من المرجح ان يتخذ ولي العهد الكويتي الشيخ سعد العبدالله الصباح اليوم قراراً في اتجاه تعديل وزاري او يُعلن للأمير عدم قدرته على التعاون مع مجلس الأمة البرلمان، بعد جلسة الاستجواب الصاخبة أمس لوزير الأوقاف احمد الكليب، والتي انتهت بتصريح غاضب للشيخ صباح الأحمد قال فيه إنه "يائس من اصلاح الامور" مع البرلمان. وتقدم عشرون نائباً في نهاية الجلسة مطالبين بسحب الثقة من الوزير الكليب بعد مداولات استمرت خمس ساعات تخللها استجواب طرحه النائب عباس الخضاري وردود الكليب وتعليق النواب من المؤيدين والمعارضين. ويشير تقدم هذا العدد من النواب وكثير منهم من المحسوبين على الحكومة بطلب سحب الثقة الى ان الكليب لن ينجو من جلسة طرح الثقة الثلثاء المقبل. ويتعين عليه ان يقدم استقالته او ينقله رئيس الحكومة الشيخ سعد العبدالله الصباح الى حقيبة وزارية اخرى ضمن تعديل وزاري موسع يتقرر في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء اليوم. والاحتمال الآخر ان يبلغ الشيخ سعد الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح عدم قدرته على التعاون مع البرلمان ويستصدر مرسوماً بحله. وتردد أمس ان مجلس الأسرة الكويتية الحاكمة في صدد عقد اجتماع خاص ليل الثلثاء للنظر في البدائل السياسية المختلفة. وكان مجلس الأمة عقد جلسة الاستجواب، أمس، للنظر في مسؤولية الوزير الكليب عن اخطاء وقعت في طباعة نسخ من المصحف الشريف في مشروع مولته الوزارة. وعلى رغم ان الكليب نجح في الرد على نقاط الاستجواب الأساسية وسجل نقاطاً لمصلحته الا ان الجو السياسي كان حسم النتيجة حتى قبل ان يتكلم. وتحدث مقدم الاستجواب النائب عباس الخضاري اولاً فاتهم الكليب بالاهمال الجسيم الذي أدى الى خطأ فادح "شوّه عقيدة المسلمين". وقال إن نسخاً كثيرة من 120 ألف مصحف وزعت في دول اسلامية وتحتوي أخطاء طباعية كبيرة. وقال إن الوزير "لم يبادر إلى تصحيح الأمور إلا بعد اعلان نية تقديم استجواب ضده". وبدأ الكليب ردوده برفض اتهامه بتعمد وقوع اخطاء في المصحف، وقال: "هذا الاستجواب وكأنه لشخص مارق من الدين وعدو للاسلام". لكنه اعترف بوقوع اخطاء الطباعة وقال "ان المتسبب في الخطأ سينال جزاءه"، مشيراً الى ان النسخ المشوهة التي تسربت لا تزيد عن 76 مصحفاً، وقال ان الوزارة في صدد استرداد الأموال من الشركة الطابعة والمطالبة بتعويضات. ورد الخضاري قائلاً: "لم أتهمك بالخروج عن الدين ولكن عليك تقديم استقالتك وهو أول اجراء يتخذ". وهاجم الأمانة العامة للوقف المسؤولة عن طباعة المصحف وقال "هذه الامانة دولة داخل الدولة والوزير لا يقدر عليها". واعتبر الكليب من جهته ان اخطاء الطباعة ليست جوهر الاستجواب "وكل شيء في الكويت غدا مسيّساً وأصبح حتى القرآن الكريم يُطرح سياسياً"، وعرض سبعة نماذج من مصاحف طبعت في الكويت وخارجها، وفيها اخطاء. وقال "ما دامت المكائن هي التي تجمع اوراق المصحف فإن احتمال الخطأ وارد"، واعتبر ان "اتهام الوزارة بمثل ما يقوله الخضاري تشويه لسمعة الكويت التي طالما اعتنت بالقرآن الكريم وقامت بنشره". ثم فتح المجال للنواب للمشاركة في الاستجواب فتحدث النواب مسلّم البراك ومحمد العليم وعدنان عبدالصمد مؤيدين محاسبة الوزير وتحدث جاسم الخرافي وعلي الخلف وعبدالعزيز العدساني معارضين للاستجواب. وفاجأ عدنان عبدالصمد الحكومة باتهامها بأنها "وراء الاستجواب" وقال ان الوزراء "يحفر كل واحد منهم للآخر" ما أثار اعتراض وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الذي قال "اذا استمر عبدالصمد في كلامه فسوف تنسحب الحكومة من القاعة". ورأى عبدالصمد ان الوزير الكليب مقصّر في موضوع المصاحف ويستحق المحاسبة، كما انتقد ضمناً اهلية النائب عباس الخضاري لقيادة الاستجواب، مشيراً الى ان الخضاري لم يساند قضايا دينية سابقة طرحت في المجلس وانه لا يقوم بواجبه كرئيس للجنة حماية المال العام البرلمانية بينما هو يتهم وزير الأوقاف بإهدار الأموال، وقال: "في ما يحدث هنا اليوم يبدو كأن الحكومة تستجوب نفسها". وتعززت ملاحظات النائب عبدالصمد في نهاية المناقشات عندما تقدم عشرون نائباً، نصفهم من الحكوميين، بطلب سحب الثقة من الوزير الكليب. ولوحظ ان المجموعات الاسلامية في المجلس ركبت موجة الاستجواب وساهم نوابها في طلب سحب الثقة في حين اخذ النواب الليبراليون موقف المتفرج. الأمر للشيخ سعد وبعد الجلسة تحدث الشيخ صباح للصحافيين وقال: "أنا اكثر الناس التصاقاً بمجلس الأمة وسأبقى دائماً مع الديموقراطية، ويؤسفني ان نصل الى وضع بأننا نحرق بلدنا منذ ثلاث سنوات ولم نعمل حتى الآن شيئاً نفتخر به، لذلك انا يئست من اصلاح الامور والموضوع سيترك لرئيس الوزراء". وقال مصدر برلماني ل"الحياة" بعد الجلسة ان الصورة المربكة والتناقضات التي ابرزتها مداولات المجلس وقيام حكوميين بمهاجمة بعض الوزراء "تعكس خلافات موجودة على مستويات عليا في الدولة". وقال ان نوابا آخرين محسوبين على الحكومة سيتدافعون لاستجواب وزراء آخرين في الأيام المقبلة "لارهاق العمل البرلماني وإثارة ضجر الناس من مجلس الأمة والممارسة الديموقراطية".