ارسلت اسرائيل امس طائرة محملة بالمساعدات الى مقدونيا والبانيا حيث لجأ الالاف من البان اقليم كوسوفو. لكن هذه المساعدات فقدت دلالاتها الانسانية في ظل تحفظ اسرائيل ضد هجوم قوات حلف شمال الاطلسي ناتو على بلغراد. وكانت اسرائيل اعلنت منذ اسبوع تقريباً عزمها تقديم مساعدات طبية وغذائية للاجئين الالبان للتغطية على صمتها المطبق الذي امتد أياماً ازاء ما يجري في يوغوسلافيا. ولا يعود هذا الصمت الى اهتمام بالصرب بقدر ما يهم اسرائيل عدم تأييد فرض الحلول في المنازعات القومية بالقوة على يد "ناتو" أو غيره. فرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي قال على مضض انه "يتفهم" قصف "ناتو" الجوي ضد صربيا، لم يستطع حتى الآن توفير رد على رسالة بعث بها زعيم الطائفة اليهودية في بلغراد اتسازنغر وطالب فيها بأن تعمل اسرائيل لدى الأميركيين على وقف هجوم "ناتو". والموقف "المحرج" الذي وضعت اسرائيل نفسها فيه بسبب عدم تأييدها الواضح لحليفتها الاستراتيجية الولاياتالمتحدة، حمل أيضاً وزير الخارجية الاسرائيلي أرييل شارون على التصريح قبل دقائق من تحليق الطائرة التي حملت الخيام والبطانيات والأدوية وعدداً من الأطباء بأن "اسرائيل تنظر بخطورة الى أي عمل قتل أو ذبح للأبرياء". غير أن ما لم يرد على لسان الوزير الاسرائيلي هو موقفه الحقيقي مما يحدث في البلقان. فقد نُقل عن شارون قوله في جلسات مغلقة انه "لا يوجد صالحون أو أشرار في المأساة الجارية في يوغوسلافيا، فصالحو الأمس هم أشرار اليوم والعكس صحيح". وترجمت أقوال شارون المنقولة مدى قلق اسرائيل مما يجري في البلقان، إذ أعرب عن اعتقاده بأن ما يجري في يوغوسلافيا "يلزم اسرائيل باستخلاص العبر وعليها أن تنظر الى أمام... في اللحظة التي تعرب فيها عن تأييدها لنمط العمل الذي نشهده في كوسوفو، فانها اسرائيل قد تصبح الضحية التالية". وأضاف شارون: "تصوروا أن يقرر العرب في الجليل شمال يوماً ما المطالبة بحكم ذاتي على صلة بالسلطة الفلسطينية؟". لكن موقف شارون الذي حاول أمس جاهداً تمويهه كان جلياً خلال اجتماع دعا اليه الاسبوع الماضي مع ممثلي السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى اسرائيل. إذ عندما طرح السفير الايطالي سؤالاً شدد على أنه "افتراضياً" ملخصه كيف ستتصرفون إذا ما هددتكم دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة باستخدام القوة اذا أصريتم على رفضكم التوصل الى اتفاق؟، رد شارون: "آمل بأن يبقى السؤال افتراضياً. اسرائيل لن تخضع أبداً للضغط الدولي". وعزز شارون موقفه المعارض "لتدخل ناتو" بالقول ان القصف "يوقع المعاناة ونتيجته هي عشرات آلاف أخرى من اللاجئين". وذهب بعض الصحف العبرية الى حد القول ان نتانياهو وشارون سمعا خلال زيارتهما لموسكو ان التنظيم السري الذي يقف وراء الثورة الالبانية "ممول من محافل اسلامية متطرفة ويقيم علاقات مع حزب الله ويتلقى جزء من أفراده دعماً مالياً من بن لادن". من جهة أخرى، نقلت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية عن مصادر اجنبية قولها ان الصرب وبواسطة ديبلوماسي اسرائيلي رفيع المستوى طلبوا من اسرائيل تحويل صفقة سلاح عسكرية فوراً. وقالت الصحيفة ان حكومة ميلوشيفيتش عرضت أمام الحكومة الاسرائيلية قائمة مشتريات تشمل معدات عسكرية وأدوية. وأشارت المصادر الى ان العلاقات العسكرية بين اسرائيل والصرب بدأت في العام 1992 حين زار وفد صناعي عسكري اسرائيلي بلغراد حيث تم بيع كميات كبيرة من القذائف.