طهران - أ ف ب، رويترز - تحتفل إيران اليوم في مهرجان سياسي كبير بالذكرى الثانية لانتخاب محمد خاتمي رئيساً للجمهورية فيما تتعرض خططه الاصلاحية لانتقادات قاسية من المتشددين. وقرر المنظمون في خطوة رمزية تعكس التأييد المتزايد لخاتمي ان يجرى الاحتفال في اكبر ملاعب طهران بحضور أعضاء المجالس البلدية الذين اختيروا في اول انتخابات تشهدها ايران منذ عشرين عاماً، والتي فاز فيها انصار خاتمي بمعظم المقاعد في العاصمة. وكانت السلطات الايرانية وافقت في اللحظات الاخيرة على طلب اكبر حركة طلابية في البلاد تنظيم مسيرة للاحتفال بالذكرى الثانية لفوز خاتمي. ونشرت صحف ان لجنة خاصة تساندها وزارة الداخلية أصدرت اذنا بتنظيم مسيرة عبر شوارع طهران اليوم بقيادة مكتب "ترسيخ الوحدة" الذي يضم 50 ألف عضو في الجامعات الايرانية. ولعب الطلاب دوراً بارزاً في انتخاب خاتمي في 23 أيار مايو 1997. ووجه اصلاحيون بارزون تحذيراً إلى أنصار خاتمي من اللجوء إلى أعمال استفزازية وسط اشاعات بأن جماعات متشددة تستعد لمهاجمة المسيرة. وكانت مسيرة مماثلة خرجت العام الماضي انتهت باشتباكات. ونشرت صحيفة "صبح امروز" الموالية لخاتمي عشية المسيرة: "علينا ان نعي ان المعارضين الخطرين لحركة 23 أيار يريدون تدمير كل انجازاتنا في مثل هذا اليوم وتحويله الى اضطرابات". وشددت على "ان خيارنا مختلف". ويرمي المنظمون من وراء المهرجان الشعبي السياسي في ملعب "ازاد" الحرية غرب طهران الى اظهار مدى اتساع شعبية الرئيس الاصلاحي بعد سنتين من انتخابه، في حين يخشى المحافظون الذين منوا بهزيمة ساحقة في الانتخابات البلدية، من ان تكون المسيرة اختباراً لما سيكون عليه الوضع بعد سنة من الآن عندما يختار الايرانيون ممثليهم في مجلس الشورى البرلمان وما قد ينجم عن ذلك من موازين جديدة داخل البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون. وسيلقي خاتمي خطاباً ينتظر أن يرسم فيه مستقبل الصراع. واستبقت الاجنحة المحافظة في صفوف رجال الدين الامر بسلسلة تحذيرات مما وصفته ب"المؤامرات المختلفة" التي تشهدها البلاد في الاوساط الاعلامية وبين صفوف السياسيين تحت ستار الانفتاح الثقافي. وجرت التحذيرات بشكل واضح الى مسؤولي الثقافة في الحكومة، خصوصاً وزير الثقافة المقرب من خاتمي، عطاء الله مهاجراني الذي يعتبره المحافظون مهندس سياسة الانفتاح. وخلال الاسبوع الماضي، وفيما كان خاتمي يواصل جولته العربية التي شملت سورية والسعودية وقطر، وجه مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي تحذيراً شديداً إلى أنصار الانفتاح داخل الحكومة. ودافع، في خطاب امام الناشرين في طهران، عن قرار حظر الاطباق اللاقطة، وندد بالمنشورات "المسيئة" كما اعلن معارضته الصريحة لإلغاء الرقابة التي تمارسها اوساط المحافظين لاختيار المرشحين لتمثيل الشعب في أي اقتراع يجرى في البلاد. هذا التوضيح من خامنئي ترددت اصداؤه في انحاء الجمهورية واندفع العشرات من رجال الدين البارزين الى التركيز عليه وترديده منددين ب"مؤامرت الاعداء" لضرب مبادئ الثورة. ويواجه خاتمي الذي اختاره 69 في المئة من الايرانيين ولم يخف تحيزه للاصلاحات الديموقراطية ودولة القانون والانفراج في السياسة الخارجية، معارضة شرسة من المحافظين، إذ ينظر المحافظون إلى وعود الانفتاح التي يغدقها خاتمي وتعطي دفعاً للمعارضة الليبرالية على حساب "ابناء الثورة" بعين الحذر. لكن خاتمي بعد تجربة العامين في السلطة ما زال يدافع باصرار عن الحريات السياسية وحرية التفكير والتسامح داخل النظام الذي لا يزال التشدد طابعه الأساسي بعد عشرين عاماً من الثورة.