يرى كثيرون ان معظم البرامج التي تقدمها من على شاشة راديو وتلفزيون العرب، يتسم بطابع استفزازي واضح، اما هي فتعتبر ما تقدمه "خط دفاع اخلاقي وديني ضد التسيب العام"، وتستشهد على هذا بأن ضيوفها المناقشين هم، دائماً، علماء معروفون ورجال دين. هالة سرحان استطاعت، حتى من قبل هذه البرامج ان توجد لنفسها مكانة اعلامية استثنائية ومتفردة هي المعروفة ككاتبة وصحافية قبل ان تعرف كنجمة تلفزيونية. تفجرين بين الحين والآخر قنبلة تلفزيونية، كأنك تقولين "أنا هنا" آخرها موضوع حساس أثار ضجة هو "ليلة الدخلة" وقبله "الطلاق يبدأ من الفراش".. هل هذا اسلوبك؟ - هذا تفسير أناني لاداء الوظيفة، لمن يقول إنني أقدم برامج ومواضيع متفجرة من أجل أن أقول "أنا هنا" أو من أجل لفت انتباه الناس، وكأن الهدف من العمل الإعلامي هدف أناني بحت ومن أجل الشهرة. وبصراحة هذه المسألة ليست واردة عندي بالمرة، لأنني في الأساس إعلامية وعملي ليس ترضية الناس و"الطبطبة" على اكتافهم وان أقول لهم الحياة حلوة وكل شيء جميل. أنا أؤمن أن العمل الأساسي للاعلامي هو تفجير القضايا لأن الإعلامي هو محامي الدفاع عن المشاهد والمواطن وهذه طبيعة عمله. اما ان غيري لا يفجر قضايا فهذه مشكلته، لأنه خائف واختار الطريق السهل. وهناك 20 مذيعة لهن نحو 35 سنة في التلفزيون المصري كل دورهن ينحصر في تقديم مباريات كرة القدم أو تقديم الفيلم العربي بطولة فلان وفلانة، وإذا سألتك عن اسمائهن لا تعرف .... وكوني أتناول ما تطلقون عليه صفة قضايا ساخنة أو جريئة، هذه تسميات من عندكم لأن الإعلام العربي لم يعتد على تناولها أو طرحها. وأعتقد أنه آن الأوان لتناول كل ما يهم المشاهد العربي لأننا اصبحنا في عالم فضائي واسع وهناك أكثر من 300 محطة تدخل غرف النوم المغلقة بأشياء فجة، وأنا عندما اتناول هذه المواضيع باللغة العربية ومن خلال علماء ومفكرين اعتبر هذا خط دفاع أخلاقياً ودينياً ضد أي انفتاحات "متسيبة" قد تدخل وتخترق غرف النوم المغلقة. شاهدوا ثم احكموا هل انت مقتنعة بجدوى ما تتناولينه من مواضيع وقضايا في برامجك؟ - ارجوكم شاهدوا أولاً، ثم احكموا على ما اتناوله، وتابعوا ردود فعل الجمهور. ثم إنني عندما أناقش موضوعاً مثل العلاقة بين الرجل وزوجته وكيف يتعامل معها اعترف ان هذا الموضوع موجود في القرآن والسنة ولم اخترعه من عندي فكيف تقولون عيباً على ما حلله الله؟ أعتقد أن مساحة الحرية التي تأخذينها في محطة راديو وتلفزيون العرب هي وراء تقديمك لمواضيع ساخنة؟ - بالتأكيد عندي مساحة حرية في راديو وتلفزيون العرب لأن المسؤولين عنهما رواد اعلاميون حقيقيون، والمحطة تحب الريادة في هذه المنطقة وتحب من يحترم الإعلام ويحترم عقل المشاهد، وأرى أن احترام عقل المشاهد لن يأتي بالنفاق، خصوصاً أننا "نعيش" عصر تلفزيونات النفاق والدعاية للحكام وللسياسيين ... الحرية مرتبطة بالمصداقية، والمصداقية هي المفتاح الحقيقي والوحيد ولا بديل له. كلامك يدفعنا الى تساؤل حول المحطات الخاصة والحكومية وأيهما سيكون له البقاء والنجاح؟ - بالتأكيد سيكون البقاء للقنوات الخاصة ورغم ذلك ستبقى تلفزيونات الدول المتحدثة باسم الحكومات طالما ستستمر بعض الحكومات المستبدة والديكتاتورية لأنه لاپبد أن يكون هناك "مروِّج" لسياساتها. ولكن ما لا يدركونه هو أن السياسات لا يمكن أن تطعمها "بالملعقة" كالدواء المر للشعوب، وأن زمن معاملة الشعوب العربية معاملة الأطفال انتهى، ولهذا فإن التلفزيونات الخاصة أو الفضائية ستفرض وجودها سواء ارادت أو لم ترد هذه الحكومات لأن الهواء ملك الجميع والجمهور في النهاية يريد المصداقية ويريد من يحترم عقله. ولكن البعض أبدى تخوفات من المحطات الخاصة؟ - هذا كلام فارغ، لأنهم زمان كانوا يقولون لنا لا نريد برامج تفتح عيون الناس على الموضوع الفلاني، لا.. يا سادة، نحن عملنا هدفه فتح العيون والعقول، والخطورة التي تتحدث عنها من الموروث الفلكلوري والاستخباراتي والتوتاليتاري الذي يريد السيطرة على عقول الناس وتوجيههم توجهات معينة، ليقولوا طول النهار يعيش فلان، يعيش فلان ... المحطات الخاصة لا خوف منها لأن المستهلك يشتري سلعته برغبته والبرامج لم تجعل الناس يتظاهرون لأن تأثير البرامج تراكمي، وليس فورياً. فأنا مسؤوليتي أن أغير المجتمع العربي ليس في زمني أو من بعدي وإنما قد يكون ذلك بعد 30 سنة حيث قد يحدث تغيير في سلوكيات المجتمع ونجد الرجل وزوجته وأولاده في المنزل يتناقشون في مشاكلهم الجنسية، وأنا أسعد كثيراً عندما تأتي إلي رسائل تأييد لأن هذا يعني نجاحاً. برأيك.. متى يعرض التلفزيون المصري مثل برامجك الحالية؟ - عندما تلغى المصادرة على عقول الناس بدعوى الرقابة والمحافظة على الأخلاق والفضيلة، فمن العيب أن نفترض أن المواطن لا يستطيع أن يحمي نفسه وعقله ولا يعرف الصالح من الطالح، ولا أتصور أن الرجل "اللي قاعد" في الرقابة ربنا سبحانه وتعالى أعطاه 7 سنتيمترات زيادة في مخه و"يقدر" يحكم ماذا يشاهد ولا يشاهد الناس، هو في الغالب لا يعرف. "بصراحة".. "الليلة"... "يا هلا" ثلاثة برامج لك صعبة وتحتاج جهداً غير عادي، كيف تتصدىن لأكثر من 5 ساعات من البث التلفزيوني اسبوعياً؟ - هذه ليست أعجوبة، لأن الإعلامي في العالم كله يعمل طوال الاسبوع ما عدا في الاجازة. والنظام إنك تعمل من خلال فريق ولا يمكن أن يكون هناك إعلامي ناجح دون وجود فريق ناجح معه. وأنا الحقيقة معي فريق من الباحثين وهم محمد هاني وعمرو خفاجي ووائل الابراشي. ودون هذا الفريق ما كنت أنا هالة وما كان "يا هلا" و"بصراحة" و"الليلة". ينتقد البعض انفعالك الزائد؟ - انفعل عندما يكون هناك هرج ومرج، وهذا لأننا شعوب لا تعرف فن الاصغاء ولا تعرف احترام الرأي الآخر وإذا كنت ترى أن الحزم والجدية واحترام الرأي الآخر عصبية فأهلاً وسهلاً. من ينافسك في الفضائيات العربية؟ - قل من يقلدني وهم كثيرون لدرجة أن إحدى المذيعات قدمت برنامجاً عن "يا هلا". هم لا يقلدوننا فقط وإنما يعملون البرامج نفسها وبالأسئلة نفسها، بالضيوف أنفسهم وهذا غش. ومن المؤكد أن هؤلاء كانوا غشاشين في المدرسة لذلك لن ينجحوا ولن يصلوا الى الناس .... أنا لا أسرق أفكار الآخرين وإذا كان هناك من يسرقني فأهلا وسهلاً بهذا النهب الفكري والإعلامي إذا كان ستكون له نتيجة مع الناس، إنما تقول لي منافسين أقول لا. هناك مقلدون وغشاشون. ما تقدم من حديثك يؤكد ويظهر الخلل الموجود في التلفزيونات العربية التي غابت الثقافة عن المذيعين والمقدمين فيها؟ - للأسف اختيار المذيعات حالياً يتم من خلال أسس خاطئة بعيداً عن الثقافة والفكر ونطق اللغة العربية النطق الصحيح، حالياً هناك تنافس بين مذيعات المحطات من تتعرى أكثر ومن تتدلع أكثر؟ خرجت قبل شهور أصوات كثيرة في القاهرة تطالب بإغلاق مكتب إحدى الفضائيات العربية.. ما رأيك؟ - أنا ضد مصادرة أي فكر وضد العنجهية المفتعلة بدعوى الوطنية. حتى لو استضافت هذه المحطة إرهابيين يهددون أمن بلدهم؟ - يا عم.. فليستضف التلفزيون من يريد. هل معنى أنه استضاف شخصاً يعني أن المشاهد قبل بكل كلامه، في محطة C.N.N بحثوا عن اسامة بن لادن وأجروا معه حديثاً لأن وظيفة الإعلام البحث عن الحقيقة. وأنا لو وجدت بن لادن سأحاوره.. هل مجرد أنك تجري معي حواراً معناه إنك تؤيدني في كل ما أقوله؟ بالطبع لا، أنا فرصتي الذهبية أنني استضيف معارضاً واكشفه وافضحه أمام الملايين وهذا هو دور الإعلام. من أين تستمدين جرأتك؟ - أنا لست جريئة، أنا صريحة وواضحة وأكره الغموض وأحب المواجهة. كل هذه الأشياء تقولون إنها جرأة، ولا يمكن أن يأتي هذا دون إيمان بدوري الإعلامي وهو الدفاع عن الحق.