يحتاج المغرب الى تشييد ما بين 30 الى 50 ألف سرير اضافي في السنوات الأربع المقبلة، ليكون قادراً على استيعاب الزيادة المتوقعة في حجم السياحة الأجنبية التي استعادت نشاطها في المغرب منذ عامين. وقال وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو ل"الحياة" ان الاستثمارات في قطاع السياحة تحظى بالأفضلية في مشاريع الاستثمار، كما تمنح الموازنة الجديدة للمستثمرين امتيازات ضريبية وجمركية على البناء والمعدات لاقامة وحدات فندقية جديدة وتحديث تلك القائمة. وأضاف الوزير المغربي ان المستثمرين في هذا القطاع سيتمتعون، اضافة الى الامتيازات التي يقدمها ميثاق الاستثمار، بامتيازات تفضيلية أخرى مثل الاعفاء بنسبة 50 في المئة من القاعدة الضريبية، لتحسين أداء شركات السياحة وحضها على تطوير نشاطها بما يتلاءم مع زيادة الطلب وتحسين المنتوج وتنوع الخدمات. وينص ميثاق الاستثمار لعام 1995 على اعفاءات ضريبية خلال السنوات الخمس الأولى من الاستغلال وأخرى للمشاريع التي تقام في المناطق النائية. ورأى ولعلو ان الشركات السياحية الكبرى لا تملك بالضرورة الفنادق التي تديرها، واستشهد بمصر التي تتبع فيها الفنادق الكبرى للقطاع العام وتديرها شركات دولية خاصة. وستستفيد مجموعة "اكور" الفرنسية من الامتيازات المغربية الجديدة لتوسيع نشاطها بعدما تمكنت من الفوز بإدارة مجموعات سياحية ضخمة مثل قصر المؤتمرات وفندق المنصور الذهبي في مراكش وفندق قصر الجامعي في فاس. وكانت المجموعة اشترت سلسلة فنادق "مسافر" التابعة للمكتب المغربي للسكة الحديدية. لكنها فشلت في تملك فنادق في مراكش أمام مجموعة "فرام" الفرنسية. وقال ولعلو ان "اكور" أعربت عن نيتها اقامة مشاريع سياحية جديدة في كل من الدار البيضاء والصويرة وغادير ضمن استراتيجية ادماج المغرب في محطاتها الأساسية في غرب البحر الأبيض المتوسط. وكانت المجموعة الفرنسية تعرضت لانتقادات داخلية بعد كرائها قصر المؤتمرات عقب خلاف بين "القرض العقاري والسياحي" وشركة "بي ال ام" المالكة للقصر والفندق والتي تقدر ديونها بنحو 80 مليون دولار. عودة الاكتظاظ الى الفنادق وزادت السياحة الأجنبية في المغرب نحو 20 في المئة خلال الربع الأول من السنة الجارية، وكانت فاقت مليوني سائح عام 1998. وقالت مصادر فندقية في مراكش ل"الحياة" ان مشكلة الحجوزات الزائدة عادت الى الواجهة في الاسابيع الأخيرة، بعد ارتفاع الطلبات وتوافد الزوار بأعداد أكثر من المتوقع واضطرار بعد الفنادق الى تحويل بعض المجموعات الى فنادق أخرى. وحسب المصادر نفسها فإن مثل هذه الظواهر تذكر بفترة الازدهار السياحي للمغرب قبل حرب الخليج. ولعب خفض أسعار بعض الفنادق الفخمة دوراً في انتعاش السياحة، اذ تعرض مجموعة "اكور" غرفا في قصر المنصور الذهبي بأقل من 40 دولاراً للمجموعات في مقابل 100-200 دولار سابقاً. ويفضل السواح حالياً مناطق مراكش وورززات وغادير في حين لا تزال مناطق طنجة والحسيمية على البحر الأبيض المتوسط تعيش أزمة تراجع عدد الزوار. وقال رئيس "المجموعة