بعض صانعي السيارات يفتخر براحتها ومدى لين تعليقها. بعض آخر يفاخر بحدّة إستجابتها وتشبثها بالطريق. آخرون يتغنون بمدى توفيقهم بين تناقضَي اللين المريح والقسوة المثبّتة. قد تسهل خدمة الراحة بتليين التعليق، مع تقبّل تماوج السلوك عند تغيير توجه السيارة. وتسهل أيضاً خدمة أشد هواة القيادة الرياضية بنظام تعليق تتناول حبَّتَي أسبرين قبل قيادته وأخريين بعد النزول منه. لكن الإثنين معاً؟ تلك كانت المعادلة الصعبة التي نجح مهندسو بعض الصانعين فقط في إبتكار "عقاقير" هندسية تجمع نقيضَيها في أقرب حلول الوسط الميكانيكية الممكنة، بينما بقيت مهارات معظم الآخرين إما ميّالة الى راحة لم يأبه هواتها أساساً بالقيادة الديناميكية، أو رياضية بحتة وموجّهة الى من لم تترسّخ كلمة "الراحة" في قواميس أعمارهم الفتية بعد. وإن تباينت مستويات الصانعين في تجهيزات سياراتهم وقوة ماركاتهم أو جودة منتوجاتهم، بقيت معادلة التعليق حتى اليوم تحدياً مشتركاً بينهم. فالسيارة كتلة ثقيلة وينبغي تعليقها على زواياها الأربع المتحرّكة أصلاً، ناهيك بضرورة إمتصاص حدبات الطرقات ومطبّاتها ومنعطفاتها... والمفاجآت. ميكاترونية معادلة مشتركة؟ حتى أواخر السنة الجارية. فبعد هذا التاريخ سيتردد على مسامعنا مصطلح جديد: ميكاترونيك Mechatronic، او إلتقاء الميكانيك والإلكترونيك في جيل جديد من أنظمة التعليق لدى مرسيدس-بنز: نظام الضبط الفاعل للهيكل، Active Body Control، أو ABC إختصاراً. لن تختلف تقنية تعليق كوبيه "سي إل" المقبل عن كل ما سبقه حتى اليوم فقط، بل ستستهل نهجاً جديداً في صناعة أنظمة التعليق وفي قيادة السيارات عموماً بالتالي. رقصة "سي إل"... لكل تجربة سيارة جديدة شروح مسبقة عن تميّزها وفوائدها وما شئت، قبل الإنطلاق لإختبارها. ولكل سيارة فعلاً هويتها الشكلية والأدائية والتجهيزية. لكن هل رأيتَ سيارة ترقص على إيقاع الموسيقى الكلاسيكية في مركز أبحاث وإختبار، أو بالأحرى حسب برمجة إلكترونية متجانسة مع إيقاع الموسيقى؟ قبل الإنطلاق في تجربة عدد من النماذج الأولية من كوبيه "سي إل" على حلبة ديملركرايسلر في بابنبرغ... هدأت القاعة في إنتظار إعلان برنامج التجارب فإذا بالضوء يُسلّط على كوبيه "سي إل"، وقربه مهندس بدأ بإدخال بعض الرموز على مفاتيح كومبيوتر نقّال مربوط بجهاز في الكوبيه، فلم تنطلق الموسيقى إلا والكوبيه يرافقها بالرقص متمايلاً بزواياه الأربع حسب الإيقاع. تلك رقصة تُغني عن مئات الصفحات، ففيها تُقتضب مقوّمات نظام التعليق الذي بلغ تطورّه حد الإستجابة الإلكترونية الفورية لتعديل إرتفاع السيارة وقسوة التعليق وتفاعله المختلف في الزوايا الأربع حسب سلوك الهيكل وتسارعه أفقياً وعمودياً، طولاً وعرضاً وإنعطافاً، حسب الحمولة وحسب ثبات الطريق، مئة مرّة في الثانية الواحدة! وخلافاً لأنظمة التعليق الساكنة التي