القيادة تعزي رئيسة الهند    المنتدى السعودي للإعلام يُطلق معسكراً لتطوير الإعلام بالذكاء الاصطناعي    من الشهرة إلى الثروة: هل نحتاج إلى رقابة مالية على المؤثرين؟    منصة X: الطريق إلى القمة أو للقاع    الحرب العالمية الثالثة.. !    ماسك يؤكد دعمه حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف    شولتس: لا أنام إلا قليلاً رغم أني من محبي النوم لفترة طويلة    نصف النهائي في "خليجي 26" : السعودية تواجه عُمان .. والكويت تلتقي البحرين    قائد "الأخضر" سالم الدوسري يحصل على جائزة رجل مباراة السعودية والعراق    «الفنيلة والسروال» والذوق العام    المطار.. عودة الكدادة !    «التعليم»: الأول من يناير.. البدء في إلغاء إدارات المحافظات    المنتج الإسباني غوميز: «الجمل عبر العصور» جدير بالحفاوة في أي بقعة من الأرض    رونالدو: فينيسيوس يستحق الكرة الذهبية    ضبط 6 إثيوبيين في عسير لتهريبهم (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    وزير الرياضة يهنئ بعثة الأخضر بمناسبة الفوز والتأهل لنصف نهائي خليجي 26    اللغة العربية كنز خالد    الصقور تجذب السياح في الصياهد    «حمام الحرم» يستوقف المعتمرين    شغفك لك أو عليك    علامات الاكتئاب المبتسم    صفاء الذهن يعتمد على الأمعاء    سورية: القبض على عدد من "فلول ميليشيات الأسد"    ديوان المحاسبة يوقع مذكرة تفاهم مع المعهد الأسترالي للمراجعين    911 نموذج مثالي لتعزيز الأمن والإنسانية    إسرائيل تتمسك باستهداف المستشفيات    قافلة أمل في خضم النزاع    "الإسلامية" تؤهل الأئمة والخطباء والدعاة في تايلند    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مصنع كسوة الكعبة    أمير المدينة يتفقد العلا    عبدالعزيز بن سعد يدشّن مهرجان حمضيات حائل    سعود بن جلوي يتوج الفائزين في «تحدي غرس القيم»    "التخصصي" يتوج بجائزتي إدارة المشاريع التقنية وحمدان بن راشد للتميز    70 طبيباً وممرضة يشاركون في ورشة عمل "التدريب الواعي"    أمير القصيم يرعى حفل جائزة الذكير لتكريم 203 طلاب متفوقين    بوتين يعتذر عن حادث تحطم الطائرة الأذربيجانية    عبدالعزيز بن سعد يدشن مركز التميز لإنتاج السلمون بحائل    أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية    انطلاق معرض فرص الاستثمار في النقل التجاري والمواصلات    رخصة تخزين لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية    الأخضر السعودي يتغلّب على العراق بثلاثية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    مدرب الأخضر رينارد: تحقيق لقب خليجي 26 هو هدفنا الرئيسي    امكانية تعديل مواعيد نصف نهائي كأس الخليج    معرض الكتاب بجدة كنت هناك    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بمعسكر قطر ويستعد لمواجهة الخليج الودية    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    ضبط 23194 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    وزير الشؤون الإسلامية: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 15 حزيران يونيو 1940 : تشرشل يدعو الفرنسيين الى وحدة فورية
نشر في الحياة يوم 15 - 06 - 1999

قد يبدو الأمر اليوم مضحكاً وغير جدي. وهو، في جميع الاحوال، يبدو بعيداً عن التصديق. لكنه حدث، وفي واحدة من اصعب المراحل في تاريخ فرنسا في القرن العشرين: يومها، ورداً على الهزيمة الفرنسية امام الألمان، وجد رئيس الحكومة البريطانية ونستون تشرشل، انه من الملائم ان يطالب بما لم يطالب به احد من قبله: بالاتحاد الفوري بين فرنسا وبريطانيا العظمى. وبأن يكف ابناء الأمتين عن ان يكونوا ابناء امتين ليتحولوا الى مواطنين في دولة اتحادية واحدة.
حدث هذا يوم الخامس عشر من حزيران يونيو 1940، اي بعد ايام قليلة من دخول القوات الألمانية باريس في ذروة احتلالهم للجزء الاكبر والأهم من الاراضي الفرنسية، وبعد اقل من اسبوعين من اخلاء القوات الحليفة القوات البريطانية أساساً لدانكرك. ولكن خصوصاً، قبل اربعة ايام من توقيع القيادات الفرنسية وثيقة الاستسلام امام الألمان.
