رئيس الوزراء الصومالي يغادر جدة    680 كفاءة استثنائية وباحثًا في قطاع التقنية يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    مركز تهيئة الدعاوى.. خدمات قضائية متكاملة تواكب المتغيرات    منع استخدام سكاكين المقابض الخشبية في المطابخ المركزية    5 خطوات تضعك في حالة ذهنية مثالية    1,200 مصطلح متخصص في النسخة الثانية من «معجم البيانات والذكاء الاصطناعي»    «بوسيل» ضحية تعنيف.. أم خطة ممنهجة لتشويه تامر حسني ؟    أمير القصيم يرعى تكريم 27 من الطلبة الأيتام من حفظة كتابه الله والمتفوقين دراسيا    هيئة الاتصالات ل«عكاظ»: 166 ملياراً حجم سوق التقنية في السعودية    المواقف السعودية ثابتة لم تتزحزح    «الإحصاء»: المملكة تتصدر مجموعة ال20 في مؤشر الأمان    نمو الإنتاج الصناعي و"غير النفطية"    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    السودان.. الجيش يحاصر "المنطقة المركزية"    روسيا تشترط تلبية مطالب بوتين للتسوية في أوكرانيا    4 يهددون صدارة «الدون» هدافي دوري روشن    بعد إقالة أروابارينا.. نجل يوردانيسكو يقترب من تدريب التعاون    انطلاق بطولة" موسم الرياض للبادل P1″ على ملاعب "بوليفارد سيتي"    لحساب الجولة ال 21 من دوري" يلو".. العدالة يواجه الزلفي.. والجبلين في اختبار العربي    أمير الشرقية يتسلّم شهادة تسجيل "القرية الشعبية" ضمن موسوعة غينيس    الإنسان قوام التنمية    نائب أمير مكة يطلع على خطة "التجارة" لرمضان    حادث يودي بحياة معلمة بالمدينة المنورة    إلزام المطاعم بتنظيم حركة مرور مندوبي التوصيل    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    3.1 مليار لمستفيدي "حساب المواطن"    الموافقة على تأسيس أول جمعية في مجال الميتاجينوم والميكروبيوم    رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون: منتدى الإعلام ينسجم مع الرؤية    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    منع بيع التبغ في الأكشاك والبقالات    "هاربن 2025": "أخضر الكرلنغ" يكتسح تايلاند مُسجلاً الفوز التاريخي الأول في الأسياد الشتوية    القادسية يجدد عقد المدرب الإسباني ميشيل جونزاليس حتى 2027    حرس الحدود ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    الاتفاق يؤكد غياب لاعبه "موسى ديمبيلي" حتى نهاية الموسم    أُسرتا مفتي ومؤمنة تتلقيان التعازي في فقيدهما    انطلاق فعاليات معرض الكتاب بجازان.. اليوم    إيلون ماسك: سأستعمر المريخ    NASA تطلق مسبار باندورا قريبا    Google عن Deepseek تقنيات معروفة ولاتقدم علمي    زهرات كريهة الرائحة تتفتح بأستراليا    فصيلة الدم وعلاقتها بالشيخوخة    علاج مبتكر لتصلب الأذن الوسطى    هزيمة النصر مطلب    ثانوية الحرمين تحتفل بذكرى يوم التأسيس    بشراكة بين جمعية السينما ومركز "إثراء"..    «هيئة الأدب» تختتم مشاركتها في معرض نيودلهي للكتاب    تريليون ريال مشتريات النقد الأجنبي خلال 3 أشهر    "مفوض الإفتاء بعسير": يستقبل آل جابر المُعين حديثًا    جمعية الكشافة السعودية تُشارك في اللقاء الكشفي الدولي العاشر    الديموقراطية الأمريكية بين رئيس الإبادة ورئيس التهجير القسري    السعودية.. ومزايدات القضية الفلسطينية    النمر العربي.. حماية وإعادة توطين    27 اكتتابا جديدا متوقعا في 2025    فجر السعيد: أعتذر للعراق وأعتزل النقد السياسي    حسن التعامل    تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي للمجندات الدفعة السابعة بمعهد التدريب النسوي    شعبان.. محطة إيمانية للاستعداد لرمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوكربي ... أخيراً ؟!
نشر في الحياة يوم 24 - 07 - 1998

محكمة اسكتلندية في العاصمة الهولندية ... تبدو الفكرة كأنها تطرح حلاً وسطاً بين الاقتراحات الليبية والشروط الاميركية - البريطانية. الهدف، كما هو واضح، تحريك قضية لوكربي بعدما ساهم طرفاها في تجميدها، ليبقى فيها شيء واحد هو الحصار المفروض على ليبيا. كان الحصار ولا يزال اجراءً غبياً، بدليل ان من فرضَه مضطر الآن للاعتراف بعدم جدواه في بلوغ الهدف المتوخى منه، اذا كان الهدف فعلاً محاكمة هذين الليبيين المشتبه في تورطهما في تدبير تفجير طائرة ال"بان أميركان" بركابها قبل نحو عشرة اعوام.
