محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    «الاختبار الأصعب» في الشرق الأوسط    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    رحيل نيمار أزمة في الهلال    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجرة والمهاجرون من منظور اوروبي - ندوة مغربية شاملة عن قضايا الهجرة . مشكلات : الزواج المدني .. والأسماء الأجنبية .. والتحويلات المالية الحلقة الاخيرة
نشر في الحياة يوم 08 - 05 - 1999

تعد مدينة "الناظور" من أهم معاقل هجرة العمالة المغربية الى الخارج، وهي توجد محاذية لمليلية السليبة، أي انها جغرافياً تقع في منطقة الريف شمال شرق المغرب. وقد شهدت مدينة "الناظور" ندوة وطنية نظمتها لجنة القيم الروحية والفكرية التابعة لأكاديمية المملكة المغربية حول "هجرة المغاربة الى الخارج" اخترنا منها ملخصاً لثلاث مداخلات حول قضايا الزواج المدني، والتسمي بأسماء أجنبية، والجانب الاقتصادي المتعلق بتمويلات المهاجرين.
مشكلات الزواج بالأجانب
تناول محمد مصلح المفتي العام في وزارة العدل قاض سابق للتوثيق في سفارة المغرب في فرنسا مشكلات الزواج بالأجانب فأشار الى ان المشاكل المترتبة عن الزواج المختلط متنوعة وعديدة لا حصر لها، منها الاجتماعية ومنها الاقتصادية والقانونية.
"فالعلاقة الزوجية بين مغربي وفرنسية مثلا هي علاقة بين هويتين مختلفتين تثير مشاكل قانونية عدة كثيراً ما تؤدي الى الاصطدام والنزاع نتيجة اختلاف تربية ودين وعادات وتقاليد كل من الزوجين، واذا كان الزواج في الاسلام يعتبر ميثاق ترابط وتماسك شرعي بين رجل وامرأة على وجه البقاء فانه في القانون الوضعي الأوروبي ميثاق ترابط وتعاقد مدني هدفه انشاء أسرة. وأهم نقاط الاختلاف بين العقدين الشرعي والوضعي التي تؤدي الى تصادم الزوجين واختلافهما، ونزاعهما هو حرص الزوج المغربي على قيادة الأسرة طبقاً لقانون الأحوال الشخصية في حين تصر زوجته الأجنبية على ان تكون هذه المسؤولية مشتركة بينهما معاً طبقاً لقانونها الوطني الأجنبي. واذا كانت الاتفاقية المبرمة بين المغرب وفرنسا المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي تنص في مادتها الأولى على خضوع كل من الزوجين لقانونه الوطني خاصة فيما يتعلق بالشروط الجوهرية للزواج كسن أهلية النكاح وموانع الزواج الناتجة عن القرابة أو المصاهرة او الرضاع وصدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين، فان تطبيق هذه المادة مشروط بوجود عقد زواج شرعي لا عقد زواج مدني فقط الذي يرتبط به وحده كثير من مواطنينا الذين يعيشون بالمهجر. وهذا الزواج المدني يعتبر فاسداً كما هو معلوم لا ينتج أي أثر من آثار الزواج الشرعي ولذلك فان حديثنا سيقتصر على إبراز مخاطر الزواج المدني المختلط ومشاكله.
ويترتب على تطبيق المادة الأولى من الاتفاقية المشار اليها ان كلا من الزوجين في حالة الزواج المختلط يخضع لقانون أحواله الشخصية - الوطني - كما أشرنا. ويمكن إيجاز المشاكل الناتجة عن الزواج المختلط فيما يلي:
- فقدان الزوج المغربي لسلطته على الأسرة وقيادته لها، لكون مسؤولية ذلك تعود الى ان الزوجين معاً طبقاً للقانون الأجنبي.
- اختلاف الأساس القانوني لكل من عقدي الزواج المدني والشرعي واختلاف الآثار المترتبة عليهما باعتبار فساد الأول ومشروعية الثاني في نظر مدونة الأحوال الشخصية المغربية.
- تمسك الزوج المغربي بضرورة الاحتكام الى القضاء المغربي في حالة قيام نزاع بينه وبين زوجته الأجنبية بدلاً من القضاء الأجنبي، حتى ولو كان مختصاً في هذا النزاع.
