ذهب نائب رئيس الحكومة اليوغوسلافية فوك دراشكوفيتش ضحية "حسابات داخلية" في بلغراد اثر تصريحات أكد فيها اخيراً ان بلاده مستعدة للقبول بتسوية الصراع مع الأطلسي عبر الأممالمتحدة. وأقيل دراشكوفيتش من منصبه في تطور يؤكد حجم الانقسام في بلغراد بشأن التعاطي مع الأزمة، كما يؤكد ان التيار المتشدد والمتحمس لمواصلة الحرب سجل انتصاراً على العقلانية. أذاعت وكالة انباء "تانيوغ" اليوغوسلافية الرسمية امس الأربعاء ان رئيس الحكومة مومير بولاتوفيتش اقال نائبه فوك دراشكوفيتش بسبب ادلاء الأخير بمواقف مخالفة لمواقف الحكومة. ولم تعط الوكالة مزيداً من التفاصيل. وجاء ذلك في وقت تكثفت في موسكو المحادثات الهادفة الى حل الأزمة في البلقان. واستقبل المسؤولون الروس وزير الدفاع الالماني رودولف شاربينغ غداة محادثاتهم مع نائب وزير الخارجية الاميركي ستروب تالبوت وعشية اجتماع رباعي تشارك فيه اليونان وكندا والأمين العام للامم المتحدة كوفي انان ويتوجه بعده المبعوث الروسي الخاص فيكتور تشيرنوميردين الى بلغراد. وأجرى وزير الدفاع الالماني رودولف شاربينغ محادثات في موسكو امس الأربعاء مع عدد من المسؤولين الروس مبدياً ثقته بوجود أمل في حل أزمة البلقان. والتقى شاربينغ وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف الذي ذكر من جانبه ان "امكانات الحل السياسي موجودة"، ولكنه قال ان الوضع "صعب للغاية". وفي حديث الى صحيفة "الموندو" الاسبانية، اكد الوزير الروسي ان "تحديد طبيعة الوجود الدولي" في كوسوفو هو العقبة الأساسية التي ينبغي تجاوزها للتوصل الى حل. وبحث هذا الاشكال في لقاء بين تشيرنوميردين ووزير الدفاع الالماني الذي قال ان "الأمل في تسوية سياسية قائم". وأعلن ان المبعوث الروسي الخاص سيتوجه الى بون ليلتقي اليوم الخميس المستشار غيرهارد شرودر. وأوردت وكالة "ايتار تاس" ان تشيرنوميردين سيتوجه الى بلغراد اليوم لعرض حصيلة المشاورات المكثفة التي شهدتها موسكو في اليومين الماضيين. وقال ل"الحياة" مصدر قريب من تشيرنوميردين ان المحادثات ستتناول نقطتين اساسيتين الأولى هي "صيغة" الوجود الاجنبي والدول المشاركة فيه والثانية الضمانات التي تمنح لعودة اللاجئين وبينها "تقليص" الحضور العسكري اليوغوسلافي في كوسوفو. وأكد المصدر ان ميلوشيفيتش وعد تشيرنوميردين بالموافقة على الوجود العسكري الاجنبي، لكنه طالب ب"إرجاء الاعلان" الى حين الاطلاع على رأي الطرف الآخر وتحديد الدول المشاركة. وابلغ "الحياة" خبير في شؤون البلقان ان وزارة الخارجية الروسية تصر على ان تكون القوات الاجنبية تحت علم الاممالمتحدة و"تفضل" ان يرتبط وجودها بقرار من مجلس الأمن يحدد صلاحياتها ومدة بقائها. وتابع ان تشيرنوميردين ربما يبدي "تساهلاً" في هذا الشأن وقد يوافق على ان يكون الحضور الاجنبي بقرار من الامين العام للامم المتحدة كوفي انان. ومن المقرر ان يجري انان اليوم محادثات في موسكو ويشارك في لقاء يعقده ايفانوف مع نظيريه اليوناني والكندي. وذكرت السفارة اليونانية في موسكو ان هدف اللقاء هو "تنسيق المواقف" لمعالجة مشكلة كوسوفو سياسياً. وفي حديث خاص الى وكالة "انترفاكس" ذكر انان ان الاممالمتحدة اتخذت موقف "المراقب الجانبي" حيال الاحداث، وأضاف ان بلدان الاطلسي اتخذت قرارها من دون العودة الى مجلس الأمن بسبب "غياب الوحدة" بين أعضائه. وتابع ان زيارته الى موسكو تهدف الى "تقريب مواقف الدول الدائمة العضوية" ما يعني استعادة مجلس الأمن لدوره. وقال ان هذه "رغبة الجميع". وشدد انان على ان روسيا يمكن ان يكون لها "موقف متنفذ" بفضل علاقاتها الطيبة مع بلغراد. وفي بروكسيل أ ف ب، اعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي خافيير سولانا امس ان هناك "اشارات الى تحرك الامور في بلغراد". واعرب عن أمله في ان يكون هذا التحرك في "الاتجاه الصحيح". وكان سولانا يشير الى تصريحات دراشكوفيتش والوزير اليوغوسلافي غوران ماتيتش التي المحت الى ان بلغراد مستعدة للتفاوض حول شروط الاسرة الدولية. واضاف في مؤتمر صحافي عقد في مقر الحلف الاطلسي في بروكسيل "اننا نأمل ان يكون هذا التحرك في الاتجاه الصحيح وسنحصل على معلومات ايجابية في الاسابيع المقبلة". وفي ما يتعلق بالتحركات الديبلوماسية في الايام الاخيرة لا سيما لقاءات تالبوت في موسكو، اعلن سولانا انه "تم تحقيق تقدم"، علما انه لا تزال هناك "نقاط خلاف بيننا". ويتوقع ان يجري سولانا في بروكسيل اليوم، محادثات مع تالبوت الذي زار امس برلين واجتمع مع انان وقال ان بلغراد "لم تعط ادنى مؤشر" على استعداد حكومة ميلوشيفيتش لقبول الشروط التي وضعتها المجموعة الدولية لتسوية النزاع في كوسوفو. واوضح تالبوت ان "بلغراد لم تعط ادنى مؤشر الى ان ميلوشيفيتش مستعد للمضي في اتجاه القبول بالنقاط الخمس التي وضعها الامين العام للامم المتحدة وصادق عليها الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي".