غالباً ما ينصب اهتمام الاسرة على الطفل الاول، فتغدق عليه الكثير من حنانها ورعايتها في حين يفتقد الطفل الثاني مثل هذا القدر من الاهتمام. ويرى الدكتور يحيى الرخاوي استاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة انه "اذا كان الطفل الاول يمثل الفرحة الأولى للأسرة، فإن الطفل الثاني قد يكون هو الاختبار الحقيقي لنوع الاسرة ومدى نضج والديه وقدرتهما على التعامل معه. واذا كان الطفل الاول يحصل على ميزة الاستئثار بالاهتمام قبل قدوم الوافد الجديد، إلا أنه يدفع ثمن هذا من ناحيتين: الاولى أنه يكون بمثابة معمل تجارب من جانب الأبوين في مجال التربية لا يخضع لها الطفل الثاني، ويكون التعامل معه اكثر استقرارا. والناحية الثانية ان العلاقات الاجتماعية للطفل الاول تصبح أصعب في الاسر الحديثة، اذ انه لا يجد من يؤنس وحدته داخل البيت، وهذا يعقد من تفاعله مع المجتمع". خبرة الأم وعن الاسلوب الامثل لتعامل الام مع الطفل الثاني، يقول الرخاوي: "الطفل الثاني يأتي بعد أن تكون الام بالذات مرَّت بخبرات كثيرة، سواء كانت هذه الخبرات سارة أم سيئة، ويدفع الطفل الثاني، ومن دون قصد من الام، ثمن هذه الخبرات. بمعنى اذا كانت الام اكتسبت خبرات جيدة، فإن ذلك سيعود بالنفع علي الطفل الثاني. أما اذا كانت خبرة الام التي اكتسبتها من تعاملها مع الطفل الاول سيئة فلا شك أن الذي يدفع ثمن هذه الخبرة السيئة هو الطفل الثاني". ويقول عن التعامل بين الطفل الاول والثاني: "الامر الذي يستدعي الانتباه في الحديث عن الطفل الثاني هو ما يلقاه من غيرة الطفل الاول، ويتوقف تأثير هذا العامل على فارق السن بين الطفلين، فإذا كان هذا الفارق محدودا فإن ذلك سيزيد من حدة الشعور بالخبرة من جانب احدهما تجاه الآخر. اما اذا كان فارق السن كبيرا فإنه سيسمح للطفل الاول بأن يحتضن شقيقه الاصغر ويحدث هذا خصوصا حين يكون الطفل الاول بنتا، فهى قد تعامل شقيقها الاصغر باعتباره دميتها الخاصة وهذا امر قد يقلل من الشعور من الغيرة، ولكنه في الوقت نفسه قد يجعل من الطفل الثاني مجرد شيء وليس كيانا بشريا مستقلا". ويضيف: "ويزداد الضرر الواقع علي الطفل الثاني اذا تبني الوالدان ايضا موقف الطفل الاول في معاملة طفلهم الثاني من دون قصد، على اعتبار أن الاصغر لا يدرك الاشياء بعد". ويرى الدكتور الرخاوي أن الطفل الثاني قد يصبح طفلاً بلا هوية، "ويحدث ذلك إذا لحقه طفل ثالث بسرعة ويزداد الامر حرجا إن كان الطفل الثالث هو الاخير، إذ سيظل الاول محط الانتباه لريادته، ولأنها الفرصة الاولى للاسرة، ويصبح الثالث "آخر العنقود"، بمعنى استئثار الاصغر والاول بالرعاية والتدليل ليبقي الطفل الثاني الاوسط من دون ان ينعم بزهو البداية او بانتباه الختام". ويختتم قائلا: "هذا ليس قاعدة ثابتة جامدة في كل الاحوال. فقد ينشأ الطفل الثاني افضل من الاول والاخير خصوصا لجهة تجنب الوالدين الاخطاء التي ارتكباها مع الاول ولا تتاح لهما الفرصة للتمادي في التدليل المفرط الذي يمكن ان يختص به الاخير".