} علقت بلغراد آمالها في وضع حد لغارات الاطلسي على مساعي المبعوث الروسي فيكتور تشيرنوميردين الذي اجرى محادثات مع الرئيس بيل كلينتون. وتوقعت ان يعود الى بلغراد بعد اقناع الاخير بضرورة ايجاد توازن بين مطالب الطرفين الأميركي والصربي، وذلك بأن "تكون المراقبة الدولية في كوسوفو مسلحة وتابعة للأمم المتحدة وتستثنى الولاياتالمتحدة وحدها منها". أوفدت موسكو المبعوث الروسي الخاص فيكتور تشيرنوميردين الى واشنطن لنقل رسالة من الرئيس الروسي بوريس يلتسن الى نظيره الأميركي بيل كلينتون، في اطار جولة جديدة من مساعي التسوية. وذكر تشيرنوميردين قبيل مغادرته ان الرسالة تضم "اقتراحات ملموسة" في شأن التسوية في البلقان. وأكد انه في ضوء نتائج محادثاته في واشنطن قد يتوجه الى بلغراد لاستكمال المهمة. وسيلتقي رئيس الوزراء الروسي السابق في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان قبل توجهه الى أوروبا، حيث يتوقع ان يجتمع مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي سيزور موسكو في ال13 من الشهر الجاري. وأكد تشيرنوميردين ان موسكو قلقة ازاء "تكثيف الضربات الجوية" على يوغوسلافيا. لكنه أشار الى أن "الأمل موجود" في التوصل الى تسوية. وشدد على أن "دور روسيا في هذا النزاع هو الوساطة"، مؤكداً بذلك انها غير منحازة الى بلغراد، ولن تتورط في الحرب. وسأله الصحافيون هل من الممكن ترتيب لقاء بين كلينتون والرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش فأجاب: "في هذا العالم كل شيء ممكن". في غضون ذلك، عرض وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف مبادئ قال ان موسكو صاغتها كأساس للتسوية، وهي تنص على "وقف عمليات العنف والتنكيل وعودة النازحين واستئناف نشاط المنظمات الانسانية في كوسوفو وتقليص الوجود العسكري اليوغوسلافي في الاقليم، والقيام بعملية دولية لإعادة الحياة الطبيعية الى الاقليم وتخصيص مساعدات اقتصادية لإعمار يوغوسلافيا". وأوضح الوزير الروسي ان الحديث يدور تحديداً عن "عملية عسكرية دولية" وذكر ان الغرب لم يعد يستخدم كلمة "الأطلسي" في سياق الحديث عن هذه العملية. واعتبر ذلك مؤشراً على "تغير في اللهجة" يتيح مواصلة المساعي للبحث عن حل وسط. إلا أن الساسة والمحللين في موسكو أخذوا يبدون تخوفهم من ان تغير بلغراد موقفها في اللحظة الأخيرة وتحاول فتح حوار مباشر مع واشنطن متجاهلة الدور الروسي. وأشير في هذا السياق الى الرسالة التي حملها القس جيسي جاكسون من ميلوشيفيتش والتي قال تشيرنوميردين انه "لم يطلع" عليها. بلغراد وتركزت الآمال في بلغراد في انهاء عمليات حلف الأطلسي ضد يوغوسلافيا على مساعي المبعوث الروسي أكثر مما تتوقعه من القس جيسي جاكسون. وأبلغ مصدر مطلع في الحكومة اليوغوسلافية "الحياة" ان كل ما يستطيع جاكسون والوفد الديني الذي رافقه في زيارته لبلغراد القيام به هو تحركات إعلامية على الطريقة الأميركية. أما رسالة الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش فإن كلينتون "سيرفضها وربما لا يقرأها". وأضاف المصدر ان بلغراد ترى بأن تشيرنوميردين سيكون موضع اهتمام الإدارة الأميركية "لأنها تريد إعادة دوره في روسيا كي يكون مهيئاً لتولي الأمور بعد نهاية مرحلة بوريس يلتسن". وفي وقت سيحاول تشيرنوميردين حل العقدة الرئيسية المستعصية وهي شكل الوجود الدولي في اقليم كوسوفو وصلاحياته، تردد في الأوساط الحكومية في بلغراد أن الإدارة الأميركية لن توافق على أن تكون القوة الدولية مجردة من السلاح ، "لذا فإن الرئيس ميلوشيفيتش سيكون مضطراً للقبول بأن تكون القوة الدولية مسلحة". ورجحت مصادر الحكومة اليوغوسلافية أن يحاول تشيرنوميردين اقناع كلينتون بضرورة ايجاد توازن بين مطالب الطرفين الأميركي والصربي، وذلك بأن تكون المراقبة الدولية في كوسوفو مسلحة وتابعة للأمم المتحدة وان "تستثنى الولاياتالمتحدة وحدها من دون سائر دول الأطلسي من المشاركة فيها". واتفقت أوساط المراقبين في بلغراد على أن يوغوسلافيا لن ترفض أي قرار يصدر عن مجلس الأمن بموافقة روسيا والصين في شأن الانتشار الدولي لتحقيق السلام في اقليم كوسوفو. وكانت الإدارة الاميركية حرصت على تأكيد ان زيارة جاكسون لبلغراد جاءت بمبادرة فردية منه. ورغم ترحيبها بنجاحه في اطلاق الاسرى الاميركيين الثلاثة، أبدت اوساط الادارة الاميركية مخاوفها من ان تؤدي تحركات جاكسون الى "اعطاء فكرة خاطئة" لميلوشيفيتش لا تتماشى مع تصميم الولاياتالمتحدة على المضي قدماً في الحملة الاطلسية الى ان ينصاع الاخير الى قرارات المجتمع الدولي بشأن كوسوفو. ولاحظ مراقبون في الولاياتالمتحدة ان الادارة الاميركية تجاهلت الدعوات التي اطلقها جاكسون اثر مغادرته بلغراد الى فتح حوار مع الرئيس اليوغوسلافي، خصوصاً دعوته كلينتون للقاء الأخير والتخلي عن خيار الحرب التي "تبدو بلا نهاية". وفي نيويورك، حذر الأمين العام للأمم المتحدة من البديل عن الحل السياسي لأزمة كوسوفو. وقال لدى عودته الى مقره من زيارة لألمانيا وروسيا "ان زيارتي أكدت قناعتي ان علينا ان نبذل كل ما في وسعنا لايجاد حل سياسي لأن عواقب البديل مرعبة". وأكد انان انه ينتظر المبعوث الروسي اليوم بعد انتهاء زيارة الأخير لواشنطن وذلك "لمواصلة المحادثات التي بدأت في موسكو". وقال: "ما زال أمامنا كثير من العمل على الجبهتين السياسية والديبلوماسية". شيراك ويتوجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى موسكو في 13 الشهر الجاري في زيارة يلتقي خلالها نظيره الروسي ويجري معه محادثات تتركّز حول سبل تسوية الازمة في كوسوفو. وقالت الناطقة باسم قصر الاليزيه كاترين كولونا ان "روسيا اختارت الدخول في حوار بناء مع الحلفاء حول ازمة كوسوفو، آخذة في الاعتبار الشروط الخمسة التي حددها الامين العام للامم المتحدة للخروج من الازمة". وعبّرت كولونا عن ارتياح فرنسي لهذا الموقف، خصوصاً وان السلطات الفرنسية "طالما رغبت في ان تشارك روسيا في بناء الامن والسلام في اوروبا".