رجال بحثوا عن السعادة خارج الحدود، بالطرق الشرعية، بحثوا عن بنات في أعمار بناتهم أو حفيداتهم، ليتزوجوهن، وبدل ان يجدوا السعادة وجدوا الشقاء. وفي المقابل؛ بنات في عمر الزهور، دفعتهن حاجاتهن المادية للاقتران برجال في أعمار آبائهن أو أجدادهن، كن يعتقدن ان هؤلاء الأزواج بنوك متحركة، وأنهن سيسكن أفخم القصور، ويركبن أحدث السيارات، ويحصلن على الجنسية السعودية، فتحت لهن الأبواب، ولكن بعد الزواج تبدلت كل الأمور، واتضح ان الأزواج بالكاد ينفقون عليهن، وتخلوا عنهن بعد فترة. والضحية هم الأبناء، الذين قد تتقطع بهم السبل، فيضيعوا في بلدان أمهاتهم بلا هوية، تثبت انتماءهم. (اليوم) التقت أزواجا سعوديين وزوجات أجنبيات وأولاد ضحايا في كل من القاهرةودمشق ومسئولين في سفارتي المملكة في هاتين العاصمتين، لبحث هذه المشكلة: نصب عليّ واختفى تتهم صباح زوجها بالنصب عليها، تحكي قصتها وتقول: تزوجت زوجي قبل 22 عاماً، ولي منه بنت عمرها 21 عاماً، وولد عمره 11 عاماً، في البدء كان يزورنا بشكل طبيعي وعادي، ولم تكن هناك أي مشاكل، وكان يعاملنا معاملة طيبة، حتى أنه أشترى أرضا في مصر وسجلها باسمي، ثم اقترح عليّ السفر معه إلى المملكة، واستخرجنا جوازات، واقترح عليّ أن ننتظر حتى يحصل لنا على التأشيرة وأيضاً حتى تحصل ابنتنا على شهادة الثانوية العامة، فوافقت، ثم اقترح عليّ بيع كل الأملاك التي اشتراها ليّ، وأسلمه المال، فوافقت أيضاً، وبعد ان بعنا حتى البيت الذي كنا نسكن فيه استأجر لنا شقة وتولى هو دفع إيجارها، وكان يزورنا كل 15 يوماً أو شهر في حد أقصى، ثم أصبح يزورنا كل 4 أشهر، ويبقى معنا لفترة قصيرة، واستمر في الاتصال الهاتفي بنا، اقترحت عليه ان نأتي للسعودية، فرفض الفكرة، ثم اقترحت عليه ان يصطحب أولاده، فرفض أيضاً، واكتفى بدفع النفقة وقيمة الإيجار، بعد ذلك تباعدت اتصالاته الهاتفية، حتى اتصل ذات مرة وقال أنه يجهز لمفاجأة لي وللأولاد، ولكنه لم يحضر، كما انقطعت أخباره عنا نهائياً، وقد حدث ذلك منذ 6 سنوات. ولا تعلم صباح ان كان زوجها متزوجاً الآن أم لا، تقول: أعلم أنه كان متزوجا من سعودية قبل ان يتزوجني، وله منها ولد وبنت، ولكنها توفيت قبل ان نتزوج، كما لا أعرف أي أحد من أسرته أو من أصدقائه ومعارفه، حتى أتصل بهم. طلق أمي واختفى دنيا لم تتزوج من سعودي، بل هي من أم مصرية وأب سعودي، عمرها اليوم 24 عاماً، آخر مرة رأت فيها والدها حين كانت في الثانية من عمرها، وبعدها انفصلت والدتها عن والدها، لأسباب لا تعرفها، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره عنها، تقول: كانت والدتي تعمل طوال اليوم، لتوفر مصاريف معيشتي، وبالخصوص تكاليف الدراسة، فأنا لست مصرية، وكنت أدرس في مدارس خاصة، وهذا كان مكلفاً جداً، خصوصاً أنني كنت أدفعها بالعملة الأجنبية، وبعدها توفيت أمي، فتعقدت حياتي، فلم أستطع دخول الجامعة، كما لم أتمكن من الزواج، لأنني لا أملك بطاقة تثبت هويتي، رغم أنني أملك عقد زواج والداي، وشهادة ميلاد، وشهادة وفاة أمي، وإقامة أنني سعودية ولكنها قديمة غير مجددة. وتجد دنيا كل