أكد إسلاميون عرب قريبون من اسامة بن لادن ان عملية الاقصر، التي وقعت في تشرين الثاني نوفمبر العام 1997، "لم يكن لابن لادن علم بها قبل وقوعها"، ونفوا ان يكون شارك في تمويلها. وقال هؤلاء، في اتصال هاتفي مع "الحياة" في القاهرة أمس، إن العلاقة بين ابن لادن وقادة "الجماعة الاسلامية" جيدة لكنها لا ترقى الى مستوى التنسيق في شأن العمليات العسكرية، ولفت هؤلاء الى أن افغانستان "كانت بوتقة انصهر فيها إسلاميون لكن كل تنظيم ظل على استقلاله في شأن أوضاعه الداخلية وظروف بلاده"، ولم ينكر هؤلاء أن يكون ابن لادن قدم مساعدات الى "الجماعة الاسلامية"، إلا أنهم أكدوا ان المساعدات تركزت على إقامة معسكرات لعناصر الجماعة على الاراضي الافغانية اثناء فترة الجهاد ضد الاحتلال السوفياتي، وكذلك نقل بعض العناصر من مكان الى آخر بعد خروج الاسلاميين من افغانستان من دون ان تشمل المساعدات وضع خطط لعمليات عسكرية داخل مصر والانفاق عليها. ونفى محامي "الجماعة الاسلامية" في مصر منتصر الزيات بشدة ضلوع ابن لادن في تمويل عملية الاقصر، التي اسفرت عن مقتل 58 سائحا بينهم 35 سويسرا واربعة مصريين اضافة الى منفذي العملية الستة الذين ينتمون الى "الجماعة الاسلامية"، واستبعد ان يكون القائد العسكري للتنظيم مصطفى حمزة لعب دوراً في إصدار الاوامر للمنفذين للقيام بالعملية. وكان مدير الشرطة السويسرية اورس فون داينكن اعلن في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة اول من امس ان مسؤولين مصريين ابلغوه ان لديهم معلومات تؤكد ان المذبحة موّلها ابن لادن وأن حمزة اصدر، اثناء اقامته في السودان قبل ان يتركها ويتجه الى افغانستان، تكليفاً بتنفيذها. واكد الزيات "ان كل المعلومات التي توافرت عن العلاقة بين ابن لادن و"الجماعة الاسلامية" من خلال الاعترافات التي ادلى بها عناصر في التنظيم قبض عليهم داخل مصر بعدما عادوا من السودان وافغانستان ودول اخرى، اكدت ان مستوى التعاون بين الطرفين لم يصل يوما الى حد التنسيق في شأن العمليات العسكرية التي نفذها التنظيم داخل مصر". ولفت الى "ان القاهرة لم تعلن منذ وقوع العملية رسمياً ملابسات العملية واكتفت بذكر اسماء خمسة من بين الستة الذين نفذوها"، مشيراً الى "ان البيان الذي وجد الى جوار جثث المنفذين الستة بعد مقتلهم تضمّن تحية الى حمزة باعتباره قيادياً ذا وزن في الجماعة، وكذلك اعتذاراً عن عدم تمكنهم من تنفيذ عملية سابقة كان حمزة أمرهم بها". واعتبر الزيات "ان الدراسة الدقيقة للبيان المذكور تثبت ان الستة نفذوا عملية الاقصر من دون الحصول على موافقة من حمزة او غيره من قاد التنظيم المقيمين في الخارج"، واضاف "منذ تفجير الصراع بين الحكومة والحركات الاسلامية في النصف الاول من 1992 نفذت الجماعة الاسلامية عشرات العمليات ضد رجال امن ومسؤولين بينهم وزراء، وهجمات ضد منشآت واهداف سياحية وقطارات وبنوك، ولم يرد اسم ابن لادن اطلاقاً في التحقيقات الخاصة بتلك القضايا في حين ذُكر اسمه اكثر من مرة في التحقيقات الخاصة بالقضايا التي اتهم فيها عناصر ينتمون الى "جماعة الجهاد" التي يقودها الدكتور ايمن الظواهري". ويذكر ان القيادي البارز في التنظيم الاخير أحمد ابراهيم السيد النجار الذي تسلّمته مصر من البانيا في حزيران يونيو الماضي وينتظر تنفيذ الحكم الصادر غيابياً ضده في قضية "خان الخليلي" أكد في التحقيقات معه في قضية "العائدون من البانيا" التي حوكم فيها حضورياً وصدر ضده فيها حكم بالاشغال الشاقة المؤبدة ان ابن لادن اعترض على العمليات التي ينفذها عناصر "الجهاد" داخل مصر ورأى ان ردود الفعل تجاهها تكون سلبية كما انها تتطلب اموالاً كثيرة وطلب ان يوجه عناصر التنظيم عملياتهم ضد الولاياتالمتحدة واسرائيل. والمعروف ان جماعة "الجهاد" لم تعتمد عمليات تستهدف ضرب السياحة الا انها خططت لتنفيذ عملية في حي "خان الخليلي" السياحي، لكن الظواهري ادلى بتصريحات اكد فيها ان العملية كانت موجهة ضد اسرائيليين اثناء وجودهم في الحي. واعتبر الزيات ان التفاعلات التي حدثت داخل "الجماعة الاسلامية" عقب وقوع حادث الاقصر "دليل على ان الامر خاص ب"الجماعة الاسلامية" وحدها دون اي طرف آخر"، ولفت الى ان موقف التنظيم نفسه من "الجبهة الاسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين" التي اسسها ابن لادن والظوهري وجماعتان من باكستان واخرى من بنغلاديش في شباط فبراير من العام الماضي "عكست حرص الجماعة على ان يظل قرارها وسياساتها مستقلة عن غيرها من التنظيمات والشخصيات الإسلامية الاخرى". وكان بيان التأسيس للجبهة الذي تضمن فتوى توجب على المسلمين قتل الاميركيين ونهب اموالهم، اشار الي ان مسؤول مجلس شورى "الجماعة الاسلامية" رفاعى احمد طه كان احد الموقعين عليه باسم تنظيمه، لكن طه عاد في اب اغسطس ونفى ان يكون وقّع على تأسيس جبهة تعمل ضد المصالح الاميركية. ورأى الزيات "ان الحديث عن ضلوع ابن لادن في حادثي تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام جعل الاميركيين والغرب يلصقون به مسؤولية اي عمليات اخرى حتى لو كان المنطق يستبعدها".