يطلق مصرف لبنان البنك المركزي قريباً، بموجب تعميم، وسيلة جديدة في السوق الاستهلاكية، وهي "السند من دون رجوع" الذي يهدف الى تفعيل دوران السيولة التي تعاني تباطؤاً وضعفاً في حركتها. ومعلوم ان التداول بهذا السند معتمد في الأسواق العالمية. وتأتي اجراءات مصرف لبنان في اطار سعي الحكومة اللبنانية وأجهزتها المالية الى تفعيل ضخ السيولة في السوق المحلية. وحصلت "الحياة" على تفاصيل هذه الإجراءات التي يتضمنها التعميم المرتقب صدوره عن المصرف المركزي، في لقاء مع حاكم مصرف لبنان، السيد رياض سلامة، الذي قال ان "المشكلة في سوق الاستهلاك في لبنان تتمثل بضعف دوران السيولة لا النقص في السيولة". وأكد سلامة ان "الأموال متوافرة في القطاع المصرفي" وان موازنات المصارف "أظهرت نمواً ملحوظاً وعلى أساس سنوي نسبته 6 في المئة في الفصل الأول من 1999 بالمقارنة مع المدة نفسها من 1998"، لافتاً الى ان "هذا الوضع لم ينعكس قط على القطاع المصرفي أو الوضع المالي في لبنان". وذكر حاكم المصرف المركزي ان "ما يحصل في السوق الاستهلاكية هو تأخر القطاع التجاري في تحصيل الموجبات المالية المستحقة له ، ما يسبب عائقاً في اعادة تحريك السيولة ودورانها". وقال ان "مصرف لبنان يعمل الآن على مشروع تعميم للمصارف والمؤسسات المالية ينص على اجراءات ستؤدي الى تفعيل حركة السيولة في السوق. وأضاف "وصلنا الى مرحلة متقدمة في وضع هذا التعميم على ان يقره المجلس المركزي قريباً بعد اطلاع جمعية مصارف لبنان عليه وابداء ملاحظاتها". وشرح سلامة ل "الحياة" مضمون هذا التعميم ونتائجه "الايجابية" على السوق. فقال انه "سيسمح للمصارف والمؤسسات المالية بشراء سندات الدفع من دون رجوع وهو ما يسمى بالانكليزية Factoring وهذه الوسيلة معتمدة في الأسواق العالمية ونحاول اطلاقها في لبنان، وهي حديثة، بهدف تقليص التداول بالشيكات المؤجلة وخفض عددها كونها غير شرعية، فضلاً عن أنها تؤدي الى رفع عدد الشيكات المرتجعة التي عادت نسبتها الى الارتفاع بعدما سجلت انخفاضاً في المدة الأخيرة". وقال سلامة: "توضيحاً لمعنى السند وطريقة التداول به، يمكن لتاجر ما أو لمصنع ان يستلم من المشتري سنداً من دون رجوع في حال عدم قدرة الأخير على التسديد الفوري. فيودعه المصرف من خلال خط ائتماني يسيل مباشرة، بمعنى ان المصرف أو المؤسسة المالية يحل محل المنتج لتحصيل الأموال في ما بعد من المشتري". وأشار سلامة الى ان "المصرف المركزي وضع حوافز لهذه الاجراءات"، تمكن المصارف المشاركة في هذه العملية من حسم هذه الأموال من الاحتياط الالزامي الموجود لديها، "ما يوفر لها حافزاً اضافياً". وأكد ان "للمصارف مصلحة في ذلك، اذ تصل بعض الحسابات أحياناً إلى مرحلة ان تكون مكشوفة، ما يتطلب تكوين مؤونات لها فتكون هذه السندات اذن ملاءة لهذه الحسابات". وأوضح ان "مصرف لبنان سمح لمصارف الأعمال أيضاً بالقيام بهذا الدور، اذ نعتبر ان شراء هذا النوع من السندات يمكن ان يساوي مرتين لا مرة واحدة إمكان الاستثمار في سندات الخزينة التي تصدرها الدولة". ولفت سلامة الى "امكان المصارف استعمال ودائعها بالعملات الأجنبية لغاية 2 في المئة". وتوقع ان "يؤدي تطبيق هذه الإجراءات الى تحريك السوق"، مقدراً ان "يتفاوت حجم السندات المتداولة بنحو 200 و300 مليون دولار خلال السنتين المقبلتين". وتحدث سلامة عن اجراءات اخرى لضخ السيولة في السوق، مشيراً الى ان "مصرف لبنان سمح للمصارف بحسم 60 في المئة من الاحتياط الالزامي في مقابل المبالغ التي يقرضونها للمؤسسة العامة للاسكان، ما يسمح للمؤسسة بأن تمول بالليرة بفوائد تراوح بين 10 و11 في المئة لأجيال طويلة". وأشار الى "مؤسسة ضمان القروض الصغيرة والمتوسطة" التي ستنشأ في أيار مايو الجاري، والتي "من شأنها تحريك السوق التسليفية كونها ستوفر الضمانات للمقترضين الذين لم تكن تتوافر لهم هذه الضمانات للحصول على القروض".