديث في مسجد «القلعة»    أمير جازان يوجِّه باستمرار العمل في الإمارة والمحافظات والمراكز خلال إجازة عيد الفطر    الرقابي يشيد بتطور العلاقات بين المملكة وموريتانيا يوما بعد يوم في كافة المجالات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نقد الاستشراق الى نقد الاستغراب
نشر في الحياة يوم 20 - 06 - 1999

المتابع لأدبيات النقد العربي في مجال الدراسات الاستشراقية يجد انه يتناول في مجمله آراء المستشرقين القدامى، وقلما يتطرق الى بحث افكار الاستشراق المعاصر، باستثناء بعض الاشارات العابرة هنا او هناك.
هذه المفارقة يرصدها ويحللها احمد الشيخ في كتابه الجديد "حوار الاستشراق: من نقد الاستشراق الى نقد الاستغراب" الصادر اخيراً في القاهرة عن المركز العربي للدراسات الغربية، والذي حشد فيه حواراته الصحافية التي اجراها في السنوات الاخيرة مع أعلام الاستشراق الفرنسي المعاصر.
يرى الشيخ ان استمرار النقد اليوم لنماذج الاستشراق القديم نفسها، والتي تم انتقادها من قبل مراراً، هو السمة الغالبة على النقد المنطلق من المنظورين الاسلامي والعلماني. فكلا التيارين يتفقان - على رغم ما بينهما من اختلافات كثيرة في الموقع والرؤية - على تجاهل الاستشراق الجديد، ولم يمنحاه المساحة النقدية للدور الذي نهض به في العقود الاخيرة. وهي دلالة واضحة على ان ثقافتنا العربية والاسلامية لا تواكب عموماً المعرفة المنتجة في عواصم الغرب، واننا نتحصل عليها بعد فترة من الزمن تطول او تقصر، ومن دون إلمام دقيق بطبيعة هذه المعرفة التي تأخذ القشور، ما يشكل ظاهرة عامة لدينا في مجال معرفتنا بعالم الاستشراق ومناهجه وانتاجه، كما في غيره من مجالات المعرفة الأخرى المتطورة في مراكز الغرب الكبرى.
ومن جهة اخرى يلفت الشيخ الى ان "نقد الاستشراق لم يعد يقتصر على تفنيد آراء بعض المستشرقين المتعصبين، او اظهار العلاقة الخفية بين سلطة الاستشراق وسلطة السياسة المباشرة، بل صار يحمل معه توجهات لها ملامحها البارزة وآثارها في رؤيتنا الى الآخرين وإلى أنفسنا في آن" ولما يتضمنه كذلك من أبعاد تؤثر في حاضر المجتمعات العربية ومستقبلها الامر الذي تطلب تقديم معرفة دقيقة عن هذا الاستشراق الجديد من خلال الحوار المباشر مع اقطاب هذا الاستشراق، والذين لهم صلة بصورة او اخرى بالطريقة التي يكوّن بها الغرب احكامه وتصوراته عن الشرق. وكان الهدف من اجراء الحوار هو ان نستمع الى الطريقة التي يكوّنون بها احكامهم وتحليلاتهم اثناء دراسة مجتمعاتنا".
واحتلت قضية المنهج مساحة كبيرة ضمن "حوار الاستشراق" لما لها من اهمية كبرى في فهم وتحليل النصوص والظواهر، ولما لها من نتائج سلبية، بخاصة عندما تطبق من دائرة ثقافية لها ملامحها ومقوماتها الذاتية، على دائرة ثقافية وحضارية اخرى قد لا تكون لها الملامح والمقومات نفسها. ونظراً الى وجود تراث من الشك والارتياب تجاه المستشرقين عموماً فإن مسألة تطبيق "المناهج العلمية" المستخدمة في مجال العلوم الانسانية الحديثة قد تفضي من جديد الى العودة للحديث عن نيات المستشرقين الجدد هذه المرة، خصوصاً عندما يؤدي تطبيق مثل هذه المناهج الى تحليلات وآراء وصور ليس من السهل على المسلم النظر اليها على انها نتائج لتحليلات علمية.
