بريتوريا - رويترز، أ ف ب، أ ب - علت الابتسامة وجه رئيس جنوب افريقيا نيلسون مانديلا امس الاربعاء وهو يسلم السلطة لتابو مبيكي الذي ادى الىمين الدستورية ليصبح ثاني رئيس أسود للبلاد. وأدى مبيكي 56 عاماً الىمين أمام ارثر تشاسكلسون رئيس المحكمة الدستورية في مقر الحكومة في بريتوريا ايذاناً بتقاعد مانديلا 80 عاماً الذي قضى 27 عاماً في السجن لمناهضته نظام الفصل العنصري، وأمضى اول فترة رئاسة ديموقراطية مدتها خمس سنوات. ودعا مبيكي مواطنيه الى مواصلة مسيرتهم لتحرير بلادهم، متعهداً العمل من اجل نهضة افريقية. وقال مانديلا: الشعب قال كلمته واختار رئيسه. وأطلقت المدفعية 21 طلقة وحلقت الطائرات النفاثة والهليكوبتر اثناء تأدية مبيكي الىمين الدستورية امام حشد من الزعماء المحليين والاجانب من بينهم الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. واحتشد اكثر من 20 الف شخص امام مقر الحكومة لمتابعة وقائع انتقال الرئاسة من مانديلا الى مبيكي. وفاز حزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي ينتمي الىه مبيكي بغالبية 4،66 في المئة من الاصوات في ثاني انتخابات ديموقراطية متعددة الاعراق في جنوب افريقيا وجرت في الثاني من حزيران يونيو. وتعهد مبيكي خلال حملته الانتخابية بتحسين ظروف حياة ملايين الفقراء السود الذين حرموا الحريات الاساسية على مدى 300 عام من حكم الاقلية العنصرية البيضاء. وبدا صوت مبيكي مجهداً وقد اصيب بنوبة انفلونزا وبدأ خطابه بتعهد جديد لتحسين احوال الفقراء، ودعوة الى الوحدة والمصالحة الوطنية بعد قرون من التفرقة العنصرية. وجدد تعهده بالعمل على "النهضة الافريقية". وجرى الاحتفال في الذكرى الثالثة والعشرين لأقوى انتفاضة للسود ضد حكم الاقلية العنصرية البيضاء. ومع تسلم مبيكي للسلطة يتقاعد مانديلا قبل شهر واحد من حلول عيد ميلاده الواحد والثمانين. وقال مسؤولون ان مانديلا وزوجته غراسا ماتشيل ارملة رئيس موزامبيق الراحل سامورا ماتشيل سيسافران في عطلة قصيرة الى الخارج. وصرح مانديلا في لقاء اخير مع صحافيين اجانب "وفيت ولو بقدر ضئيل بواجبي تجاه بلادي وشعبي". واستعاد مبيكي بعد خمسة اعوام عبارات مانديلا متعهداً بأن "يكون مخلصاً لجمهورية جنوب افريقيا" و"القيام في اي وقت بكل ما يؤدي الى تقدمها ومعارضة كل ما يمكن ان يلحق بها السوء". وتعهد "بطاعة ومراعاة الدستور والقوانين الاخرى في الجمهورية وصونها وممارسة مهمته بكل قواه وموهبته. وبالتوافق مع ما يمليه علىه ضميره وارساء العدالة لكل فرد وتكريس نفسه لرفاهية الجمهورية وشعبها". وحضر الاحتفال ممثلون عن 130 دولة بينهم 30 رئيس دولة بالاضافة الى 4500 شخص من الرسميين والشخصيات في المدرج الخارجي ل"يونيون بلدينغز" على مرتفعات بريتوريا، وهو مبنى شيد عام 1913 لاتحاد جنوب افريقيا السابق 1910 ثم اصبح لاحقاً رمزاً لنظام الفصل العنصري. وتحدث مانديلا للمرة الاولى كرئيس سابق لجنوب افريقيا امام الحشود التى تجمعت للمشاركة فى احتفال تسلم مبيكي مهامه رسمياً. ووقف مانديلا خلف زجاج واق من الرصاص امام عشرات الآلاف الذين تجمعوا فى الساحة الرئيسية فى بريتوريا. وكرر ما سبق ان قاله: "الشعب قال كلمته واختار رئيسه". واضاف ان الاحزاب السياسية مدعوة الان الى ان تنسى انها "خاضت حرباً كلامية" خلال الحملة الانتخابية. وتابع "الآن تبرز مهمة الرئيس والمؤتمر الوطني الافريقي فى توحيد البلاد وتناسي الخلافات، ولا اشك على الاطلاق فى اننا امام رجل قادر على مواجهة التحديات التى تقف امامه". ووجه مانديلا تحية خاصة الى الموسيقيين والفنانين الذين "عانوا كثيراً" ايام الفصل العنصري. ثم تحدث الرئيس مبيكي وكانت اولى الكلمات التى حرص على ان يبدأ بها "عاش ماديبا" وهو الاسم القبلي لمانديلا، ووجه تحية خاصة الى الشباب فى يوم ذكرى انتفاضة الطلاب فى سويتو عام 1976. وقال مبيكي قبل ان تصدح الموسيقى وينصرف الجميع الى الرقص ابتهاجا بالمناسبة "على شبابنا ان يستمروا فى دورهم البطولي ويكونوا فى الطليعة فى معركة البناء من اجل حياة افضل لشعبنا". ودعا مواطنيه الى مواصلة مسيرتهم لتحرير بلادهم من حالات عدم المساواة والحرمان التي ورثوها من نظام الفصل العنصري. واعلن مبيكي، ان جنوب افريقيا هي "عند فجر الفجر". واضاف "في وقت تواصل الشمس بالظهور وتبعد ظلمة سنوات طويلة من الاستعمار والفصل العنصري، فإن النور سيظهر أمة في صلب العمل تبني حياة افضل لنفسها". وحيا مبيكي مانديلا جيل "العظام" الذي انتشل هذا البلد من الهوة ووضعه على طريق الامل". وختم كلامه قائلاً: "سنفعل ما علىنا فعله لتحقيق نهضتنا"، داعيا الجنوب افريقيين الى العمل "لتحسين ظروفهم الخاصة وللمساهمة ايضا في النهضة الافريقية من اجل ان نصنع من القرن الحادي والعشرين "قرناً افريقيا".