الحضرية لمراكش" عمر الجزولي ل"الحياة" ان مطار مراكش استقبل العام الماضي أكثر من مليون سائح، ما يستدعي التفكير في توسيع خدمات المطار وزيادة عدد الرحلات. وتستحوذ مراكش لوحدها على نحو 33 في المئة من اجمالي السياحة المغربية و40 في المئة من الليالي الفندقية. ولمواجهة زيادة أعداد الوافدين ينبغي توفير نحو 120 ألف سرير مصنف قبل سنة 2002 مقابل 90 ألفاً حالياً، وهو رهان كبير يحتاج الى استثمارات لا تقل عن 800 مليون دولار. وقالت جمعيات مهنية ان وكالات السياحة الدولية خصوصاً في شمال ووسط أوروبا تبرمج حالياً المغرب وتونس ضمن محطاتها الترفيهية، بعد الغاء برامج كانت معدة نحو تركيا وشرق أوروبا واليونان بسبب الأزمة في كوسوفو والمخاوف من حدوث حرب برية واسعة في يوغوسلافيا. وترى هذه الجمعيات ان حرب كوسوفو تبدو مفيدة للسياحة في شمال افريقيا وغرب البحر الأبيض المتوسط على عكس حرب الخليج، اذ يتوقع ان تتقاسم دول المنطقة جزءاً من حصة السياحة التي كانت تتوجه الى المناطق المرتبطة بشكل غير مباشر بالأزمة مثل تركيا واليونان وكرواتيا. وتتوقع وكالات السفر ان يزيد عدد السياح الى المغرب بنحو نصف مليون شخص خصوصاً في الأسواق التقليدية مثل فرنسا والمانيا واسبانيا وايطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة والشرق الأوسط. وكانت الحملات الترويجية التي نفذها المغرب في الأشهر الأخيرة عززت من فرص تنشيط القطاع السياحي، خصوصاً بعد زيارة الأميركية الأولى هيلاري كلينتون للمغرب، وتدشين "زمن المغرب" في فرنسا برعاية ولي العهد الأمير سيدي محمد والأميرة للا مريم في حضور الرئيس الفرنسي جاك شيراك وعقيلته، فضلاً عن تخصيص قناة "تي في 5" الفرنسية يوم 24 نيسان ابريل الماضي يوماً خاصاً بالمغرب، تم فيه نقل حفلات مباشرة من مراكش، ضمن حملة التعريف بالمنتوج المغربي في الأسواق الفرنكوفونية وكندا. وتقول وكالات السياحة والسفر المتعاملة مع السوق الفرنسية ان عدد الزوار الفرنسيين سيزيد هذا العام بنحو 150 ألفاً. ويتوقع ان يزيد عدد الأميركيين بنحو النصف بعد الانفتاح الكبير على شمال القارة الأميركية وسعي رجال الأعمال الأميركيين الى التعرف على منطقة شمال افريقيا. وبقدر ما تتزايد أعداد السياح ترتفع حصة السياحة في الاقتصاد المغربي، وهي مرشحة لأن تصبح المصدر الأهم للعملة الصعبة الى جانب صادرات الفوسفات وتحويلات المهاجرين. ويسعى المغرب الى رفع حصته من السياحة الدولية الى ثلاثة بلايين دولار سنة 2004، وهو رهان يبدو صعباً نظراً الى محدودية الطاقة الايوائية في الفنادق المصنفة وتأثر القطاع بعوامل خارجية. ولذلك يقدم المغرب امتيازات استثنائية للمشاريع السياحية، لزيادة حصته من السياحة الدولية والاقتراب من المعدلات العالمية، لتشكل السياحة عشرة في المئة من اجمالي الناتج القومي مقابل نحو ثمانية في المئة حالياً، ورفع حجم العمالة في القطاع الى 11 في المئة مقابل ستة في المئة حالياً، على ان تسخر تلك العائدات لمعالجة عجز الميزان التجاري وخدمة فوائد الديون.