- رفض الزوج تنفيذ الأحكام الصادرة في هذا الصدد عن القضاء الأجنبي مما يؤدي به الى نتائج وخيمة قد تصل الى اعتقاله.
- إقدام بعض الأزواج المغاربة المهاجرين على التزوج في المغرب بزوجة مغربية ثانية الى جانب الزوجة الأولى أو المغربية التي قد تعمل على مقاضاته أمام القضاء الأجنبي الذي دأب على الحكم بإبطال الزواج الثاني لمخالفته النظام العام المحلي ولمبدأ المساواة بين الزوجين.
ولا تخفى المشاكل التي سترتب على ذلك في مقدمتها فقدان الزوج لعمله.
- اقدام رجل وامرأة مهاجرين بأوروبا متجنسين معاً أو أحدهما بجنسية أجنبية على إبرام عقد زواجهما مدنيا طبقاً لقانون بلد الاقامة دون العمل على تصحيح العلاقة شرعاً.
- قيام رجل أو امرأة مغربيين بابرام عقد زواجهما بشخص أجنبي دون إضفاء الشرعية على هذه العلاقة.
- التزام الزوج المغربي المتزوج مدنيا بزوجة أجنبية طبقاً للقانون الأجنبي بجميع الالتزامات الناتجة عن تضامنه مع زوجته الأجنبية في أداء جميع الديون المترتبة بذمتها بعد تاريخ عقد الزواج المدني كأداء الديون وواجبات الكراء الخ… طبقاً للنظام المالي للزوجين في حالة اختيارهما نظام اتحاد الذمة المالية.
- حرمان الزوج أو الزوجة المغربيين المسلمين، المتزوج أحدهما مدنياً بشخص أجنبي، من الحقوق والواجبات المترتبة على عقد الزواج الشرعي بحيث لا يكون هناك توارث بينهما في حالة وفاة أحدهما، ولا الزام الزوج وحده بالانفاق على زوجته وأولاده ما دامت علاقتهما لم تضف عليها الشرعية طبقاً للشرعية الاسلامية.
- عدم شرعية العلاقة الزوجية المدنية القائمة بين امرأة مغربية مسلمة ورجل أجنبي غير مسلم.
- عدم شرعية الأبناء الناتجين عن عقد الزواج المدني.
ولا يخفى ما يترتب عن ذلك من نتائج خطيرة تخالف نصوص القرآن والسنة والقوانين الجاري بها العمل بالمملكة، كقانون الجنسية والأحوال الشخصية، فالابن الناتج عن العقد المدني لا يرث أباه المغربي ولا ينسب اليه ولا يحمل جنسيته.
- عدم إمكانية الحاق الأبناء الناتجين عن الزواج المدني بنسب أبيهم وتجدر الاشارة الى ان بعض المشاكل تستمر حتى في حالة اضفاء الشرعية على الزواج المدني في بعض الحالات مثلا: في حالة رغبة الزوجين المتزوجين مدنيا اضفاء الشرعية على علاقاتهما فان الطرف الأجنبي غالباً ما يرفض ذلك. وحتى في حالة قبوله فان عقد الزواج الشرعي يتوقف على حضور ولي الزوجة الأجنبي الذي غالباً ما يرفض هو الآخر هذا الدور.
- عدم امكانية ضمان تربية الأولاد الناتجين عن الزواج المختلط وتنشئتهم تنشئة اسلامية تحافظ على مقومات هويتهم الوطنية والدينية.
- تأثر الأبناء بالحياة الأوروبية المتسمة بالاباحية والبعد عن الأخلاق الاسلامية.
- ازدواج ولاء الأبناء الشرعيين منهم لوطنهم وللبلد الأجنبي الذي يعيشون فيه وينتسبون اليه أيضاً بحكم حملهم لجنسيته، مما يؤدي الى اختلال في توازن شخصيتهم ويسبب لهم قلقاً يطبع حياتهم بطابع التردد والتشكك في القيم العليا لبلدهم.
- عدم امكانية الزوج في حالة الزواج الشرعي ممارسة حقوقه المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية المغربية كإيقاع الطلاق على زوجته الأجنبية لأن ذلك يعود في اوروبا الى اختصاص القضاء وحده.
