قال وزير التعاون الدولي والاستثمار الخارجي التونسي محمد الغنوشي إن الاستثمارات الأجنبية في بلاده تضاعفت مرتين العام الماضي وبلغت 900 مليون دولار، منها نسبة 10 في المئة من الاستثمارات العربية. وأضاف في مقابلة مع "الحياة" في الدوحة أثناء اشتراكه في اجتماعات المؤسسات المالية العربية أخيراً انه تم رفع رأس مال "البنك القطري - التونسي" لدعم العلاقات الاستثمارية. وأوضح ان مشروعاً مشتركاً بين البلدين لانتاج زيت الزيتون في قطر سيكتمل قريباً. وشدد الوزير التونسي على ان من الأولويات الاقتصادية دعم التعاون الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي من خلال السعي لإقامة منطقة تبادل حر، إضافة إلى دعم التوازنات المالية. ورأى ان المؤشرات الاقتصادية في تونس طيبة، وان معدل النمو بلغ نحو 7.5 في المئة منذ عام 1996 ولفت إلى أن تونس تركز على عمليات التصدير، وأشار إلى ارتفاع نسبة الادخار. وفي ما يأتي نص الحديث: الاقتصاد التونسي، كيف ترونه وماذا عن أوضاعه؟ - المؤشرات الاقتصادية في مجموعها طيبة، ومنذ 1996 بلغ معدل النمو 7.5 في المئة سنوياً، ويعتمد هذا على التصدير ونتج عن ذلك تنويع متزايد للاقتصاد باعتبار أن المساهمة الأساسية لهذا النمو هي من الصناعات المعملية والتحويلية والسياحة والنقل والمواصلات، وان نسق النمو معدل النمو مكّن بهذه الهيكلية من تحسين التوازنات المالية، فاعتمادنا على التصدير وتحقيق نسق معدل مرتفع للتصدير دعم التوازنات المالية ومكّن بصفة خاصة من رفع نسبة الادخار الوطني التي أصبحت تمثل 24 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، كما مكّن كذلك من تخليص خدمة الدين التي أصبحت لا تتجاوز 16 في المئة من الصادرات. وتخص المؤشرات الأخرى التي يمكن أن نذكرها الناحية الاجتماعية، وأقرت تونس منذ عام 1990 سياسة تعاقدية للأجور يتم التفاوض في شأنها كل ثلاث سنوات، وتمكنت على هذا الأساس من توزيع ثمرة النمو على مختلف الفئات، خصوصاً للأجراء، وسعت إلى تحسين ظروف العيش ومرافق الحياة للمناطق والفئات الفقيرة. كم يبلغ عدد الذين استفادوا من ذلك؟ - منذ عام 1993 تم إقرار برنامج يعتمد على تمويل في إطار التضامن الوطني للتدخل في المناطق الفقيرة وحتى 1998 تم التدخل لصالح 928 منطقة يقطنها 150 ألف تونسي، وتم تزويد هذه المناطق بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وتم مد الطرقات وبناء المستوطفات والمرافق العمومية من بريد وغيرها حتى يقع أدراج هذه المناطق في الحلقة الاقتصادية. ونحن نعتبر اننا بقدر ما نهتم برفع معدل النمو وبضمان التوازنات المالية بقدر ما يتعين دعم الناحية الاجتماعية وتحسين ظروف عيش التونسيين على اعتبار ان الناحية الاجتماعية تغذي الناحية الاقتصادية وتدعم الاستقرار الاجتماعي والسياسي. ماذا عن حجم الاستثمارات الأجنبية في تونس؟ - بلغت العام الماضي نسبة جيدة وقاربت البليون دينار نحو 900 مليون دولار، ما يعني أنها تضاعفت مرتين بالمقارنة إلى المستوى الذي بلغته عام 1997، وكانت هذه الاستثمارات مباشرة، وهي أساساً من مصدرين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وهما أهم المستثمرين. ما هي المجالات التي تركزت حولها الاستثمارات الأجنبية؟ - تركزت العام الماضي في مجال الصناعات المعملية وكان هذا أبرز قطاع استفاد من الاستثمارات الخارجية، وكان قطاع الطاقة الثاني، إذ استفاد في مجالات البحث والتنقيب واستغلال الآبار النفطية. أما القطاع الثالث فهو السياحي. ما حجم الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة؟ - بلغ العام الماضي 250 مليون دينار، أي ربع اجمالي الاستثمارات، وفي ميدان الصناعة المعملية بلغت نحو 700 مليون دينار تونسي. العالم يتهيأ لدخول القرن المقبل، ما هي أولوياتكم للسنة 2000؟ - ان أهم خيار في الأعوام الأخيرة وبصفة أدق عام 1995 هو الاندماج مرحلياً في مجال الاتحاد الأوروبي والمجال الاوروبي - المتوسطي، لدعم العلاقات الاقتصادية وإحداث منطقة تبادل حر على اعتبار ان العلاقات القائمة مع أوروبا خاصة جداً بسبب القرب الجغرافي، وتم عام 1995 التوقيع على اتفاق، وبدأنا برنامج خفض الرسوم الجمركية في بداية 1996، وسيمتد البرنامج على مدى 12 سنة، أي بين 1996 و2008، وعلى أساس هذا البرنامج شرعنا في برنامج طموح لدعم القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي مع الحفاظ على التنافسات الاجتماعية. ومنذ 1996 أصبحت الكلمة التي تستخدم أكثر من غيرها على الصعيد الاقتصادي في تونس هي "التأهيل"، أي ملاءمة التشريعات والترتيبات والبنية الأساسية والتدريب المهني، وملاءمة دعم الجودة وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي، لنواجه متطلبات إحداث وتركيز منطقة تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن هناك فارقاً تنموياً بيننا وبين الاتحاد الأوروبي على رغم المجهود والمكاسب التي تحققت في السنوات الأخيرة. إن في صدارة أولويات تونس اليوم هو تحديث الاقتصاد في مختلف مكوناته ودعم قدرته التنافسية من خلال 4 محاور أساسية، أولاً من خلال تعميق الاصلاح لدعم المردود العام للاقتصاد وتوفير الإطار التشريعي والتنظيمي والمؤسسي المناسب، وثانياً دعم البنية الأساسية كطرقات ومواصلات وموانئ ومطارات حتى تمكّن المؤسسة من الانتاج والتسويق في ظروف ملائمة. ويكمن المحور الثالث في دعم الموارد البشرية باعتبار ان العنصر البشري هو أهم مورد، ونجحنا على الصعيد الكمي والرهان المطروح هو التحسين الكيفي لنظامنا التربوي وملاءمة نوعية التكوين مع حاجات المؤسسة. ورابعاً مساندة القطاع الخاص في تحسين الجودة وضغط التكاليف و"الاندراج" الدخول شيئاً فشيئاً في شبكة التوزيع والانتاج الدولي. هذه هي أولوياتنا، وبرنامجنا الطموح الذي شرعنا فيه، وبنجاحنا وتوفيقنا فيه يمكن ان نحقق قفزة نوعية مهمة لأننا سنكون قادرين على منافسة المؤسسات الأوروبية في بعض الأنشطة التي نوفر لها ظروفاً ومناخاً، إذ لنا مزايا "تفاضلية" مهمة. في هذا الإطار، ماذا عن العلاقة التجارية مع الدول العربية، خصوصاً دول الخليج؟ - علاقتنا مهمة مع الدول العربية في مستويين اثنين، أولاً في مستوى الاستثمار، إذ تساهم الدول العربية بنحو عشرة في المئة من مجموع الاستثمارات الخارجية، وهناك وجود مكثف للاستثمارات العربية، خصوصاً الخليجية في قطاع السياحة والقطاع المالي. إذ توجد مؤسسات مصرفية مشتركة تونسية - خليجية، وتونسية - كويتية، وتونسية - إماراتية، وتونسية - قطرية، وتونسية - سعودية. أما المستوى الثاني فهو في مجال التعاون الفني، وهناك أكثر من 5 آلاف فني تونسي يعملون في قطاعات مختلفة في الخليج كقطاعات التعليم والصحة والهندسة والنفط والكهرباء وغيرها. ونحن نطمح إلى دعم علاقاتنا التجارية باعتبار ان الأولوية القصوى نوليها للتصدير وللتبادل التجاري، لأن هناك عدداً من الفرص التي يمكن استغلالها وتوظيفها لدعم التنمية وتشابك المصالح بين تونس والبلدان العربية، مما سيغذي أكثر الحركة الاستثمارية. لكن في هذا المجال لا بد أن نقول إن المستوى المسجل لا يزال متواضعاً إذا استثنينا الدول المغاربية، خصوصاً ليبيا التي تربطنا بها علاقات مهمة بحكم الجوار، أما العلاقات التجارية مع الدول العربية فهي متواضعة، إلا أننا نأمل مع بداية تنفيذ الاتفاقية العربية للتجارة الحرة أن يتم دفع العلاقات التونسية - العربية، وفي هذا الصدد تم في الأشهر القليلة الأخيرة انشاء مكتب تونسي للتصدير ودفع التصدير في دبي على اعتبار مكانة دبي كنقطة انطلاق للتجارة الخارجية، وهناك حرص لدعم التبادل التجاري مع البلدان العربية تكريساً لانتمائنا واستغلال للفرص التي يمكن ان تدعم قدرتنا التنموية. ماذا عن العلاقة القطرية - التونسية في مجال الاستثمار؟ - هناك استثمارات، ويقوم "البنك التونسي - القطري" بدور كبير لدفع حركة الاستثمار، وتم رفع رأس مال المصرف من الجانبين، وهو من المؤسسات الرائدة ويبلغ رأس ماله حالياً 50 مليون دولار، وهو يدعم العلاقات الاستثمارية بين البلدين. ويشهد التعاون الفني اتجاهاً تصاعدياً وارتفع عدد التونسيين العاملين في قطر ويتمتعون بظروف جيدة وظروف عملهم طيبة جداً. وهناك مشاريع مشتركة ستنجز في دولة قطر، ونأمل أن تدفع الحركة التجارية بين البلدين، ومن هذه المشاريع تعليب زيت الزيتون، ونحن من أهم مصدري زيت الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ الصادرات التونسية نحو 120 ألف طن زيت زيتون سنوياً ونحرص على دعم العلاقة مع قطر وتسويق هذه المادة في قطر. ويوجد مشروع لانتاج زيت الزيتون في آخر مرحلة للتنفيذ ويتم مناصفة بين تونسوقطر وكلفته 5 ملايين دولار، وسيقام في قطر وسيكتمل قبل نهاية السنة، حيث سيتوافر زيت الزيتون في الأسواق القطرية مكيفاً حسب الحاجات والذوق القطري. وهذا يبين نقاوة العلاقات وأهميتها، خصوصاً الطابع الشمولي الذي يميّز العلاقات التونسية - القطرية.