أكدت الحكومة الايرانية بصورة رسمية، امس، "تحطيم شبكة تجسس صهيونية" واعتقال 13 "ايرانياً" في محافظة فارس جنوب البلاد، وقالت وزارة الخارجية انهم سيحاكمون "طبقاً للقانون الاسلامي في الجمهورية الاسلامية" وهو ما يعني ان المتهمين معرضون لاحكام بالإعدام اذا دانتهم المحكمة وذلك طبقاً للقانون المعدل العام 1996 والذي نص على اعدام من يثبت تجسسه لجهات اجنبية. وأشارت وزارة الخارجية بسلبية شديدة الى الاستياء الاميركي والأجنبي لاعتقال "الجواسيس" خصوصاً انهم ينتمون الى الطائفة اليهودية، واعتبر الناطق الرسمي باسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي هذا القلق بمثابة "تدخل في الشؤون الداخلية الايرانية وتحامل من جهات غير مطلعة". وعلمت "الحياة" ان السلطات المعنية فتحت تحقيقاً حول مصدر اعلان خبر اعتقال اليهود الثلاثة عشر، علماً بأن الاذاعة الايرانية كانت بثت النبأ قبل ثلاثة ايام. وحاول مسؤولون في المؤسسة نفى ذلك قائلين ان الاذاعة نقلت الخبر عن الاذاعة الاسرائيلية. ويبدو ان المعتقلين اوقفوا منذ نحو ثلاثة اشهر، وتكتمت الاجهزة الامنية على المسألة، كما ان المسؤولين المعنيين في السلطة السياسية آثروا عدم اثارة الموضوع خصوصاً ان المعتقلين من الأقلية اليهودية. واللافت ان الاعلان الرسمي في طهران عن "تحطيم شبكة التجسس الصهيونية" لم يشر اطلاقاً الى الانتماء الديني للمعتقلين. لكن صحيفة "طهران تايمز" القريبة من جهات عليا في قيادة النظام اكدت ضمنياً ان ال13 من اليهود، وبدا كأنها تحدثت نيابة عن الأوساط العليا قبل ان يصدر اي تصريح رسمي من المسؤولين في الحكومة. وقالت الصحيفة "ان طلب اميركا الافراج عن هؤلاء الجواسيس يشكل تدخلاً سافراً في شؤون ايران الداخلية" علماً بأن الناطق الرسمي لوزارة الخارجية لم يشر الى قيام المعتقلين بالتجسس لمصلحة الولاياتالمتحدة، كما ان مسؤول جهاز الاستخبارات في شيراز لم يشر الى اميركا تصريحاً او تلميحاً، واكتفى بالتشديد على ان المعتقلين كانوا خاضعين للمراقبة منذ مدة و"ثبت تعاملهم مع اجهزة استخبارات صهيونية". وليس خافياً ان هذه المسألة اظهرت ارتباكاً واضحاً لدى الأجهزة السياسية والحكومية الرسمية في طهران، اذ انها لم تبد اي رد فعل او تعليق على ما تناولته وسائل الاعلام العالمية طوال يومين حول نبأ اعتقال 13 يهودياً، كما انها كانت ترد على الصحافيين بأنه لا علم لها بالموضوع، وحرصت في المقابل على تحميل "جهات خارجية" مسؤولية اثارة "زوبعة"، مقرّة في الوقت نفسه بأن وزارة الاستخبارات هي المعنية بصورة مباشرة بملفات كهذه. وفي تصريح للاذاعة الرسمية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية "ان السلطة القضائية تدرس الملف باستقلالية تامة وسيصدر الحكم استناداً الى القانون الاسلامي في ايران". وندد آصفي بانتقادات حكومات اجنبية لطهران، خصوصاً الولاياتالمتحدة واسرائيل، واعتبرها "تدخلاً في الشؤون الداخلية الايرانية وتصريحات غير مسؤولة لأوساط من الواضح انها غير مطلعة على حقائق الأمور". ونفى ان يكون ال13 اوقفوا بسبب انتمائهم الديني من دون ان يؤكد انهم يهود بالفعل. وعلى رغم ان صحيفة "طهران تايمز" اشارت الى ان الجواسيس ال13 يهود الا انها اوضحت "ان هذا لا يعني ان كل الأقليات على علاقة بعناصر اجنبية". وتابعت بأن اجهزة الاستخبارات الاجنبية "تعمل على تجنيد عناصر من الأقليات لتكسب على مستويين: جمع المعلومات واذا اعتقلوا يصار الى اتهام ايران بأنها تنتهك حقوق الانسان وتسيء معاملة الأقليات". وفي اسرائيل طلب رئيس الوزراء المنتخب ايهود باراك من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان التدخل لاطلاق سراح اليهود الثلاثة عشر المعتقلين في ايران. وكانت الولاياتالمتحدة رويترز اعلنت يوم الثلثاء الماضي انها على علم باعتقال ال13 شخصاً وانها تتوقع ان توجه اليهم اتهامات بالتجسس لحساب اسرائيل والولاياتالمتحدة. واضافت ان الاعتقالات ترسل "اشارة مزعجة للغاية". وفي موسكو "الحياة" طلب رئيس المؤتمر القومي اليهودي في روسيا فلاديمير غوسينسكي من رئيس الدولة بوريس يلتسن التدخل لدى السلطات الايرانية لحماية اليهود المعتقلين في ايران من "اتهامات مفتعلة". ووجه غوسينسكي، وهو رئيس شركة "ميديا موست" التي تسيطر على عدد من اهم المرافق الاعلامية ان ايران تشهد "تصاعد موجة العداء للسامية"، ودعا يلتسن الى توظيف هيبته الشخصية وعلاقات روسيا "لحماية حقوق" المعتقلين ووقف "الحملة المعادية لليهود" في ايران. وكانت صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت احرونوت" الاسرائيليتان ذكرتا امس "ان اعتقال الحرس الثوري لليهود الايرانيين هدفه الاساءة الى صورة الرئيس الايراني محمد خاتمي في عيون الولاياتالمتحدة وأوروبا اللتين يسعى الى تحسين علاقة بلاده بهما منذ تسلم الرئاسة".