الدعم والتفاعل من السفارة السعودية، التي كانت تراجعها من أجل الحصول على جواز سفر، لكي تتمكن من دخول الجامعة والزواج، تقول: أنا ضحية الزواج الخاطئ، لا أعترض على زواج شخص من زوجة من غير بلده، ولكن يجب ان يكون هناك وضوح بين الزوجين، وتحمل كل منهما لمسئوليته، حتى بعد الانفصال. مات وتركنا لوحدنا قصة مها (15 عاما) لا تختلف كثيراً عن قصة دينا، الفرق أنها حدثت هذه المرة في دمشق، وليس القاهرة، تقول: والدتي كانت قبل زواجها من والدي السعودي متزوجة ولها من زوجها السابق بنتان وولدان، ولم تنجب من والدي قبل وفاته إلا بنتا واحدة هي أنا، وقد توفي وعمري عامان، ولم يكن أي اتصال مع باقي أفراد أسرة والدي، سوى أخي الأكبر الذي جاء لزيارتنا قبل 5 أعوام، ومنها انقطعت أخباره عنا، وحالتنا المادية صعبة جداً، ونحن نعيش على مساعدات الجمعيات الخيرية. غلطة عمري جعلتني خادمة في دمشق كان لعتاب السورية قصة أخرى مع هذا النوع من الزواج، تقول: تزوجت شخصا يكبرني ب 43 عاماً، فلقد كان عمره حين تزوجنا 66 عاماً، بينما كان عمري 23 عاماً، وبعد 3 أيام من الزواج سافرنا سويا إلى المملكة، وما ان ختم جواز سفري في المطار حتى تبدلت معاملته ليّ تماماً، حيث كان يتطاول عليّ ويوجه ليّ كلاما جارحا، ويسمعني السب والشتائم والإهانات الموجهة ليّ ولأسرتي، فرجعت بعد شهر إلى سوريا، وكنت حاملاً، فأنجبت طفلتي وعدت بعدها إلى المملكة، وبقيت هناك عام و8 أشهر، وكنت أعيش مع زوجته الأولى وأولاده، وكانوا في غاية الطيبة والمحبة، ولكنه استمر في التعامل معي كخادمة تهان لأي سبب، فرفعت دعوى طلاق وحصلت على الحكم. وتواجه عتاب اليوم مشكلة عدم وجود أوراق ثبوتية لطفلتها، تقول: هو يرفض باستمرار الاعتراف بها، ولم ينفق عليها طوال السنوات الماضية، في الوقت نفسه يهدد بأخذها منيّ في حال زواجي من شخص آخر، ولكنني هنا سأحتمي بالقانون السوري، الذي ينقل الحضانة إلى أم الزوجة في حال زواج الزوجة المطلقة. بعد التجربة المريرة التي واجهتها عتاب خرجت بقناعة ان الزواج الناجح يقوم على مبدأ الاختيار الصحيح، وهو ما لم تفعله هي. عودة بعد 30 عاماً عام 1395ه حصل مسفر محمد الزهراني على موافقة من سمو وزير الداخلية بالزواج من مصر أو سوريا، ذهب إلى الدولتين ولم يوفق للعثور على زوجة مناسبة، فعدل عن الفكرة نهائياً، وقرر العودة إلى المملكة، والبقاء مع زوجته وأم أولاده، ولكن بعد قرابة 30 عاماً، قرر ان يجدد الأمر.. يقول: الزواج من الداخل أو الخارج له سلبيات وإيجابيات، ومن خلال تجربتي الشخصية أرى ان صاحب الحاجة تائه، خاصة في المجتمعات الكبيرة، التي لا يعرف فيها السعودي هل ستتوافق زوجته مع عادات وتقاليد بلده. ويقترح مسفر ان تتفق السفارة السعودية مع شخصيات معتبرة في البلدان التي يكثر الزواج منها، لكي توفر قوائم بأسماء بنات مناسبات للزواج من سعوديين، وحين يأتي راغب الزواج تقترح عليه السفارة السعودية الاتصال بتلك الشخصيات، التي تساعده في الاقتران ببنت الحلال. زواجات عرفية بحكم عمله في رئاسة قسم شئون الرعايا السعوديين في سفارة خادم الحرمين