قالّ مصدر مسؤول في صناعة النفط الليبية في حديث الى "الحياة" أن مجموعة الإستثمارات النفطية الدولية "اويل انفست" التي تملك كل الاستثمارات النفطية الليبية في الخارج ايطالياوسويسراوالمانيا مع شركات توزيع في كل أنحاء اوروبا، تمكنت من تحقيق مستوى لأصولها الثابتة بلغ أكثر من 5.3 بليون دولار، وأن حجم أعمال المجموعة حالياً يصل إلى ثمانية بلايين دولار. وانشئت المجموعة عام 1988 عندما قرّرت السلطات الليبية تأسيس منظومة لتنسيق تسويق نفطها في الخارج، وهي الآن تسوّق نحو نصف مليون برميل في اليوم من النفط الليبي في كل أنحاء أوروبا. وتشكّل المجموعة ذراعاً استثمارية خارجية مهمة لليبيا، التي تمتلك مصافياً في الخارج بطاقة تكريرية تقدّر بنحو 250 ألف برميل في اليوم و3000 محطة توزيع في كل من ايطالياوالمانيا واسبانيا وسويسرا وتشيكيا وسلوفاكيا ومصر إضافة الى أن ليبيا تسوّق حوالى 90 في المئة من المنتجات الليبية البتروكيماوية من الميتانول والاتيلين واليوريا والأمونيوم في العالم كله. كما أنها ايضا موجودة في سوق تزويد الناقلات العالمية، إذ أنها تبيع 600 ألف طن سنوياً من وقود البواخر لتزويد الناقلات. وتسوّق ليبيا جزءاً من إنتاجها من الزيوت الذي يبلغ 60 ألف طن سنوياً في العالم تحت شعار "تام اويل". وروى المسؤول ل"الحياة" كيف استطاعت ليبيا إنتهاج اسلوب في الاستثمار الخارجي حدّ من تأثير القرار الدولي بتجميد أرصدتها في العالم على أرصدتها الأساسية في اوروبا بإستثناء عشرة ملايين دولار جمدّت في بريطانيا قبل العقوبات. وأكدّ أنه لو لم تكن لدى ليبيا مثل هذه المنظومة الخارجية لكانت عانت أكثر من العراق. وأضاف أن ليبيا اتّبعت الأسلوب الاميركي في قضية الاستثمارات الخارجية: فالولايات المتحدة تنتج عشرة ملايين برميل من النفط ولكنها تستهلك 20 مليوناً في اليوم ويأتي جزء كبير من استهلاكها من شركاتها التي تنتج في الخارج. وذكر على سبيل المثال أن شركة "أسو" تنتج في مكسيكو وفي ليبيا وبالتالي لديها سيطرة عبر استثماراتها الخارجية. وتحدث المسؤول عن دخول ليبيا في استثمارات في دول لها معها علاقة عبر المصرف العربي الليبي والشركة العربية الليبية للإستثمارات الخارجية لفيكو. وقال: "عندما خرجت الشركات الاميركية النفطية من ليبيا منع استيراد النفط الخام والمنتجات الليبية من الشركات الاميركية، شمل ذلك حصة شركائنا الاميركيين بنحو 300 ألف برميل في اليوم. وبعد هذا القرار رأت السلطات الليبية ان من الضروري الدخول في سوق التجزئة لكي لا تفقد ليبيا قنوات التصريف ولتبني في الوقت نفسه علاقات طويلة المدى مع الشركاء، واتضح لنا عند ذلك مدى حاجتنا لقنوات تسويق لثروتنا في اسواقنا الطبيعية، وبالتالي تم شراء مصفاة تام اويل في ايطاليا". وتابع "اشترينا رخصة هذه المصفاة من الإدارة القضائية في ايطاليا وكانت مدينة ب300 مليون دولار، وتمكنا بعد التفاوض مع المصارف من خفض الدين وتحملنا 40 في المئة منه". وأضاف ان عام 1987 شهد فرصة أخرى عندما اشترت ليبيا مصفاة هامبورغ في المانيا وكانت تابعة لشركة "كوستال" الأميركية التي قدمتها لنا تعويضاً عن استثماراتها في ليبيا التي اضطرت للتخلي عنها نظراً إلى الحظر الأميركي. وفي عام 1988 ارتأينا ضرورة تنسيق نظام تسويقنا في الخارج من خلال منظومة انشأناها هي مجموعة الاستثمارات النفطية الدولية التي يملكها المصرف العربي الخارجي. وذكر أن مؤسسة الاستثمارات النفطية الدولية Oil invest تتوزّع ملكيتها بين المؤسسة الوطنية العامة الليبية التي تملك ثلثها والمصرف الليبي العربي الخارجي الذي يملك ثلثاً آخر، فيما يعود الثلث الأخير ملكاً إلى الشركة الليبية العربية للإستثمارات الخارجية "لافيكور". وأضاف انه انبثقت من ذلك مؤسسة قابضة اسمها Oil invest Bv Hollande التي تملك كل الاستثمارات في ايطالياوسويسراوالمانيا وشركات التوزيع الخارجية المختلفة. وأوضح أن لكل من الشركات استقلاليته في التحرّك، "فهناك الآن شركات خدمات والمكتب الرئيسي للخدمات في موناكو الذي يستفيد من الاجراءات الضريبية لمجموعة الاستثمارات النفطية الدولية، إضافة إلى شركة خاصة للنقل البحري في لندن هي "تام اويل شيبينغ" وشركة خاصة بتزويد النفط في قبرص". وأشار "إلى أن خطتنا عبر انشاء مؤسسة الاستثمارات النفطية الدولية كانت تقضي أن يسيطر انتاج نفط ليبيا على ما لا يقل عن عشرة في المئة من السوق الاوروبية، وهكذا عالجنا على المدى الطويل مشكلة ضمانة تسويق انتاجنا. فعندما يكون لدينا انتاج بنصف مليون برميل في اليوم نكرره ونسوّقه في أوروبا ليكون لدينا توازن". وقال: "اشترينا عام 1990 أيضاً في سويسرا مصفاة غات اويل من الادارة القضائية ورتّبنا مسألة دفع الديون التي كانت مترتبة عليها وعندما فُرضت العقوبات الدولية في 1992، واجهنا الواقع واتخذنا اجراء ببيع 55 في المئة من أسهم مجموعة الاستثمارات النفطية الدولية لشركائنا، فهكذا خرجنا من دائرة تجميد الأرصدة بما أن غالبية أسهم الشركة لم تعد ليبية". وأضاف "لو كانت الأصول جمدت في ذاك الوقت لكانت جمدّت أرصدة شركائنا فكان من الأفضل لهم أيضاً اعادة صياغة التواجد الليبي في المجموعة". وأكدّ المسؤول ان مشاريع الاستثمار الليبي الخارجية لم تبحث في إطاراقتصاديات السوق في شرق آسيا أو في اميركا اللاتينية، بل ركزّت على اوروبا، وعندما تكتمل استثمارات ليبيا في أوروبا ستعمل على تطوير استثماراتها في افريقيا التي تشكّل بعداً جغرافياً لليبيا.