ويضرب المؤلف المثل على ذلك بكتاب مكسيم رودنسون عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما قام بتحليل شخصية الرسول كإنسان مثل الآخرين، بينما هناك من يرى ان "الادراك الديني تجربة روحية حدسية، ولا يمكن التقاطها بالمناهج التحليلية والنقدية، وهؤلاء الذين يكونون خارج نظام ديني لا يمكنهم اقتناص دلالة التجربة التي يمارسها من يعيشون داخل هذا النظام".
على ان المؤلف يعود ويذكر ان الاستشراق الجديد لم يعد اهتمامه الاساسي ينصب على درس اللاهوت او فقه اللغة بغرض مهاجمة عقائد الإسلام، وإن كان بعض المستشرقين لم يتخلص نهائياً من الآراء الموروثة في هذا الشأن وتوجه معظمهم نحو الدراسات الميدانية، ونحو حاضر المجتمعات التي يدرسون واقعها اكثر من ماضيها، ومحاولة فهم التاريخ الاجتماعي والثقافي لهذه المجتمعات والنظر الى ثقافتها كثقافات حية نامية ومتطورة.
وفي المقابل يتناول الكتاب قضية "الاستغراب" التي تعني وجود دراسات شرقية عن الغرب تعادل دراسات الغرب عن الشرق، ويقدم المؤلف تحليلاً نقدياً يخالف الرؤية الغربية الى هذه القضية، ويرى ان ضعف الاستغراب لدى الشرقيين له اسبابه الموضوعية غير التي يطرحها برنارد لويس في كتابه "كيف اكتشف المسلمون اوروبا؟" الذي يعيب فيه على المسلمين عدم تطلعهم نحو معرفة الآخر، وهي الفرضية التي حاول اثباتها من خلال قراءة خاصة للتاريخ الاسلامي حتى اواخر القرن الثامن عشر.
وكان رد الكاتب على ذلك ان هذه القضية لا يمكن ان تُبحث في اطار "لا مبالاة" الشرقيين، بل في نطاق العلاقة المريضة تاريخياً بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب. فعندما بدأ الغرب يكشر عن أنيابه الاستعمارية في العصر الحديث، كانت محاولاتنا في الاستغراب تتم في ظروف صعبة ومعقدة جسّدتها الظاهرة الاستعمارية التي جثمت فوق صدور الشرقيين عقوداً طويلة.
ولم تقتصر ممارسة الغرب الاستعمارية على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقط، بل امتدت - وهذا هو الاخطر - الى الجوانب الثقافية والروحية، وتركت البلدان الشرقية في حال عجز بنيوي على مختلف الاصعدة.
ولهذا فان السياق الذي جرى فيه الاستشراق لم يكن هو ذاته السياق الذي جرى فيه الاستغراب.
شمل "حوار الاستشراق" نخبة من كبار المتخصصين في درس بلاد الشرق والعالم الاسلامي، يمثلون اجيالاً مختلفة وتخصصات متنوعة تشمل الدراسات الاكاديمية والاستراتيجية والفلسفية والاعلامية. فكان منهم المستشرق الاكاديمي والمُنظر امثال: جاك ييرك، ومكسيم رودنسون، واندريه ميكيل. والاستراتيجي امثال: جان بول شارنيه، وايف لاكوست.
والمؤرخ امثال: دومنيك شيفاليه، وجاك توبي. واستاذ الفلسفة امثال: روجيه ارنالديز، وجان جوليفيه، وبيير تييه. والاعلامي مثل جان بيري هوغوز. والمتخصص في الدراسات الاسلامية امثال: اوليفيه كاريه، وفرانسوا بورجا. ورجل الدين امثال: ميشيل لولون، وجان ديغو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.