زكى مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بصورة ضمنية وعلنية انتخاب 15 اصلاحياً من أنصار الرئيس سيد محمد خاتمي في أول مجلس بلدي إيراني في طهران أمس. وحضر مدير مكتبه حجة الإسلام محمد كلبيكاني جلسة قسم الأعضاء أمام خاتمي في بلدية العاصمة، وألقى كلمة خامنئي في المناسبة، أشار فيها بايجابية إلى دور المجالس المحلية في البلاد، ودعا إلى "التفاهم والانسجام" بين الأعضاء، وإلى "أداء الواجبات ورعاية المسؤوليات التي حددها القانون"، وشدد على ضرورة "بذل أقصى الجهود للعناية بالقرى والأرياف". وكان منتظراً حضور مندوب عن خامنئي في جلسة القسم الأولى لأعضاء مجلس "طهران البلدي قبل أن يباشروا عملهم بصورة رسمية، إلا أن أوساطاً سياسية نظرت باهتمام أكبر إلى الحضور في هذا الوقت، خصوصاً أن الملف شهد تجاذبات حادة في الآونة الأخيرة، وأصرّت لجنة مراقبة الانتخابات المنبثقة من البرلمان، التي تنتمي غالبية اعضائها إلى التيار المحافظ، على رفض نتائج خمسة من المرشحين في طهران، وعاود رئيس هذه اللجنة موحدي ساوجي الإصرار على موقفه في بيان رسمي أمس، حتى بعد عقد جلسة القسم أمام خاتمي ومباشرة الأعضاء ال15 أعمالهم بصورة رسمية. وكانت إيران شهدت أول انتخابات محلية بلدية وقروية قبل نحو شهرين، وحقق فيها أنصار خاتمي فوزاً كاسحاً بحصولهم على ما يزيد عن 70 في المئة من المقاعد في أنحاء البلاد. لكن المعركة الانتخابية في طهران اكتسبت أهمية خاصة، وخاض التياران المحافظ والاصلاحي منافسة جدية وحامية فيها، ونجح الاصلاحيون في الفوز بالمقاعد ال15 كافة في طهران. وفي الجلسة الأولى لمجلس طهران أمس، انتخب الأعضاء وزير الداخلية السابق عبدالله نوري رئيساً للمجلس، ومستشار الرئيس الإيراني الدكتور سعيد حجاريان نائباً له، والوجه الراديكالي البارز محمد إبراهيم أصغر زادة سكرتيراً أولاً، وأحمد حكيمي بور سكرتيراً ثانياً، ورئيس تحرير صحيفة "همشهري" المواطن ذائعة الصيت محمد عطريان فر منسقاً وأميناً للمال. والمفارقة ان هؤلاء الخمسة هم أنفسهم الذين شددت لجنة مراقبة الانتخابات على رفض فوزهم، لذلك شكل تثبيتهم في مناصبهم الجديدة رسالة تحدٍ واضحة من الاصلاحيين، خصوصاً أنه كان متوقعاً ان يكون من بين هيئة الرئاسة امرأة واحدة على الأقل من بين ثلاث نساء انتخبن في طهران. وما عزز فرضية "رسالة التحدي" في ما حدث، الكلمة التي ألقاها خاتمي في جلسة القسم. إذ وجه انتقادات شديدة إلى "قوى الاحتكار التي تحاول وتسعى إلى نحت مجتمع احادي الرؤية والنمط والتوجه لا يتطابق سوى مع تفسيرها للدين والقانون"، في إشارة واضحة إلى اليمين المحافظ الذي صعّد حملته السياسية على حكومة خاتمي وأنصاره في الآونة الأخيرة، وأجبر وزير الثقافة والارشاد الإسلامي عطاءالله مهاجراني على أن يمثل أمام البرلمان غداً للدفاع عن نفسه في جلسة استجواب وتصويت على الثقة لا يستبعد أن تؤدي إلى عزله. وفي حضور مهاجراني وعدد من الوزراء، شدد خاتمي على أن "الوحدة الوطنية لا تتحقق من خلال فرض الرأي الواحد على أبناء الشعب كافة واللجوء إلى اساليب القوة والقمع والضغط، فوحدة كهذه لا تعمر طويلاً"، وشدد على ضرورة "أن نربي انفسنا ونروّضها على قبول الرأي المخالف وعلى احترام التعددية السياسية". وانتقد خاتمي مخالفيه المحافظين "الذين يستغلون قناعات الشعب والإسلام وعلماء الدين وولي الفقيه المرشد لفرض وجهات نظرهم".