الشريفين في مصر فإن سالم علي الفعر من أقرب موظفي السفارة معرفة بمشاكل زواج السعوديين من مصريات، يقول: هناك نوعان من الزواج، فهناك من يتزوج شرعياً ورسمياً، أي يجري عقد النكاح لدى مأذون أنكحة، ويحصل على الموافقات الرسمية من وزارتي الداخلية والخارجية والسفارة السعودية، وهناك من يتزوج شرعياً فقط، أي عرفياً، والأخير ينجم عنه عدة مشاكل، خصوصاً إذا كان هناك أولاد أو بنات، فيصبحون ضحية لشهوة عابرة. العرفي أكثر من الرسمي ويؤكد الفعر شرعية الزواج العرفي، ولكن ينقصه الإشهار، فهو ينحصر على الزوجين وولي الأمر وشاهدين، والسفارة لا تأخذ بهذا النوع من العقود، وحالات الزواج العرفي التي يقوم بها سعوديون في القاهرة تفوق حالات الزواج الرسمي، فالبعض يتهاون في القيام بالإجراءات الرسمية، رغم ما في ذلك من مخاطر، خصوصاً إذا كان هناك أولاد، فلا يكون لديهم هويات تثبت انتماءهم، فيؤثر ذلك على تعليمهم وحياتهم بشكل عام.. مضيفاً: لقد بحث الأمر رسمياً بين المسئولين في المملكة والمسئولين المصريين، سواء عبر وزارة الخارجية، أو اللجنة السعودية المصرية المشتركة، وإلى الآن لم نصل إلى حلول. ويذكر الفعر ان البعض يتهاون في إكمال الإجراءات الرسمية في السفارة السعودية، فتكون النتائج وخيمة على الطرفين وعلى الأبناء. كما ان هناك مشاكل تحدث حتى مع الزواج الشرعي الرسمي، مثل ان يحدث انفصال بين الزوجين، وتعود الزوجة إلى بلدها بأولادها، وهنا تحدث مشاكل النفقة والمعيشة، كما يعيش الأولاد منفصلين عن وطنهم الأصلي، ويتربون على غير عادات وتقاليد والدهم. تصحيح أوضاع غير ان الفعر يذكر ان هناك العديد من القضايا التي حلت بعد صدور موافقة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز قبل عامين، بتصحيح أوضاع أبناء السعوديين في الخارج، وعلى ضوئه بدأت السفارة في تصحيح أوضاع قرابة 145 من الأبناء، وحصلوا على تذاكر مرور، وبعض سافر إلى المملكة، وبعض الآخر في طور إنهاء إجراءاته، حيث سيحصلون على الجوازات السعودية وبطاقات الأحوال المدنية، ليعودوا إلى القاهرة أو يبقوا في المملكة، حسب اختيارهم وظروفهم. وهذا ساهم في تقليص عدد المشاكل التي كنا نواجهها في السفارة.. مؤكداً ان السفارة حريصة على إنهاء مشكلة أي ولد أو بنت يتقدم لها ويثبت أنها ابن لسعودي. مشاكل الحضانة وعن الأسباب التي تدفع السعوديين للزواج من الخارج، يقول الفعر: أما لكبر سنه، أو لوجود إعاقة تمنعه من الزواج من سعودية. ويلقي الفعر بالمسئولية في مشاكل الزواج من الخارج على طرفين رئيسين، هما المقدم على الزواج، ووالد الزوجة (أو ولي أمرها)، يقول: في كثير من الأحيان يتم استسهال الأمر، ويعقد القران دون تدقيق في مدى أهلية الزوج للاقتران بالفتاة، أو العكس. ومن المشاكل التي تواجههم هي حضانة الأولاد بعد حدوث الطلاق، يقول: الحضانة هنا في مصر يحددها القانوني المدني، الذي ينص على ان الحضانة من حق الزوجة حتى سن العاشرة للولد، والثانية عشرة للفتاة، وقد تمتد إلى سن 18 عاماً ما لم تتزوج الأم، أما في المملكة، حيث يطبق الحكم الشرعي في هذه المسألة، فحضانة