توقعت مصادر مغربية ان تتحسن العلاقات بين المغرب والجزائر بعد رسالة "ودية" وجهها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الى العاهل المغربي الملك الحسن الثاني. رأت اوساط مغربية في مضمون رسالة الرئيس الجزائري السيد عبدالعزيز بوتفليقة الى العاهل المغربي الملك الحسن الثاني، رداً على تهنئته بالفوز في انتخابات الرئاسة مؤشراً ايجابياً، لجهة معاودة بناء علاقات الثقة بين المغرب والجزائر. واضافت ان الرسالة تبدد مخاوف نتجت عن تصريحات تردد فيها ان المراجع الجزائرية تلمح الى امكان تقديم عناوين وارقام هواتف قياديين في جبهة "بوليساريو" الى السلطات المغربية، لحضها على مفاوضات مباشرة معهم، وصدرت تلك المخاوف بعد زيارات لمسؤولين في الحكومة الجزائرية لمخيمات "بوليساريو" في تيندوف. بيد ان تأكيدات الرئيس بوتفليقة للدور الذي اضطلع به الملك الحسن الثاني، الى جانب والده الراحل محمد الخامس، في دعم حركة التحرير الجزائرية، اعادت الى الاذهان مظاهر الوفاق المغربي - الجزائري، بخاصة ان بوتفليقة اوضح صراحة ان الجزائر، لا تكن للمغرب ملكاً وشعباً سوى المحبة والاحترام والتقدير، في اشارة الى تجاوز خلافات الانظمة التي ارتدت بعداً ايديولوجياً في السابق. وتوقف مراقبون أمام الوصف الذي اطلقه الرئيس بوتفليقة على نوعية المشاكل القائمة بين البلدين، وتحديداً من خلال السعي الى حلها في اطار تكريس علاقات حسن الجوار. ورأت اوساط محايدة ان تركيز الرئيس الجزائري على دلالات "الشرعية التاريخية" من خلال تضامن الشعبين المغربي والجزائري في معركة الاستقلال، والاشارة الى احتفالهما بذكرى 20 آب اغسطس من كل عام، يذهب في اتجاه استيعاب الشرعية التاريخية للاضفاء على الاوضاع الراهنة في الجزائر عقب انتخابات الرئاسة بعدا متميزاً. ورجحت المصادر ان تُشكّل اجتماعات لجنة المتابعة المغاربية في الجزائر مطلع الاسبوع المقبل بداية انفراج في علاقات البلدين، بخاصة ان المغرب عهد الى مسؤول جديد بتمثيله في الاجتماع هو السفير رشاد بوهلال وكيل وزارة الخارجية. وكان العاهل المغربي دعا الرئيس بوتفليقة الى "استئناف علاقات الاخوة"، واكد استعداد بلاده الاستجابة "لما يفرضه واجب حسن الجوار ووحدة العقيدة والايمان المتبادل ببناء مغرب عربي يسوده الوئام والتضامن والانسجام". الى ذلك اجرى رئيس مجلس النواب المغربي السيد عبدالواحد الراضي محادثات في الرباط مع الامين العام للاتحاد المغاربي السيد محمد عمامو عرضت امكان تفعيل مؤسسات الاتحاد. وابلغ عمامو المسؤول المغربي باجتماع لجنة المتابعة المغاربية واعداد جدول زمني لاجتماعات مؤسسات الاتحاد، على ان تنعقد القمة المؤجلة قبل نهاية العام الجاري. وتربط الاوساط المغاربية تسريع وتيرة الانفراج بإحراز تقدم اكبر في المساعي الرامية الى معاودة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ صيف 1994، خصوصاً ان اعداداً كبيرة من الرعايا الجزائريين قدموا الى الشريط الحدودي اثر انتخابات الرئاسة الجزائرية. وجرت، اتصالات بين الاهالي والاقارب في مناطق الحدود المشتركة، وقال رعايا مغاربة انهم يأملون بفتح الحدود قريباً لانعاش المبادلات التجارية وحل المشاكل الانسانية التي ترتبت عن غلقها. وعلى صعيد تطورات ملف الصحراء الذي شكل عائقاً امام التطبيع في علاقات البلدين، وافق مجلس الامن الدولي اول من امس على تمديد ولاية "المينورسو" في الصحراء الغربية الى 14 ايلول سبتمبر المقبل، بهدف الافساح في المجال امام معاودة عمليات تحديد الهوية وتنفيذ مسطرة الطعون والتوصل الى ابرام الاتفاقات ذات الصلة باجراء الاستفتاء المقرر في 20 تموز يوليو 2000، وطلب المجلس من الامين العام للامم المتحدة كوفي انان تقديم تقارير كل 54 يوماً لرصد التطورات التي تطاول التعاون في تنفيذ خطة التسوية السلمية، وضمنها ابرام اتفاقات حول وضع القوات وعودة اللاجئين "والتأكد ان مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين تعمل في شكل تام في المنطقة". وكان المغرب ابدى تحفظات عن قضايا عالقة في الاجراءات التي اقترحها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان. ووجه وزير الخارجية المغربي السيد محمد بن عيسى رسالة الى مجلس الامن اكد فيها التزام بلاده ارادة التعاون مع الاممالمتحدة لاجراء الاستفتاء. لكنه توقف عند "بعض التحفظات والتشككات"، وقال انها لم تبدد. وعرضت الرسالة تحفظات عن مسطرة تقديم الطعون المعتمدة، كون استخدامها "قد يتسبب في استبعاد آلاف الاشخاص المتحدرين من اصول صحراوية". وسجل وزير الخارجية ان هناك تحفظات اخرى تطاول الاعلان عن النتائج الجزئية لعملية تحديد الهوية. وطلب من مجلس الامن التعاطي في شكل متساو مع جميع طالبي تحديد الهوية، والاعلان عن النتائج اسبوعياً "كي يتسنى ضمان متابعة افضل وتحقيق مقدار اكبر من الشفافية". وانتقد بن عيسى تصرفات "شيوخ بوليساريو التي كانت سلبية في شكل ممنهج وألحقت اضراراً بطالبي التسجيل"، في اشارة الى انتقادات حول سير عمليات تحديد الهوية. ورأى ان انشغالات بلاده بهذه الاجراءات اساسية ومشروعة، وانه يأمل في "ان يجد الحاحه لدى رئيس مجلس الامن الجواب المناسب"، وقال ان اي تسوية في هذا الاتجاه ستجعل مواصلة عملية تحديد الهوية "بمنأى عن كل شبهة وتساهم في وضع مناخ الثقة الذي يرجوه الجميع". ومن جهته دعا الديبلوماسي احمد السنوسي، مندوب المغرب في الاممالمتحدة، الى ان تكون عمليات تحديد الهوية محاطة بأقصى قدر من الشفافية، واوضح في بيان اصدره في نيويورك ان المغرب يأمل في ان "يتمكن مرشحونا في نهاية المطاف من ممارسة حقهم كاملاً، ليتسنى تجاوز هذه المرحلة وتمكين اللاجئين الصحراويين من العودة الى وطنهم والمشاركة في جهود التنمية".