كان ونستون تشرشل قد زار الحكومة الفرنسية في مدينة "تور" وسط فرنسا، حيث قابل الجنرال ريغان. وكانت الحكومة الفرنسية، برئاسة رينو، انتقلت فوراً الى بوردو في الجنوب الغربي، بعد ان اصبحت "تور" على مرمى الخطر. وكان الانكليز يعرفون ان رئيس الحكومة رينو سيستقيل ما ان تصل حكومته الى بوردو، ليحل محله في السلطة الماريشال بيتان، ذو الشعبية الكبيرة بوصفه بطل الانتصار على الألمان خلال الحرب العالمية الأولى. ومن هنا كان تشرشل، بالتحديد، يدرك بأن ما سوف يقدم عليه بيتان، مستنداً الى شعبيته ومكانته، سيكون امراً خطيراً: سيكون مطالبة الألمان المنتصرين بالهدنة، ومن ثم سيوقع وثيقة الاستسلام. وبهذا سوف تخسر بريطانيا فرنسا. وبريطانيا لا يمكنها أبداً ان تخسر فرنسا. فالبلدان توأمان. ولم يكن الأمر بحاجة الى قراءة رواية "قصة مدينتين" لتشارلز ديكنز، لادراك تلك التوأمة بينهما، والواقع ان لا حياة لواحدة منهما دون الاخرى. الى ذلك كان تشرشل يعرف ان الشعب الفرنسي سيختار الجانب الألماني، لأنه سوف يعتبر، في الأساس، ان بريطانيا هي المسؤولة عن هزيمته. من هنا، في ضوء هذه التحليلات كلها، لم يكن امام تشرشل ما يفعله، وقد تحققت الهزيمة، وبدا صمت الشعب الفرنسي ازاءها مثيراً للغضب ازاء الدعوة الى تلك "الوحدة"، التي كان يكفي لتحقيقها في نظره ان تعلن حكومتا البلدين بياناً يتضمن التحديث عن "وحدة لا تنفصم بينهما". ومع هذا كان تشرشل آخر المندهشين حين لم يأت اي جواب من لدن الحكومة الفرنسية. فالحقيقة انه حين توجه الى "تور" واجتمع بتلك الحكومة، لاحظ في تصرفات اعضائها غموضاً والتباساً مرعبين. وهو حين طرح، بشكل مبهم مسألة الوحدة، لم يجابه الا بعبارات غامضة لا تعني شيئاً. لذلك فهم من يومها ان لا امل يرتجى من "اولئك السادة الذين لديهم الشرعية، ولكن من الواضح انهم يفتقرون الى شجاعة اتخاذ المبادرة" كما سيقول لاحقاً.
فاذا كان الوضع كذلك، لِمَ طالب تشرشل بالوحدة؟
هو، بنفسه اجاب عن هذا السؤال حين قال، وقد يئس من ورود جواب رسمي حكومي ان ما يأمل فيه انما هو "تشجيع المقاومة الفرنسية ازاء نظام - يقصد النظام النازي - يسعى الى تحويل ابناء الجنس البشري الى آلات متحركة وعبيد".
من ناحية ثانية أعلن تشرشل انه يأمل من الولايات المتحدة الأميركية ان تقدم عوناً كبيراً وتساهم، بما عندها من امكانات مادية في سبيل دعم القضية المشتركة. فاذا فعلت سوف يمكننا - يقصد العالم الحر، بالطبع - ان ننتصر".
في اليوم التالي تماماً، كان الماريشال بيتان يرد على تشرشل طالباً الأمان من النازيين، معلناً انه انما يريد انقاذ ما يمكن بعد انقاذه. اما تشرشل فإنه عاد بعد ايام قليلة ليقول امام النواب البريطانيين، ان الفرنسيين باتوا حالة ميئوساً منها، وعلى بريطانيا ان تحارب وحدها الآن. وكان ذلك، في الوقت الذي اعلن فيه ضابط فرنسي يدعى شارك ديغول، من على موجات اثير محطة الاذاعة البريطانية، بأنه يدعو مواطنيه، ضباطاً وجنوداً الى الانضمام اليه، سواء كانوا وصلوا ملتجئين الى الأراضي البريطانية او هم في طريقهم اليها، معلناً بذلك بدء المقاومة الفرنسية لألمانيا النازية، المقاومة نفسها التي يعلن ونستون تشرشل انها امر ميئوس منه. الصورة: ونستون تشرشل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.