تصدر محكمة أمن الدولة العليا في القاهرة برئاسة المستشار حسن عمر اليوم الحكم في قضية تنظيم "الناجون من النار" المتهم فيها زعيم التنظيم ونائبه، فيما اعتبرت هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية "العائدون من ألبانيا" ان الأحكام في القضية قامت على "فساد في التسبب وقصور في الاستدلال"، وقدم أعضاء الهيئة أمس تظلمات الى إدارة القضاء العسكري طالبوا فيها بإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة قضائية أخرى. بعد نحو خمس سنوات من التداول في محكمة أمن الدولة العليا، يُسدل الستار اليوم على قضية "الناجون من النار" التي يعاد فيها محاكمة أمير التنظيم الدكتور مجدي الصفتي، ونائبه عبدالله أبو العلا اللذين يواجهان تهم "محاولة اغتيال وزيري الداخلية السابقين اللواء حسن أبو باشا واللواء النبوي اسماعيل، ونقيب الصحافيين السيد مكرم محمد أحمد، وتشكيل وإدارة تنظيم سري مسلح يهدف الى محاولة قلب نظام الحكم بالقوة، وتكفير الحاكم، وإباحة الخروج عليه، وحيازة أسلحة وذخائر ومتفجرات من دون ترخيص بهدف استخدامها في أعمال تتعلق بالإرهاب". وتعود وقائع القضية الى العام 1987، حين ظهر التنظيم على السطح ونفذ في شهر أيار مايو محاولة لاغتيال أبو باشا. واتهمت السلطات وقتها تنظيم "الجماعة الإسلامية" بتنفيذ العملية، واعتقلت عدداً من اعضائه. لكن عناصر "الناجون من النار" عادوا في شهر أيلول سبتمبر وحاولوا اغتيال النبوي اسماعيل، وفي الشهر التالي حاولوا اغتيال نقيب الصحافيين. وتمكنت أجهزة الأمن لاحقاً من تحديد عناصر التنظيم، وألقت القبض على عدد من أعضائه. بعد ذلك دهمت أعداد كبيرة من قوات مكافحة الإرهاب منزل القائد العسكري للتنظيم محمد كاظم في قرية "نكلة" القريبة من مدينة امبابة وقتلته. وفي بداية العام التالي وقعت معركة كبيرة بين قوات الأمن التي حاولت اقتحام منزل الصفتي، وعيادته في منطقة "الخرقانية" التابعة لمدينة شبين القناطر في محافظة القليوبية حيث كان الصفتي مختبئاً ومعه ثلاثة من اتباعه هم أبو العلا ويسري عبدالمنعم وعادل موسى عطية. وتمكن الاربعة من الفرار بعدما قتلوا شرطياً يدعى حمادة سلامة. وتمكنت أجهزة الأمن في وقت لاحق من القبض على عبدالمنعم وعطية في حين ظل الصفتي وأبو العلا فارين الى أن تم القبض عليهما العام 1994. وكانت محكمة أمن الدولة برئاسة المستشار عمر العطيفي نظرت في القضية عام 1989 وأصدرت أحكاماً بالاشغال الشاقة المؤبدة في حق خمسة من قادة التنظيم بينهم الصفتي وأبو العلا، وبالسجن لمدد متفاوتة لآخرين. ومعروف أن الصفتي أصدر أثناء جلسات القضية نهاية العام 1997 بياناً أعلن فيه تأييده مبادرة وقف العمليات المسلحة التي أطلقها القادة التاريخيون لتنظيم "الجماعة الإسلامية" في تموز يوليو من ذلك العام، ودعا الإسلاميين الى الانضمام الى المبادرة. وعلى عكس القضايا التي تنُظر أمام محاكم أمن الدولة، التي تعاد فيها محاكمة المدانين غيابياً بعد القبض عليهم، فإن القانون المصري لا يسمح بالطعن أو استئناف الاحكام الصادرة غيابياً من محاكم عسكرية. اذ يحق للمدانين فيها فقط تقديم تظلمات الى إدارة القضاء العسكري بعد صدور الأحكام وقبل المصادقة عليها. كما يحق لهم تقديم التماسات الى رئيس الجمهورية خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على الأحكام، لطلب تخفيف الأحكام أو إلغائها أو إعادة المحاكمة. لكن التظلمات والالتماسات التي قدمها محكومون في قضايا العنف الديني رفضت جميعها. وقدم أعضاء في هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية "العائدون من ألبانيا" أمس بالإنابة عن موكليهم تظلمات الى إدارة القضاء العسكري. وأفادت مصادر المحامين أن عدداً من المتهمين رفضوا تقديم تظلمات، بينهم المتهم الرئيسي أحمد ابراهيم النجار الذي صدر في حقه في القضية حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وينتظر أن ينفذ ضده في غضون أيام حكم بالإعدام صدر ضده غيابياً في قضية "خان الخليلي" العام 1997. واشارت الى أن التظلمات استندت الى أن الأحكام بنيت على "فساد في التسبب وقصور في الاستدلال". وأوضحت أن المحكمة لم تلتفت الى تأكيدات المتهمين بأنهم تعرضوا للتعذيب لدفعهم الى الادلاء باعترافات معينة، كما استبعدت تقارير طبية صادرة عن جهات رسمية اثبتت وجود إصابات في أجساد بعض المتهمين نتيجة التعذيب الذي تعرضوا له وأن التحريات التي قدمتها أجهزة الأمن اعتبرت أي شخص وجد في افغانستان أو باكستان عضوا في تنظيمي "الجهاد" أو "القاعدة"، على رغم أن بعضهم خرج من البلاد بعلم السلطات التي شجعت المصريين على السفر الى هناك للمشاركة في الجهاد الى جانب المجاهدين الأفغان. وطالب المحامون بإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة قضائية أخرى تقوم باستجواب المتهمين من دون ضغوط. وكانت المحكمة العسكرية العليا اصدرت في 18 الجاري الأحكام في القضية، وتضمنت الإعدام غيابياً لپ9 متهمين على رأسهم زعيم "جماعة الجهاد" الدكتور أيمن الظواهري، وشقيقه المهندس محمد الظواهري، والأشغال الشاقة المؤبدة والموقتة لپ78 آخرين. وبرأت المحكمة 20 متهماً.