عُرفَت منذ أواخر الثمانينات بتبدّل قسوة أسطوانات تخميدها بعض الشيء بين درجتَي قسوة أو ثلاث منها، يفتتح كوبيه "سي إل" فعلياً مرحلة ما يُسمى بالتعليق الفاعل Active suspension الذي مثّل حتى اليوم أقرب التقنيات الممكنة من كمال التعليق. عُرِفَ هذا التعليق فعلياً في سباقات السيارات، خصوصاً فورمولا واحد، لكنه سيتوافر قريباً للمرّة الأولى في سيارة سياحية معدّة للتسويق، كتجهيز أساسي، علماً بأنه سيمكن الحصول عليه أيضاً كتجهيز إضافي سيحدد سعره لاحقاً في صالون "إس كلاس". ... وإختبارها! لا يتطلّب نظام "أ. بي. سي." إختصاصياً مرهف الحس للشعور بإختلافه عن أي نظام تعليق سبقه. فالفارق بديهي. لكن قبل الإسراع في التنويه بهبوط نسبة جموح نموذج "سي إل 500" الجديد فور الإنطلاق بنشاط، حتى 68 في المئة أقل من الجيل الحالي الذي سيصبح "السابق" في نهاية السنة الجارية، أو محدودية غوص المقدّم بنسبة مشابهة عند الكبح بقسوة، لا يدرك المرء فعلاً مدى إختلاف هذا النظام قبل خوض التجارب المختلفة به، وبعده بموديل "سي إل" الحالي، ثم بموديل "إس كلاس" بالمحرّك ذاته المعروف أيضاً بتعليقه الحديث والإلكتروني الضبط راجع الإطار الخاص به، ولو لم يكن من نوع التعليق "الفاعل". فبينما تمكن تقسية عوارض نظام تعليق عادي للحد من تمايل السيارة أفقياً، أو عرضياً، لكن لقاء تراجع في السلاسة مثلاً أو في نعومة التخميد، تجد في نظام "أ. بي. سي." أفضل الفوائد المتوقعة من أي نظام تعليق، ومن دون سلبيات أي منها. لذلك تبرز أولى نقاط قوته في جمعه للمزايا الإيجابية من دون السلبيات الحتمية كتنازلات في مزايا تعليقية أخرى مقابلة. ثم هناك الجسم. أليس هدف أي نظام تعليق أولاً وأخيراً، منح جسم السائق والركاب "تجربة جسدية" معيّنة لدى الإنتقال في هذه السيارة أو تلك؟ في "سي إل" الجديدة تشعر فوراً بمحدودية إرتماء الضلوع على جانبي ظهر المقعد يتضاءل التمايل الجانبي حتى خمسين في المئة عمّا في الجيل الحالي. وهذا في القيادة القاسية على الحلبة! لا تسأل عن أنظمة الحماية من الإنزلاق، لأن الخروج عن الطريق يتطلّب إمعاناً مفرطاً. لغة الجسد وتلعب أنظمة الحماية من الإنزلاق أهمية كبيرة في الواقع في "سي إل" الجديدة، لسبب بسيط هو أن أنظمة التعليق العادية تُشعرك جسدياً بمدى الإرتماء الجانبي الذي يُبلغ الذهن لا شعورياً بمدى الإقتراب من حدود قدرات ثبات السيارة. لكن كيف تصبح الأمور عندما تتضاءل حركات التمايل الجانبي بنسبة تصل الى 75 في المئة في برنامج القيادة الرياضية قياساً ب"سي إل" الحالي، و68$ في برنامج القيادة المريحة؟ لا تقلق، فإن كان نظام التعليق الجديد يخفض التمايل الى حد يمكّنك من التعاطي مع الإنعطافات بسرعة أعلى، فهو أكثر من قادر على التعاطي معها بالمهارة المألوفة في سيارات الصانع الألماني عموماً. والمتعة! ثم هناك المتعة! هل تزول متعة القيادة بتضاؤل التمايل الجانبي؟ ألن تفوح الأدرينالين من وقت الى آخر؟ خير إجابة كانت في نهاية تجربة السيارات الثلاث، لدى طلب تلك "اللفّة الأخيرة"... في "سي إل" الجديدة. فمقارنة المهارات التي تتطلّبها القيادة الرياضية لهذه السيارة، بتلك التي تتطلّبها أخرى "عادية" التعليق، تشبه الى حد ما مقارنة المهارة المطلوبة بين لعبتَي الشطرنج والملاكمة. سترتعش في اللعبتين كلما شارفت على الربح أو الخسارة، مع فارق إمكان كسر الأنف في اللعبة الثانية وحدها! وبينما تدخل "سي إل" الجديدة التي ستنتج بمعدّل لا يزيد عن عشرة آلاف وحدة سنوياً، المنعطفات بنسبة الميلان الممكن حصولها بنصف سرعة جيلها السابق أو في أي سيارة ذات تعليق عادي ناجح، تأتيك الراحة فوق هذا كله... مخملية. وفي مقارنة سريعة مع تعليق "إس كلاس" الحديثة، يمكن وصف تخميد الأخيرة بالأنعم، يليه تخميد "سي إل" في برنامج الراحة، لكن بنسبة أدنى من التمايل، ثم برنامج القيادة الرياضية في الأخيرة. وتتقارب نعومة إمتصاص الحدبات بين معايير "إس كلاس" الهوائية التعليق وبرنامج الراحة في "سي إل"، لكن لجم التمايل الإنعطافي أو بعد عبور الحدبة قد تجده الأسرع في "سي إل"، خصوصاً في عيارها الرياضي. وبعد الإنعطاف السريع، تستعيد "سي إل" ذات التعليق الفاعل إستقامتها الأساسية بنسبة تصل الى 70 في المئة أفضل من الأخرى العادية التعليق، في إنعطاف حدته 55 درجة مثلاً وبسرعة 80 كلم/ساعة. حتى فارق عيارَي تعليق "سي إل" على إحدى الطرق الشبيهة بتلك الريفية المتواضعة الجودة، تجده بسيطاً جداً من حيث الراحة وإمتصاص الإرتجاجات، بين عيارَي الراحة والرياضية، نظراً الى مدى نجاح سرعة الإستجابة لمنع التفاعلات الثانوية. أليس هناك فارق بين البرنامجين؟ ستجده خصوصاً في تدني نسبة التمايل الجانبي في المنعطفات أو عند غيار خط السير بسرعة. وتمكن ملاحظته أكثر عند كبس الزر بين البرنامجين في أثناء الإنعطاف إذ تشتد قسوة التعليق فورياً بنسبة 27 في المئة عن عيار برنامج الراحة عند الإنتقال الى البرنامج الرياضي، ويزداد تعامل السيارة مع المنعطف دقة ومباشرة وكأن السيارة "تحزر" فوراً الإتجاه الذي تمليه عليها بحركة المقود، وتسلكه. مم يتألّف نظام "أ. بي. سي." وكيف يعمل؟ ما هي الخطوات المستقبلية لأبحاث الإلكترونيات في أنظمة التعليق وغيرها؟ تكنولوجيا "رطبة" وتكنولوجيا "جافّة"؟ الميكاترونية المقبلة في الكبح والتعليق يُستبعد جداً أن يبلغ التسارع التكنولوجي في صناعة السيارات، حد المهزلة المألوفة في صناعة الكومبيوتر. لا، لن تتوالى أنظمة السيارات الحديثة بوتيرة الكومبيوترات التي "تشيخ" بعد شرائها بستة أشهر. لكن التكنولوجيا، حتى في صناعة السيارات المرتبطة أكثر وأكثر بتطوّرات عالم الكومبيوتر، لا تتوقّف، وما نراه اليوم في نظام "أ. بي. سي." هو أول أجيال أنظمة التعليق الفاعل الموجّهة للتسويق عُرِفَت هذه التقنية في عالم سباقات السيارات أولاً في سيارات نفيسة مثل "سي إل" و"إس كلاس"، قبل إنتشارها تدريجاً في قطاعات السيارات الأدنى منها. وعندما ستنتشر هذه التقنية في السيارات الأصغر، هل ستتساوى الأخيرة مع السيارات الفخمة التي نشأت هذه التقنيات معها في الأساس؟ حكماً لا. لكن كيف ستتطوّر إذاً تكنولوجيا السيارات الفخمة لتحافظ على ريادتها أمام سيارة "أخي المواطن"؟ لا بأس من بعض الحشرية في مناسبات كهذه. الى متى ستبقى الحاجة مثلاً الى القاعدة المثلثة: ميكانيك، هيدروليك وإلكترونيك؟ متى سيُستغنى عن العنصر الهيدروليكي، طالما لا غنى عن الميكانيكي الحامل للهيكلية في نهاية الأمر؟ قد يكون النظام الهيدروليكي المعتمد في "أ. بي. سي." أرقى ما يمكن أن تبلغه السوائل في سرعة التفاعل والدقة... قبل الإنتقال الى الصيغ المصنّفة "جافة" Dry. جافة؟ نعم، أي من دون سوائل هيدروليكية. فمرسيدس-بنز تحضّر مثلاً نظام كبح إلكتروني الإتصال، في صيغة "رطبة" أولاً Wet brake-by-wire، لإطلاقه خلال سنتين أو ثلاث. طبعاً، أصبح تعبير "Drive-by-wire" مألوفاً منذ أواخر الثمانينات، بإشارته الى الإتصال الكهربائي بين دوّاسة الوقود ووحدة التحكّم الإلكتروني بوظائف المحرّك، لضبط الإشعال وبخ الوقود حسب معطيات عدة، منها معلومات دواسة الوقود. لم يعد للسلك الميكانيكي بين الدوّاسة والمحرّك أكثر من دور وقائي يتدخّل فقط في حال تعطّل الإتصال الكهربائي. مع نظام الكبح المقبل، والممكنة تسميته "الكبح الإلكتروني الإتصال أو التوصيل" ستصبح دوّاسة الكبح بدورها متصلة بمكابح العجلات الأربع... كهربائياً، أو إلكترونياً بالأحرى عبر وحدة تحكّم بمعالج أو معالجات سريعة تنسّق بين وظائف الكبح ومنع الإنزلاقات المختلفة الأسباب الكبحية والدفعية بفاعلية أعلى... ولمَ لا، يمكن تصوّر تنسيقها عندها حتى مع نظام التعليق الميكاتروني أيضاً. ولمَ كلمة "الرطبة" إذاً؟ لن تستطيع التكنولوجيا التخلّص من الهيدروليك قبل ما لا يقل عن 10 الى 15 سنة في الأنظمة الشديدة الحساسية للسلامة، كالكبح والتعليق. فنظام الكبح الإلكتروني "الرطب" سيحتفظ بحلقة هيدروليكية إحتياطية تتدخّل في حال وقوع خلل كهربائي أو إلكتروني. أما الكبح الإلكتروني الجاف Dry brake-by-wire، أو حتى التعليق الإلكتروني الجاف المتخلّص من السوائل الهيدروليكية تماماً فيتوقّع إنطلاقهما في العقد الثاني من القرن المقبل. وهو ما يبرر إطلاق مرسيدس-بنز اليوم مصطلح "ميكاترونية" Mechatronics، في إشارة الى إلتقاء الميكانيك والإلكترونيك في أنظمة مستقبلية ستستغني تدريجاً عن الهيدروليك التي لم تحظَ بجزء من التسمية. هل ستكون مرسيدس-بنز السباقة هنا أيضاً؟ تتعذّر قراءة المستقبل، لكنه يمكن التذكّر في المقابل بأن مرسيدس-بنز هي أول من أطلق نظام منع الإنزلاق الكبحي ABS في 1978، والدفعي ASC في 1981، وعلبة التروس التفاضلية الأوتوماتيكية الإيصاد لنقل العزم من عجلة منزلقة الى الأخرى الأكثر تشبثاً في المحور ذاته في 1985، وصولاً الى برنامج الثبات الإلكتروني ESP في 1994، و"آيرماتيك" في 1998. كدنا ننسى "أ. بي. سي." في 2000! للماضي بصرٌ بعيد. سرعة إستجابة النظام الإلكتروني... بالسنتم يتلقى نظام التعليق معلوماته من أجهزة الرصد ويرسل تعليماته الى النظام الهيدروليكي بمعدّل مرّة كل عشرة أجزاء ألفية من الثانية 01.0 ثانية، أو كل جزء مئوي من الثانية. على هذا الأساس، يُبلّغ نظام التحكّم الإلكتروني في "سي إل" بأوضاع الطريق وسلوك السيارة ويرسل تعليماته حسب وتيرة مختلفة في كل من السرعات، فحسبت "الحياة" المسافة التي تجتازها السيارة بين كل معلومة وتاليتها، في السرعات الآتية: * 50 كلم/ساعة: تجتاز "سي إل" 88.13 سنتم بين كل معلومة وتاليتها. * 80 كلم/ساعة: 22.22 سنتم. * 120 كلم/ساعة: 33.33 سنتم. * 150 كلم/ساعة: 66.41 سنتم. * 180 كلم/ساعة: 50 سنتم. * 220 كلم/ساعة: 11.61 سنتم. * 250 كلم/ساعة: 44.69 سنتم. في الصورة، "سي إل" المقبل: البُعد الآخر. تعليق فاعل؟ وتعليق ساكن؟!! قبل التحدث عن نظام مرسيدس-بنز الجديد، ما هو التعليق "الفاعل" وكيف كانت أنظمة التعليق "ساكنة" حتى اليوم؟ ليست صفة "فاعل" Active بمعقّدة في الواقع. فأنظمة التعليق كانت حتى الآن "ساكنة" Passive، بمعنى تفاعلها مع طبيعة الطريق وسير السيارة بطريقة ساكنة، أي أنها تخضع للمجريات فلا يأتي نظام التعليق بغير رد فعل على تبدّل إرتفاع السيارة أو توجهها أو حدبات الطريق أو ثغراتها. مع التعليق الفاعل، يتفاعل نظام تعليق السيارة بطريقة لا تكتفي برد الفعل على الظروف المفروضة عليه، بل يغيّر معايير التعليق في إرتفاع السيارة ومرونة أو قسوة تعليقها في كل من جهاته حسب معايير برمجته الإلكترونية، وبعد "قراءة" مجريات الطريق عبر أجهزة الرصد. بمعنى آخر، ليست طبيعة الطريق هي التي ستفرض مباشرة ردود فعل نظام التعليق، بل هو النظام الإلكتروني- الهيدروليكي- الميكانيكي الذي "يقرأ" في "سي إل" مجريات السير معلوماتياً، عبر أجهزة الرصد المختلفة، ف"يقرر" قسوة التعليق أو لينه، وإرتفاع السيارة وحدّة الإنعطاف، حسب برمجته هو وليس فقط حسب رد الفعل الميكانيكي المباشر في أسطوانات التخميد والنوابض والعوارض المختلفة. حسناً، لا بد من الإقرار بأن أياً من النظامين الساكن أو الفاعل سيستجيب في النتيجة تبعاً لظروف الطريق والقيادة، لكنه يمكن التمييز بينهما على إعتبار أن رد فعل النظام الفاعل لا ينحصر بمعطيات الطريق وحدها ليأتي برد الفعل المناسب، بل هو يحصد المعلومات عن معطيات الطريق ثم يعطي تعليمات التفاعل معها في جزء مئوي من الثانية تبعاً لبرمجته هو في هذه الحالة، فيكون له دوره الفاعل في رد