- عدم احترام الزوجة الأجنبية المطلقة من زواج شرعي، او المتوفى عنها زوجها المغربي المسلم لمدة العدة.
- عدم امكانية الحاق الأبناء بنسب والدهم الذي أنجبهم من زوجته الأجنبية غير المسلمة لعدم شرعيتهم بسبب عدم مشروعية العقد المدني الذي يربطه بزوجته الأجنبية بحيث يترتب على ذلك حرمانهم من جميع الحقوق التي لهم على أبيهم سواء في حياته او بعد مماته.
وخلاصة القول ان الزواج المختلط الذي يتم ابرامه في شكله المدني يعتبر فاسداً في نظر القانون المغربي المستمد من أحكام الشريعة الاسلامية، ولا يمكن ان تترتب عليه آثار عقد الزواج الشرعي، لأنه يتم دون مراعاة للشروط الجوهرية التي ينص عليها قانون الأحوال الشخصية المغربي، كعقده أمام عدلين وتسمية مهر للزوجة، وحضور ولي، واسلام الشخص الأجنبي الذي يرغب في التزوج بامرأة مغربية الى غير ذلك من الشروط التي يشكل بعضها في نظر القوانين الأجنبية الأوروبية، مساساً بحقوق الانسان لخرقها مبدأ المساواة وحرية العقيدة".
التسمي بالأسماء الأجنبية
وقد أضاف الاستاذ عبدالوهاب بن منصور عضو الأكاديمية الملكية المغربية مشكلاً اجتماعياً آخر وهو "تسمي المهاجرين المغاربة بأسماء أجنبية" وهي ظاهرة تفشت ولم تعد نادرة ولا مستهجنة، سيما بعدما كثر الزواج المختلط، واعترفت قوانين الدول الاوروبية بحق المهاجر الذي تتوفر فيه شروط معينة في الحصول على جنسيتها، فصار عدد من المهاجرين يسمون أولادهم بأسماء أهل البلد المستقبِل، أما رغبة في الاندماج الكامل ضماناً للمستقبل، وإما اجتناباً للميز الذي يعامل به العُنصريون المتطرفون في اوروبا أبناء المهاجرين لمجرد ان الواحد منهم يسمى أحمد أو عبدالله.
"وقد وقعت القنصليات المغربية في الخارج في حيرة إزاء استفحال هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة وتناميها، إذ صار المهاجرون المغاربة يتقدمون اليها لتسجيل ذريتهم كلما وُلد لهم مولود، مقترحين تسميتهم بأسماء أجنبية غير مألوفة ولا متداولة عندنا في القديم ولا في الحديث، ولم يكن أمام القنصليات المذكورة الا ان تدير وجهها الى وزارة الداخلية بالمغرب تستشير قسم الحالة المدنية بها في شأن هذه التسميات الجديدة التي يتنافى الأسم الشخصي فيها مع الاسم العائلي تنافياً قوياً، وتسأل عما تقوله التشريعات المغربية في هذا الموضوع، وعندما كانت تعرض هذه الأسماء على اللجنة العليا للحالة المدنية التي أترأسُها كنا نقف مبْهوتين أمام أسماء شخصية وعائلية متنافرة مثل هنري بلحاج ولويس بن عبدالله، وبروسبر بن كيران، وكارمين بن حدو، وتتنازعنا المشاعر بين ان نرضي الناس فيما ارتضوه لأولادهم، وبين ان نرفضه لمنافاته للهوية والتقاليد،
سيما إذا كان من المرجح ان يعود مهاجرون في المستقبل مع أبنائهم الى وطنهم المغرب، فكنا نقبل من الأسماء ما يمكن قبوله لقربه من الاسم العربي مثل صوفيا وكاميليا وسارة بالنسبة لصفية والكاملة وسارة، ونرفض ما عدى ذلك حتى وقع القول الفصل والبت الحاسم في الموضوع عندما اطلع جلالة الملك الحسن الثاني على بعض الأسماء الشخصية الغربية التي صار بعض المواطنين المغاربة يحملونها بالداخل او في الخارج، وهي تصطدم مع عقيدة المغاربة وتمس بهويتهم، فأصدر أمره الشريف الى حكومته بإعداد مشروع قانون يتعلق بالموضوع، فأعدته وعرضته على البرلمان الذي صادق عليه بعد مناقشته وتعديله، وأصبح قانوناً صدر بتنفيذه يوم 2 اغسطس 1996 ظهير شريف نشر بعدد الجريدة الرسمية للمملكة المؤرخ بيوم 7 تشرين الثاني نوفمبر وقد ورد في القانون المذكور ما يلي بالحرف:
"يجب ان يكتسي الاسم الشخصي الذي اختاره من يقدم التصريح بالولادة قصد التقييد في سجلات الحالة المدنية طابعاً مغربياً تقليدياً، وان لا يكون اسماً شخصياً أجنبياً، أو أسماً عائلياً، أو اسماً مركباً من أكثر من اسمين، أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة، وان لا يكون من شأنه ان يمس بالأخلاق او النظام العام. ويجب ان يثبت الاسم الشخصي المصرح به قبل الاسم العائلي حين التقييد في سجل الحالة المدنية، وان لا يكون مشفوعاً بأي كنية او صفة مثل مولاي او سيدي او لالا.
