عانت الرياضة اللبنانية، منذ القدم، ولا تزال. وربما يكون نادي الحكمة منحها درساً غالياً في كيفية نفض غبار التخلف والقنوط عندما توّج بطلاً لأندية آسيا، وهو الذي ينتمي الى واحدة من اصغر دول القارة تعداداً سكانياً. في لبنان ثقافة سلّوية قديمة وعريقة بفضل وجود الجامعة الاميركية فيها منذ القرن التاسع عشر... ومع الايام، صارت كرة السلة لعبة ابناء "الذوات" والميسورين والجامعات والمدارس الخاصة خلافاً لكرة القدم، لعبة الكادحين والمدارس الحكومية... ومع الايام ايضاً فرضت كرة السلة نفسها على كل القطاعات، وكان من معوقاتها عندما راحت تتسع رقعتها ان المنافسة كانت دائماً بين فريقين هما النادي الرياضي والتعاضد، أو النادي الرياضي وابناء نبتون. واعتقد النادي الرياضي انه قادر على احتكار اللقب الى ما لا نهاية، الى ان تبين له العكس في السنوات القليلة الاخيرة وتحديداً بعدما انتهى زمن الميليشيات... وأهم ما في هذه الحقبة القصيرة ان اكثر من فريق بات يمني نفسه بالمنافسة على اللقب، ومع حدة المنافسة ارتفع المستوى وتوجهت الانظار الى الخارج حيث تمت الاستعانة بالاجانب من ذوي المستوى العالي والسعر المقبول، وارتأت شبكة "LBC" ان تحول الدوري المحلي الى نسخة مصغرة من الدوري الاميركي للمحترفين "NBA" فنجحت ودخلت اللعبة كل منزل وازدادت الثقافة وبدأت الاعلانات وصارت الاموال استثماراً في محله، والخبير في هذا المجال ليس سوى رئيس نادي الحكمة انطوان الشويري... وفي خاتمة المطاف توج الحكمة بطلاً للعرب ثم لآسيا. وخبرات النجاح تجر نجاحاً، ولبنان قادر على ان ينافس على صعيد المنتخبات الآسيوية الآن قبل غدٍ اذا ما انضم روني صيقلي المحترف في الدوري الاميركي الى المنتخب... وتصفيات اولمبياد سيدني اقتربت. والأهم من كل ذلك، ان الحكمة قدم للسياسيين، الذين غرق معظمهم في مستنقعات السلاح، وللسياسيين الذين لا يعرفون من النار غير تلك التي تشبّ من عود الكبريت، درساً مفاده ان الرياضة توحّد ولا تفرق، وان لبنان قادر على ان يكون اعظم بلد رياضي في الشرق الاوسط وآسيا... وحتى يكون كذلك، من واجب رئيس الجمهورية اميل لحود ان يدعو الى مؤتمر رياضي عام يضع الامور في نصابها، فيُوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ويُضخ الدم الجديد في جميع الاتحادات من دون استثناء، لأن عظام معظم المسؤولين الحاليين تفتتت واهترأت، ويطبق مبدأ الثواب والعقاب، وتُستحدث وزارة للشباب والرياضة، وتُصب قوالب جديدة لها، وتُدعم المسابقات المدرسية والجامعية. فلبنان الجديد جديد بمقاومته وجيشه ورياضته اذا ما اراد ان يولّي عهد الميليشيات الى غير رجعة... الرئيس لحود يعي كلّ هذا، وليستأنس فقط برأي شقيقه القاضي نصري رئيس الاتحاد الرياضي اللبناني للجامعات. "برافو" حكمة.