لم يُترك امام طرابلس سوى خيار التشكيك ب "عدالة" القضاء الاميركي، أو البريطاني، طالما ان العقوبة سبقت المحاكمة والحكم. هناك شخصان مطلوبان، لكن العقوبة ضربت بلدهما وشعبهما حتى قبل ان يحاكما. صحيح أن للمطلوبين صفة "رسمية" مفترضة، الا ان المسارعة الى الحصار وضعت النظام الليبي والدولة الليبية في قفص الاتهام، ما عقّد القضية وعرقل حلحلتها وترك أهالي ضحايا الطائرة في انتظار تعويضات لا تصل. انها العجرفة السياسية في سياق يتطلب المرونة أولاً وأخيراً.
اذا قُدّر لهذا الحل الوسط ان يفك عقدة المحاكمة، فإنه يعني اولاً ان واشنطن ولندن قبلتا بكامل وعيهما بتأخير عمل العدالة ست سنوات مع علمهما ان ثمة حلولاً. كما يعني، ثانياً، ان لا مبرر لاستمرار الحصار. لكنه يعني، خصوصاً، ان واشنطن ولندن قررتا الالتفاف على محكمة العدل الدولية التي أكدت قبل فترة، صلاحيتها للنظر في طلب ليبيا محاكمة مواطنيها. ولكن هل تقبل طرابلس الاقتراح الاميركي - البريطاني الاخير، أم تفضّل المضي في مسعاها لدى المحكمة الدولية لتفعيله كونه اكثر استجابة لتصورها للمحاكمة؟ الاكيد ان فكرة المحكمة الاسكتلندية في العاصمة الهولندية فتحت ثغرة في التعنت الاميركي - البريطاني وفي الحصار، لكنها تفتح نفقاً جديداً امام الليبيين الذين سيشتبهون بوجود فخ ما في الحل الوسط المطروح. كل شيء يتوقف على نوعية الاتفاق الذي سيعقد مع الحكومة الهولندية ومضمونه وخلفياته. ولا شك ان الفكرة الجديدة للمحاكمة تقدم "تنازلات" في الشكل وليس في المغزى أو المؤدى، خصوصاً ان واشنطن ولندن لا تنويان التخلي عن الحصار الذي تسهر الأمم المتحدة على تطبيقه.
بالطبع، ساهمت التطورات على مدى العامين الاخيرين في حضّ الاميركيين والبريطانيين على الاقتناع بوجوب كسر الجمود. قامت الجامعة العربية بجهود كبيرة لبلورة معالجة هادئة ورشيدة للأزمة، متعاطية خصوصاً مع الهدف المعلن محاكمة الليبيين المشتبه فيهما، لكن ارباب الحصار تعاملوا بتعالٍ وازدراء مع اقتراحات الجامعة على رغم جديتها. وما لبث الأفارقة أن دخلوا على الخط وقاموا بدور اكثر ديناميكية، حتى ان القمة الاخيرة في بوركينا فاسو دعت بوضوح الى خرق الحصار، متبنية ايضاً افكاراً شتى لحلول قانونية. وتجرّأ العديد من القادة الأفارقة في تحدي الحصار بهدوء ومن دون استفزازات على الطريقة الليبية. عدا ذلك، كان "لوبي" اسكتلندي نشأ لمتابعة القضية من دون حسابات سياسية أو ثأرية حيال النظام الليبي، وساهم هذا اللوبي في ابلاغ واشنطن ولندن ان ثمة ضيقاً من طريقتهما غير الواقعية في معالجة قضية تنطوي على حقوق يريدها أهالي الضحايا.
كان مفهوماً منذ البداية ان المقصود فعلاً بالمحاكمة هو النظام الليبي، بل اصبح مفهوماً ان المقصود أنظمة اخرى معروفة بقربها أو بتعاطفها مع طرابلس. من هنا ان المحاكمة مرشحة لمفاجآت لا يُعرف اذا كانت واشنطن تريد اطلاقها فعلاً والذهاب بانعكاساتها الى الحد الأقصى. المسألة فيها حسابات. وكما في العراق، كذلك في ليبيا وحتى في السودان، تقدم العقوبات على انها مشروع تغيير للنظام، بل مشروع خلاص للبلد وأهله. لكن مسار الاحداث أظهر ان العقوبات تعاقب الشعب أكثر مما تعاقب النظام، ثم ان النهج الاميركي يضع حتى المتحمسين للتغيير في وضع مستحيل، الى حدّ ان المطالبة بالغاء العقوبات تبدو كأنها تضامن مع النظام. في الإمكان حل قضية لوكربي بمقاربة اكثر بساطة، لتكن المحاكمة ولتظهر الحقيقة ولينتهِ الأمر. أما تغيير النظام فلا شك ان له سبلاً اخرى. وأما الاستمرار في اللعبة الحالية، من شروط وشروط مضادة، فينطوي على تكاذب آن له ان ينتهي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.