ايهود باراك هو رئيس وزراء اسرائيل الجديد بعد الهزيمة الساحقة التي الحقها ببنيامين نتانياهو. ودلت الاستطلاعات الأولية فور اغلاق صناديق الاقتراع الى فارق كبير في الاصوات لمصلحة المرشح العمالي الذي حاز، حسب النتائج التي اعلنها التلفزيون الاسرائيلي القناة الأولى في العاشرة من مساء امس على 58.5 في المئة من الاصوات مقابل 41.5 في المئة لمنافسه. وجاء في نتائج اخرى القناة التلفزيونية الثانية ان الفرق من اربع عشرة نقطة وهو ما لا يترك مجالاً لتكرار تجربة 1996 لأنه يتجاوز نسبة الخطأ. وقد انعكست هذه النتيجة الاسمية على تلك المتعلقة بالاحزاب، اذ تعرض ليكود لانتكاسة اعادته سنوات الى الوراء. وبعد "17 ايار الابيض" لليمين الاسرائيلي في 1977 جاء "17 ايار الاسود" 1999 ليدل الى رغبة الناخبين في معاقبة رئيس الحكومة الحالي الذي تخلى عنه الكثيرون من اصدقائه وحلفائه ويتحفز من بقي معه للانقضاض عليه. وفي التقديرات لتوزع المقاعد ان لائحة "اسرائيل واحدة" العمل ستحصل على 33 مقعداً مقابل 18 فقط لليكود. ويبدو ان حزب "شاس" حقق اختراقاً بحصوله على 15 مقعداً في حين ان "الوسط" نال 5 الى 6 مقاعد وقد يسبقه "شينوي" علماني متشدد بمقعد واحد. أما الحزبان "الروسيان" فحازا على 8 مقاعد وحصل "المفدال" ديني اشكنازي على 5 مقاعد. وحصلت لائحة "التجمع الوطني الديموقراطي" عزمي بشارة على مقعدين، و"القائمة العربية الموحدة" الدراوشة على ثلاثة مقاعد. وبذلك يكون العرب خسروا مقعدين في الكنيست الجديدة مقابل 10 في السابقة. ولوحظ ان الاحزاب التي شاركت في الائتلاف الحكومي الذي كان يقوده نتانياهو تراجعت جميعاً، باستثناء "شاس". وفور اعلان التقديرات بادر نتانياهو، في تصريح له، الى تهنئة باراك، معلناً استقالته من قيادة ليكود. وكانت الانظار متجهة، منذ صباح امس، الى نسبة الاقبال على التصويت. ولما تأكد، بعد الظهر، انها أعلى مما كانت عليه في 1996 تعززت آمال مؤيدي باراك بفوز مرشحهم. وكانت المؤشرات تدل، خلال النهار، الى ان درجة التعبئة عالية في اوساط خصوم نتانياهو العلمانيين وذلك لأسباب عديدة على رأسها خوفهم من ان يؤدي فوزه الى زيادة نفوذ المتطرفين الدينيين في الحكومة والمجتمع. وإذا كان معروفاً ان المتدينين يصوّتون بغالبية كاسحة لمصلحة اليمين وان العرب يصوتون بغالبية كاسحة لمصلحة مرشح اليسار فقد كان من الطبيعي ان يتم التركيز على "الصوت الروسي" الذي تحول الى "بيضة القبان" وربما الى عنصر حاسم لمصلحة باراك. ولوحظ ان التعبئة عالية في هذه البيئات على رغم ما اتضح من ان "العمل" لم يكن يملك "ماكينة" انتخابية في الوسط العربي وانه اكتفى بتوزيع منشور يدعو للاقتراع لباراك وهو الامر الذي رد عليه "ليكود" بمنشور مضاد يصف باراك بأنه "الجنرال قاتل العرب". ومع انه كان يفترض وقف الحملات الانتخابية امس فإن نتانياهو الذي احسّ بأن اتجاه الريح ليس لمصلحته تدخل اكثر من مرة عبر شاشات التلفزة لحضّ انصاره على التصويت، وهو ما اقتضى تدخل اللجنة المشرفة على الانتخابات لردعه. وبدا زعيم "ليكود" مثل رجل تخلى عنه اركانه اذ ان الوجوه البارزة في حملته فضلت منذ اول من امس الابتعاد عن "الكاميرا" تمهيداً لتحميله، منفرداً، عبء الخسارة اذا وقعت وإذا كانت كبيرة.