أصدر دليل المشاهير الدولي أخيراً قائمة بأهم مئة شخصية عالمية هذا القرن، وجدت بعد مراجعتها أنها تعكس رأي "المنتصرين"، فالقائمة انغلو - ساكسونية، قبل أي شيء آخر. جريدة "التايمز" قالت إن بين الشخصيات المئة 25 أميركياً و24 بريطانياً، ولكن "الديلي تلغراف" أصرت على أن هناك 26 أميركياً و20 بريطانياً، ومهما يكن الأمر، فالأميركيون والبريطانيون يشكلون نصف القائمة تقريباً، مع وجود ستة فرنسيين والمانيين اثنين فقط. وإذا كان مفهوماً أن تضم القائمة ونستون تشرشل وشارل ديغول، فإنها تضم أيضاً دوايت ايزنهاور، وكان قائد القوات الحليفة في الحرب العالمية الثانية قبل أن ينتخب رئيساً للولايات المتحدة، وريتشارد نيكسون الذي استقال قبل أن يُعزل، ولويد جورج ومارغريت ثاتشر واللورد مونتباتن. هؤلاء الآخرون، كقادة وسياسيين، لا يمكن أن يعتبروا في أهمية المهاتما غاندي أو هوشي منه. أو فيدل كاسترو، وهم على القائمة ضمن مجموعة قليلة جداً من زعماء البلدان غير الغربية. كان هناك الرئيس جمال عبدالناصر وحده من بين العرب، وآية الله خميني من بين المسلمين. ولم أر باستثناء هذين اسماً لعربي أو مسلم آخر، مع اننا قد نزيد هنا الملاكم محمد علي، فهو اعتنق الإسلام وغيّر اسمه من كاسيوس كلاي. وجدت الخيارات غير السياسية أقل جدلية، فقد كان على القائمة الشاعر الايرلندي وليام ييتس، والكاتب الأميركي تينسي وليامز وأيضاً جون ستاينبك، والمسرحي الايرلندي جورج برنادر شو، والمؤلف الروسي الكسندر سولجنتسن. وكان مع هؤلاء المغني الأميركي الأسود لوي ارمسترونج وراقصة الباليه البريطانية مارغو فونتين، وزميلها الروسي في الرقص رودلف نورييف، والممثلة الألمانية - الأميركية مارلين ديتريش، ومنتج الكاريكاتور والت ديزني والممثل والمخرج تشارلي شابلن، والرسام الاسباني بابلو بيكاسو ومصمم الأزياء الفرنسي إيف سان لوران. شخصياً، لو دخلت القائمة لتمنيت أن ادخلها من دون طريق هتلر أو ستالين أو بول بوت، أو بن غوريون من وجهة نظرنا فهم فيها. وربما كنت فصلت طريق أحد العباقرة من نوع البرت اينشتاين، أو الكسندر فلمنغ، مكتشف البنسلين، أو سيغموند فرويد، لأسمع قصصاً مثيرة، أو جان بول سارتر. وربما أصارح القارئ فاترك العباقرة يفتشون عن أسباب رزقهم، واختار أن ادخل القائمة عبر بوابة جون روكفلر أو بيل غيتس. في غياب العقل أو المال، فهناك دائماً بوابة اليزابيث تايلور ومارلين مونرو والأميرة ديانا. وقد وجدت عدد النساء في القائمة قليلاً جداً. ولا أفهم كيف تحضر ثاتشر وتغيب سريمافو بندرنايكه، أول رئيسة وزراة في العالم عن سريلانكا، أو أنديرا غاندي، رئيسة الوزارة في أكبر ديموقراطية في العالم، أي الهند. لو كنا معشر العرب "المنتصرين" هذا القرن من كانت ضمت القائمة؟ أول اسم خطر ببالي هو يوسف العظمة، لأنني أعرف أحفاده، مع انني أقدر أن شهرته تعود إلى خسارته معركة غير متكافئة أمام الفرنسيين قتل فيها. الملك عبدالعزيز آل سعود هو بين قلة قليلة جداً من القادة العرب هذا القرن، فقد حارب وانتصر، وأسس المملكة العربية السعودية الحديثة. لا أريد الحديث عن قادة أحياء، لأنه نوع من النفاق حتى لو لم يكن مقصوداً، فاكتفي بالراحلين، وهنا يحضرني اسم الملك محمد الخامس من المغرب العربي، وبشارة الخوري ورياض الصلح من المشرق، ثم ازيد ميشال عفلق وانطون سعادة، واتجاوز جورج حبش لأنه حيّ بيننا. غير ان أكبر مجموعة لا بد أن تأتي من مصر، فهناك سعد زغلول ومصطفى كامل في دنيا الوطنية، وطلعت حرب مؤسس بنك مصر، واستاذ الجيل لطفي السيد وذلك الغني عن كل تعريف طه حسين، وعباس محمود العقاد وأحمد شوقي. وعندي بين النساء هدى شعراوي، رائدة الحركة النسائية، ودرية شفيق. وقد ازيد اسم الدكتورة عائشة عبدالرحمن، ولو لأسبابي الشخصية عندما كنت أقرأ لها وأنا لم اتجاوز العاشرة "قصصاً من حياتهن"، تحت اسم "بنت الشاطئ". معرفتي لا تؤهلني لترشيح فنانين، غير انني لا أتصور قائمة عربية تخلو من أسماء السيد درويش ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم. الواقع انني افضل أن أترك الخيار الأخير لغيري، ففي مقابل كل من عبدالعزيز آل سعود أو محمد الخامس أو رياض الصلح، هناك عشرة من نوع عبدالكريم قاسم والذين جاؤوا بعده.