الولد أو البنت بعد سن 7 سنوات هي للأب.. ويضيف: هذه أيضاً من المشاكل التي بحثت في اللجنة السعودية المصرية كثيراً ولم نصل إلى حل لها، ونحن نحاول ان نصل إلى حلول ترضي الطرفين، وإذا لم نصل فكثيراً ما يرفع الأزواج دعاوى ضد زوجاتهم، فيدخلون في دوامة المحاكم التي تستمر سنوات. زواج دون معرفة النتائج ويشارك في نقاش قضية مشاكل الزواج من الخارج رئيس القسم القنصلي في سفارة خادم الحرمين الشريفين بالجمهورية العربية السورية محمد عبدالرحمن البديوي، الذي يقول: هذه الظاهرة في تزايد مستمر، وللأسف البعض يقدم على الزواج من الخارج دون ان يكون لديه وعي كاف وتحر عن المشاكل التي قد تنجم عن هذا النوع من الزواج، رغم ان هناك سلبيات كثيرة لهذا النوع من الزواج، وهناك نسبة فشل كبيرة، والسبب في الغالب هو عدم التكافؤ، سواء في السن أو الثقافة أو النفسية والحالة المادية.. مضيفاً: ان المشكلة لا تقع إذا وقع الزواج سريعاً قبل ان يحدث حمل أو إنجاب، ولكنها تقع بكثرة حين يكون هناك أولاد، الذين لا ذنب لهم فيما جرى، سوى ان أبويهما أساءا الاختيار. أسباب غير منطقية البديوي الذي يتمنى من كل من يفكر في الزوج من أجنبية حسبان النتائج، يحدد الأسباب التي تدعو إلى الزواج من الخارج بالقول: منها غلاء الأمور وعدم العثور على الزوجة المناسبة، الحالة الصحية، الحالة المادية، ولكنني أرى أنها في الغالب تكون أسبابا يحاول بها الرجل إقناع الآخرين بتقبل فكرة زواجه من الخارج، ولكنها أسباب غير واقعية. وفي المقابل يتناول البديوي الأسباب التي تدفع الفتاة إلى القبول بالزواج من سعودي، وأبرزها: رغبة الزوجة وأهلها في تحسين وضعهم المادي، اعتقاداً منهم ان هذا القادم من المملكة العربية السعودية هو المنقذ المالي والبنك المتنقل، ليكتشفوا فيما بعد أنهم جنوا على أنفسهم وعلى ابنتهم، فليس هناك أموال أو سيارات أو قصور، وما ذلك إلا أوهاما غرسها الزوج في ذهن زوجته، وتكبر المشكلة يوماً بعد آخر، حتى تنفجر، ولكن بعد ان تكون الأمور قد تعقدت وتشابكت. زواج لمدة يوم ومن أغرب ما صادف البديوي خلال عمله، هو حالة زواج دامت يوما واحدا، وحالة زواج تمت بعد لقاء سريع وعابر.. ويتهم البديوي بعض الراغبين في الزواج بأن آخر من يفكر في مراجعته هو السفارة السعودية، فبعد ان ينهي الترتيبات مع أهل زوجته، ويعقد القران في المحكمة، يتذكر ان هناك سفارة سعودية ينبغي عليه مراجعتها، وربما لو راجعنا من البداية لوفرنا عليه كثيرا من المشاكل، فلم توضع السفارة والقسم القنصلي خصوصاً إلا لخدمة المواطن السعودي في بلاد الغربة. ويستعرض رئيس القسم القنصلي في سفارة المملكة في دمشق إحصائية بعدد الزيجات التي تمت لسعوديين خلال عام 1422ه، والتي بلغت 629 حالة زواج، أما في العام 1423ه فبلغت 638 حالة، وحتى الشهر الخامس من العام الجاري بلغت 207 حالات زواج.. مضيفاً: هناك عدد آخر من حالات الزواج تتم ولا تسجل لدينا، وهي شرعية، ولكن غير رسمية، وهنا تكون المشاكل أكبر وأكبر. ارتفاع تكاليف الزواج في المملكة تدفع بالبعض للزواج من الخارج الأطفال ضحايا للزواج الفاشل