كل مغربي مقيد في الحالة المدنية بالمغرب او بالخارج تحت اسم اجنبي او لا يكتسي طابعاً مغربياً تقليدياً يجوز ان يؤذن له بطلب منه في تغيير اسمه الشخصي بمرسوم، ولا يسمح بتغيير الأسماء الشخصية المغربية التقليدية إلا بحكم قضائي. وفيما يخص القاصرين يجب ان تقدم طلبات تغيير اسمائهم الشخصية من لدن اوليائهم الشرعيين. وهكذا أصبح اختيار الأسماء الشخصية يخضع لنصوص هذا القانون منذ صدر الأمر الملكي بتنفيذه. وزيادة في التيسير على المواطنين قامت اللجنة العليا للحالة المدنية بوضع قائمة أسماء شخصية وزعت على مكاتب الحال المدنية بالجماعات البلدية والقروية داخل المملكة والقنصليات المغربية خارجها، وهي قائمة تسهل على المواطن المغربي ان يختار منها لابنه أو بنته الاسم الذي يوافق مزاجه ويلبي رغبته.
وقد روعي في وضع هذه القائمة التي تشتمل على مئات الأسماء ان تطابق - لزوماً - القانون الجديد من جهة، وان تتسم بالمرونة والتفتح من جهة أخرى، وهكذا أضيفت الى الأسماء التي تكتسي طابعا مغربياً تقليدياً أسماء مستظرفة حديثة شاع استعمالها في العقود الأخيرة بالعالم العربي الذي نحن جزء منه، كأسماء شخصيات مشهورة في عالم الدين أو السياسة او الفن او الرياضية. وعلى ذلك فما زلنا نعاني من المشكلة ما نعاني رغم صدور القانون الجديد ووضع اللائحة المذكورة، لأن من الناس من يصر لسوء الفهم او عصبية الطبع على تسمية أولادهم بأسماء تختلف مع منطق القانون الجديد ومفهومه، فمنهم من عرض الأمر على المحاكم، آخرون جمعوا في الخارج بين القانون وعكسه، فسجلوا ابنهم او بنتهم في القنصلية المغربية باسم مغربي، وسجلوه وسجلوها في بلديات البلدان المضيفة باسم أجنبي، فهو في احد عقدي الولادة أحمد بنونة وهي فاطمة بنجلون، وفي عقد الولادة الآخر هو لوسيان بنونة وهي اليزابيث بنجلون.
تحويلات المهاجرين
لم تهمل الندوة المجال الاقتصادي للهجرة اذ خصصت جلسة للإستماع الى عرض الخبير الأستاذ محمد بلقزيز مدير مندوبيات البنك الشعبي في الخارج معزز بالجداول والبيانات المرقمة. وقد استهل كلامه بملاحظة تمهيدية وهي ان ظاهرة الهجرة أصبحت من الظواهر التي تتأثر بالسياق الدولي بعد مقدم النظام العولمي الذي يقوم على حرية انتقال رؤوس الأموال والتجارة وتبادل البضائع، في حين أنه يقنن حرية تنقل الأشخاص بشكل يحد منها كثيراً. لا أدل على ذلك ان معظم الدول الأوروبية وخاصة فرنسا تحرص على تطبيق اتفاقية شانكان لغلق الحدود الأوروبية في وجه الهجرة.
وانتقل الأستاذ بلقزيز الى الحديث عن آثار الهجرة على الاقتصاد الوطني المغربي فأشار الى ان تحويلات العمال المهاجرين بلغت سنة 1997 19 مليار درهم أي خمس مرات الاستثمارات الخارجية، وما نسبته 18 في المئة بالمقارنة مع المداخيل الجارية. ويمكن القول ان تحويلات العمال المهاجرين تغطي مجموع العجز التجاري. يضاف الى هذا تبادل البضائع والسلع التي يأتي بها المهاجرون الى المغرب خلال عطلهم السنوية. ومن الأرقام الدالة بهذا الصدد ان 50 في المئة من ودائع البنك الشعبي مثلاً متأتية من توفير المهاجرين. الا أن المبالغ المتوفرة توجه في الغالب لامتلاك العقارات الثابتة أراض - عمارات … أو توضع في حسابات مجمدة تدر على أصحابها نسب فوائد هامة. وأكيد ان هذا السلوك الاقتصادي يجر الى شيوع روح من الكسل وإهمال الشغل الذي يتطلب مجهوداً عضلياً او عقلياً.
ما العمل في ظل هذه الظروف الاقتصادية والمالية الراهنة؟ يجيب الأستاذ بلقزيز بأن ما يخطط له البنك الشعبي مثلا من المفترض ان يعتمد فيه على اتجاهات الجيل الثاني والثالث. ولكننا في الحقيقة نجهل هذه الاتجاهات لذلك نعود الى ما نعرفه عن الجيل الأول وطلباته وتطلعاته، وفي هذا الاطار تقوم المؤسسة الاجتماعية للبنك بخدمات تعليمية واجتماعية وفي ميدان المخيمات الصيفية مثل إنشاء مدرستين لأبناء الجاليات المغربية في الخارج بكل من مدينة أغادير في الجنوب ومدينة طنجة في الشمال.
وتجاوزاً للوضعية الراهنة يقوم البنك الشعبي ببحث استشرافي - ميداني من خلال عينة تقدر بألف شخص من أفراد الجيل الثاني والثالث طرحت عليهم حوالي 130 سؤالاً، تغطي مجالات اللغة والجنسية والدين والعلاقات مع اوروبا… الخ. ومن خلال الأجوبة المحصل عليها لحد الآن يتبين بشكل مبدئي ان نسبة هامة تؤكد ارتباطها ببلادها وهويتها وقيمها. وان نسبة كبيرة تنتظر من الدولة المغربية بذل مجهودات لصالحهم، كما تشير عديد من الاجابات الى وجود اتجاهات عديدة في غير صالح المغرب، وان نسبة كبيرة ترى ان الفرصة ما زالت مواتية للقيام سريعاً بتدابير لصالح المهاجرين.
واعتماداً على نتائج هذه الدراسة الاستشرافية وعندما ينتهي الباحثون من معالجة مجموع أجوبة العينة سيقوم البنك بوضع خطة اقتصادية ومالية لصالح المهاجرين.
وأخبر الأستاذ بلقزيز الندوة بأن البنك أنجز كذلك دراسة استشرافية تتعلق بالتحويلات في أفق سنة 2003 يتبين منها ان حجم التحويلات عرف تطوراً تصاعدياً وسريعاً من مليار درهم سنة 1960 الى 20 مليار درهم سنة 1998. وقد ثبت حجم التحويلات على سقف محدد مع انخفاض بسيط سنة 1996. وبناء على نتائج هذه الدراسات فإننا أمام أمرين:
أ - سيناريو تفاؤلي سيبقي حجم التحويلات على ما هو عليه في حالة توفر استراتيجية وطنية على غرار ما قامت به البرتغال مثلاً.
2 - سيناريو تشاؤمي في حالة غياب استراتيجية وطنية أي اتجاه التحويلات الى التقلص بشكل تدريجي وسريع ومهول. ويعد البنك الشعبي حاليا اقتراحات حلول وخطط للدفع بالبلاد نحو السيناريو التفاؤلي.
* مقتطفات من ملخص شامل لأعمال الندوة أعده الدكتور القباج وهو باحث وأستاذ جامعي في المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.