الفعل. "أبجدية" مرسيدس-بنز الثوروية في الراحة والسلوك: نظام "أ. بي. سي.ABC يمثّل نظام "أ. بي. سي." الذي سيُطلق أواخر السنة الجارية مع موديل "سي إل" المقبل، أحدث الصيغ المطوّرة عن برنامج أبحاث بدأ سنة... 1978، وكلّف حتى اليوم نحو 25 مليون مارك 7.12 مليون يورو. ويرتكز النظام الجديد على التفاعل السريع بين مجموعات ثلاث متكاملة: الميكانيكية والهيدروليكية والإلكترونية. وبينما يعمل التعليق الفاعل في مجالات الإرتجاجات التي لا يزيد ترددها عن 5 هرتز تعادل وحدة الهرتز دورة أو موجة أو حلقة واحدة في الثانية، تتولّى البنية الميكانيكية أمر الإرتجاجات ذات التردد العالي، أو بين 6 و20 هرتز. * الميكانيك: لا تزال للعناصر الميكانيكية دورها في النظام الجديد، ولو أصبح محدوداً. وهي تتمثّل هنا بوصلات ألومينيوم خفيف لتثبيت مواضع الدعائم في الجوانب الأربعة، وتتضمّن نابضاً لولبياً وأسطوانة تخميد غازيّة في كل من الجوانب الأربعة. وتلعب العناصر الميكانيكية التخميدية دورها في مجالات الإرتجاجات ذات التردد العالي، أو بين 6 و20 هرتز وحدة الهرتز تعادل دورة واحدة في الثانية. ويذكر الصانع أن إعتماد مبدأ التعليق الفاعل كلياً، أي من صفر حتى 30 هرتز، لا يزال يتطلّب نسبة عالية من الطاقة ويؤثّر سلباً بالتالي على القوة والإستهلاك. في المقابل، يستغني نظام "أ. بي. سي." كلياً عن عوارض التثبيت ومنع التمايل الجانبي لأن الوظيفتين الهيدروليكية والإلكترونية تحدّان من التمايل أكثر من تلك العوارض بكثير. * الهيدروليك: يؤمّن النظام الهيدروليكي أساساً وظيفة حمل الهيكل وتبديل قسوة تخميده وإرتفاعه بتعديل الضغط الهيدروليكي فورياً في كل من دعائم التعليق الأربع التي تتضمّن أسطوانة تخميد ونابض لولبي، إضافة الى تبديله نسبة اللف حسب سرعة السيارة يصبح اللف أكثر مباشرة بين 60 و140 كلم/ساعة، ثم يتخذ الضبط الرياضي المتبدّل فوق تلك السرعة. وفي أسطوانة التخميد خزّان زيت يتغيّر فيه الضغط بإستمرار، أي فوق النابض اللولبي الداخلي، حسب التعليمات الواصلة من وحدة التحكّم الإلكتروني. ويتضمّن النظام الهيدروليكي العناصر التالية: - مضخّة زيت ترفع الضغط في النظام الهيدروليكي، مع صمّام يقيس الكميات المحقونة بإستمرار حسب الطلب. - مجموعة مدمّجة تضم راصداً لضغط الزيت، وصمّاماً يحوّل فائض الزيت عند بلوغ الضغط 200 بار، ومخمّداً خاصاً يمتص الإرتجاجات الداخلية في النظام الهيدروليكي. - مبرّد زيت النظام الهيدروليكي، ويتلقى تعليماته من وحدة التحكّم بعد تبلّغها حرارة الزيت من راصد خاص مركّب في خط الزيت العائد من المؤخّر الى المضخّة. - حاقن زيت لمجموعتَي الضغط الأمامية والخلفية. ويحافظ الحاقنان على ضغط الزيت وجهوزيته قبل إنتقاله، من قُرب، الى كل من الدعائم الهيدروليكية الأربع، فتتم الإستجابة في أجزاء ألفية من الثانية الواحدة، عوضاً