قرأت باستغراب مقال السيدة راغدة درغام المعنون "كيف نجحت ليبيا حيث اخفق العراق"، المنشور في "الحياة" في عدد الجمعة 9 نيسانابريل 1999. المقال باختصار يفتقر الى الموضوعية. فالسيدة درغام تعيب على العراق فشله في التعامل مع القوى التي تقف وراء الحصار المفروض عليه وتدعوه الى الاستنباط من الاسلوب الليبي في المهادنة وتجنب "الاستفزاز والمواجهة اساساً في علاقته مع واشنطن، والابتعاد عن نمط التصعيد والمكابرة". السيدة درغام قلبت الحقيقة على رأسها حين قالت، بعد عرضها لشروط رفع الحصار في الحالتين الليبية والعراقية، بأن "وعليه، كان اسهل على العراق الخلاص من العقوبات نظراً لوضوح شروط رفعها، فيما كان اصعب بكثير على ليبيا ازالتها تماماً بسبب الغموض المتعمد". لا اعرف كيف توصلت الكاتبة الى مثل هذا الاستنتاج الخاطئ. فعلى رغم قناعتي بأنه لا مجال للمقارنة بين الحصارين، الا انه لا بد من الايضاح بأن رفع الحصار الجزئي في الحال الليبية كان مشروطاً بتسليم ليبيا للمواطنين المشتبه تورطهما في تفجير طائرة "بان اميركان" عام 1988. اما شروط رفع الحصار الشامل على العراق تغيرت وتصاعدت على مدى السنوات الماضية. وبات المراقبون وحتى الغربيون منهم يتندرون بأنه حتى الاممالمتحدة باتت تجهل ما المطلوب من العراق عمله لرفع الحصار. ففي العام 1990 كان الشرط هو انسحاب العراق من الكويت، وعندما تحقق الشرط في شباط فبراير 1991 اصبح الشرط الجديد هو ازالة اسلحة الدمار الشامل، ثم بات الشرط التعجيزي هو اثبات العراق لحسن نواياه تجاه جيرانه. ثم اصبح الشرط ارساء الديموقراطية في العراق الذي تم شرحه والاعلان عنه على لسان اكثر من مسؤول اميركي بأنه لن يتحقق ما دام صدام حسين في السلطة. اي ان الشرط السهل والواضح هو الاطاحة بنظام صدام حسين. فهل تتفضل السيدة درغام بشرح كيف توصلت الى الاستنتاج عن "سهولة ووضوح الخلاص من العقوبات". ليس هناك اي مجال للمقارنة بين الحصارين، وربما كان مجال المقارنة الوحيد هو الاسلوب البلطجي الذي تتعامل به اميركا مع الاشقياء العرب الذي حبذا لو تفضلت الكاتبة بالاشارة اليهولو على استحياء. بكنغهام - د. عمر عصام الطاهر