عن تأخّرها لو كان عليها الوصول من المضخّة الرئيسية. - موزّع زيت لكل محور يضبط تدفّق الأخير الى كل من دعائم التعليق الأربع بواسطة صمامَي ضبط وإغلاق يستجيبان للتعليمات خلال أجزاء ألفية قليلة من الثانية الواحدة. - دعائم التعليق الأربع، وفي كل منها أسطوانة يتبدّل فيها الضغط الهيدروليكي حسب تعليمات وحدة التحكّم، وتبعاً لمعلومات أجهزة الرصد الثلاثة عشر الموزّعة في أنحاء عدة من الهيكل بما فيها واحد لكل من الدعائم الأربع ذاتها. وتتضمّن الدعائم ذاتها أيضاً أسطوانة ضغط غازيّة ونابضاً لولبياً إضافيين للجم الإرتجاجات التي يزيد ترددها عن 5 هرتز. * الإلكترونيك: يلعب الجانب الإلكتروني دور المايسترو الذي يتلقى المعلومات أولاً من 13 جهاز رصد للتسارع العمودي والأفقي، الطولي والعرضي، ودرجة لف المقود، وإرتفاع الهيكل راصدان لكل محور، ويتبدّل إرتفاع السيارة حسب السرعة فتهبط 10 ملم في السرعات العالية لزيادة الثبات وخفض الإستهلاك قبل تحليل المعلومات في وحدة التحكّم التي تتضمّن معالجَين سريعين. ومن هناك تُرسل تعليمات التفاعل الهيدروليكي الملائمة لكل من دعائم التعليق الأربع. ويمكن رفع مستوى الهيكل 25 أو 50 ملم إضافية بكبسة زر. نظام تعليق "آيرماتيك" في "إس كلاس" بما أن نظام "أ. بي. سي" سيتوافر كتجهيز أساسي في "سي إل"، وكخيار إضافي في "إس كلاس" أيضاً إبتداء من أواخر السنة الجارية، لا بأس من التذكير بتقنية نظام تعليق "إس كلاس"... الذي لم تمضِ أكثر من أشهر قليلة على إطلاقه. يتألّف نظام تعليق "إس كلاس" الحديث أيضاً آيرماتيك AIRmatic والمستقل في جوانبه الأربعة، من وصلات متعددة ألومينيوم في المقدّم والمؤخّر، وعارضة تثبيت. وفي الجانب الإلكتروني يضم النظام أجهزة رصد عدة ودعائم هوائية الإنضغاط دعامة في كل من الجوانب الأربعة، ومتصلة كلها بخزّان هواء مركزي مضغوط لتوزيعه على كل من الدعائم حسب متطلّبات الطريق والقيادة. يُضبط ثبات إرتفاع السيارة أولاً بزيادة ضغط الهواء أو بتنفيس بعضه من كل من الدعائم حسب الحاجة وحسب حمولة السيارة، بينما تتولّى أجهزةٌ ثلاثةٌ رصدَ الشد الجانبي للهيكل في المنعطفات، جهازان في المقدّم وثالث في المؤخّر. وحسب الضغوط المفروضة على السيارة، يتوزّع الهواء المضغوط الى دعائم الأربع والى الخزّان المركزي يصل فيه الضغط حتى 16 بار. ويخضع نظام تعليق "إس كلاس" لوحدة تحكّم مركزي تليّنه أو تقسّيه حسب السرعة ونوعية الطريق، آخذة في الإعتبار مقاييس أجهزة مختلفة ترصد درجة لف المقود والشد الجانبي للهيكل وسرعة كل من العجلات الأربع ودرجة الضغط على دوّاسة الكبح إن كانت مضغوطة طبعاً. وعند تجاوز سرعة 140 كلم/ساعة، ينخفض الهيكل أوتوماتيكياً 15 ملم لتحسين الإنسيابية وتخفيف الضجيج وإستهلاك الوقود، مع تحسين ثبات السيارة. ويُمكن أيضاً رفع الهيكل بعض الشيء لتخطي طريق وعرة.